لم ينجز الاستقلال بعد، وما زلنا تحت الاحتلال، فما هو العمل الذي تقوم به منظمة التحرير وذراعها في الداخل السلطة الوطنية في إطار مشروع الاستقلال؟ ما هو البرنامج الذي يتوزع إلى مهمات يومية؟ أعتقد أنه لا أحد في القيادات الفلسطينية بات يملك إجابات على هذه الأسئلة ومثلها كثير باتت مدعاة للقلق نتاج استمرار الوضع الحالي الذي بات أشبه بالسكون والعجز عن الحركة.
لا مقاومة مسلحة ضد الاحتلال ولا عمل جماهيرياً أثبت قدرته على مقارعة الجيوش ولنا تجربة بالانتفاضة الأولى، ذلك المشروع الذي تمخض عنه مؤتمر حركة فتح السادس ارتباطاً بمسار التسوية ولم تبذل الحركة أي جهد في إطار الكفاح الجماهيري ولا مفاوضات كانت المهمة الوحيدة المكلفة بها السلطة بعد أن قلب نتنياهو الطاولة في وجه الجميع، ولا شيء بات يقوم به النظام السياسي سوى إدارة شعب تحت الاحتلال وحتى في هذه لم تقدم النموذج القادر على إقناع الناس بجدارة الحكم.
إذاً لا شيء سوى البطالة الوطنية التي أصبحت مستشرية في مؤسسات المنظمة والسلطة والأحزاب والمجتمع المدني وكل شيء سوى قليل من العمل الرسمي مثل تلبية دعوات مؤتمرات، ونظراً لفائض البطالة تلبي المنظمة أيضاً دعوة لحضور مؤتمر ميزان المناعة والأمن القومي الإسرائيلي.
بات كبار موظفي السلطة وقادة منظمة التحرير يتصرفون كأننا في دولة حقيقية وكأن مشروع التحرر من الاحتلال أصبح خلف ظهورنا ،كأننا انتقلنا من مرحلة الثورة إلى مرحلة الدولة، وإن كان هناك تداخل في المسألتين بفعل الحالة الفريدة التي أقمنا فيها سلطة تحت الاحتلال تطلبت العمل على المسارين وإن كان الأمر ليس بتلك السهولة لكن بات من الواضح في السنوات الأخيرة أن مسار الكفاح قد توقف تماماً.
لقد أحدث ذلك حالة من الفراغ السياسي الذي بات مسيطراً على كل شيء، ولأن لا عمل ولا مهمات أدى ذلك لفقدان المؤسسات الوطنية دورها الوظيفي ولأن السياسة لا تعرف الفراغ فقد تحول الفعل اليومي في ظل هذه الحالة إلى مجموعة صراعات في الداخل، صراعات عائلية، والصراع الأبرز صراع الوراثة على رئاسة السلطة الذي يأخذ شكلاً علنياً وخفياً ولا يعرف بعد مَن يتآمر مع مَن ومَن يتحالف مع مَن، كثيرون هم الطامحون في غياب مطلق لسؤال الجدارة.
حركة فتح تعيش حالة انتخابات تحضيراً لمؤتمر بات من الواضح أنه لن يعقد، "انتخابات مناطق ...أقاليم ...ودعايات انتخابية ..واصطفافات"... باتت شغلها الشاغل منذ سنوات والمهمة الوحيدة التي تقوم بها حركة فتح بكافة هيئاتها بدءاً من صغار المنتسبين وصولاً للجنتها المركزية وفي ذروة هذا الانغماس لم يعد ينتبه أحد أن كل ذلك أحدث خللاً في ترتيب الأولويات الوطنية لدى هذه الحركة لصالح الموقع والمكانة والمنصب.
لم نعد صانعي سياسة ولا طرفاً فاعلاً في القضية، بتنا حالة انتظارية لأي مبادرة خارجية وإن كانت غير جادة تحاول تعبئة الفراغ الحاصل، وبات من الواضح أن ما يطرح في الآونة الأخيرة يصطدم بحكومة اليمين المتطرف إلى الحد الذي ترتطم فيه كل تلك المبادرات بحائط قوى من الصد غير القابل للتراجع في ظل تعاطي العالم بلا مبالاة مع السلوك الاستيطاني الذي قضى على حل الدولتين حتى قبل أن يسدل الستار على تجربة المفاوضات.
السلطة وجدت للتفاوض مع إسرائيل لتحقيق حل الدولتين، وعندما يحدث كل هذا الانزياح في المجتمع والنظام السياسي في إسرائيل نحو التطرف وتنتهي المفاوضات ويعجز العالم عن إلزام إسرائيل للعودة للطاولة بما فيها الولايات المتحدة نكون أمام تساؤل كبير عن السلطة عندما تفقد دورها الوظيفي ويصبح السؤال عن البرنامج البديل لمنظمة التحرير سؤال الضرورة.
قبل أكثر من ثلاث سنوات أثناء مفاوضات الأشهر التسعة التي أدارها جون كيري بعد أن مارس ما يكفي من الضغوطات على القيادة الفلسطينية وعندما تبدي التلاعب الإسرائيلي بكل وضوح تساءلنا هنا في نفس الصفحة: هل لدينا بديل حين تفشل المفاوضات؟ لم تظهر إجابة واتضح أن لا بديل جدي قادر على الضغط على إسرائيل. وكان السؤال الأبرز أين قوة الفعل الجماهيري؟ أين ما أقرته فتح في مؤتمرها؟
علينا أن نعترف أننا نعيش حالة من البطالة الوطنية، فقد تراجعت حدة الصراع مع إسرائيل والتي خططت لذلك لكننا لم نكن بمستوى الأداء والدهاء الذي تمكن من مقارعتنا، أشغلتنا في التفاصيل حتى غرقنا إلى جبهتنا وغرقت كل الجهات والقوى والأحزاب والمؤسسات.... غرقنا في صراعات داخلية باتت المشهد الأبرز في الحالة الفلسطينية، صراع الكل ضد الكل لا أحد يثق بالآخر ولا أحد يعترف بالآخر.
ونظراً لغياب الفعل الوطني غابت الرموز الوطنية وغاب النموذج القائد وغابت التراتبية التي تنتجها البطولة، وأصبح الكل يعتقد أنه مثل الجميع فانتشرت ثقافة التسابق على المناصب والمواقع وطوابير من المتقدمين والمرشحين لكل شيء طالما أنه لا أحد يفعل شيئاً حينها يتساوى الجميع في الكفاءة كما يتساوى تماما العاطلون عن العمل.
مع مرور الزمن نصبح قلقين أكثر على المشروع الوطني الذي بات يراوح في حالة العجز التي خطط وهندس لها الإسرائيلي جيداً، القضاء على حل الدولتين وتمدد المشروع الاستيطاني والحفاظ على الوضع القائم دون تغيير وأن ينشغل الفلسطينيون في همومهم اليومية وصراعاتهم البينية حد الإحباط إلى الدرجة التي يصبح فيها الرحيل الطوعي نتاج هذا الإحباط وهو الخيار الأكثر إغراء.
لا بد من كسر هذه الحلقة المفرغة ولا بد من إعادة التأمل فيما وصلنا إليه. فما زلنا تحت الاحتلال وما زال السكين الإسرائيلي ينغرس في لحمنا وما زلنا ننزف دماً وأرضاً وأن ما يحدث من صراعات جانبية هي نتاج حالة الفراغ والعجز وتراجع الثقافة الوطنية وتبدل الأولويات وإذا لم تكن المواقع والمؤسسات يتم ترتيبها وفقاً لأولوية الاستقلال ويبدو أنها لا تتم كذلك ...حينها علينا الاعتراف أننا نسير على الطريق الخطأ..!!
لا مقاومة مسلحة ضد الاحتلال ولا عمل جماهيرياً أثبت قدرته على مقارعة الجيوش ولنا تجربة بالانتفاضة الأولى، ذلك المشروع الذي تمخض عنه مؤتمر حركة فتح السادس ارتباطاً بمسار التسوية ولم تبذل الحركة أي جهد في إطار الكفاح الجماهيري ولا مفاوضات كانت المهمة الوحيدة المكلفة بها السلطة بعد أن قلب نتنياهو الطاولة في وجه الجميع، ولا شيء بات يقوم به النظام السياسي سوى إدارة شعب تحت الاحتلال وحتى في هذه لم تقدم النموذج القادر على إقناع الناس بجدارة الحكم.
إذاً لا شيء سوى البطالة الوطنية التي أصبحت مستشرية في مؤسسات المنظمة والسلطة والأحزاب والمجتمع المدني وكل شيء سوى قليل من العمل الرسمي مثل تلبية دعوات مؤتمرات، ونظراً لفائض البطالة تلبي المنظمة أيضاً دعوة لحضور مؤتمر ميزان المناعة والأمن القومي الإسرائيلي.
بات كبار موظفي السلطة وقادة منظمة التحرير يتصرفون كأننا في دولة حقيقية وكأن مشروع التحرر من الاحتلال أصبح خلف ظهورنا ،كأننا انتقلنا من مرحلة الثورة إلى مرحلة الدولة، وإن كان هناك تداخل في المسألتين بفعل الحالة الفريدة التي أقمنا فيها سلطة تحت الاحتلال تطلبت العمل على المسارين وإن كان الأمر ليس بتلك السهولة لكن بات من الواضح في السنوات الأخيرة أن مسار الكفاح قد توقف تماماً.
لقد أحدث ذلك حالة من الفراغ السياسي الذي بات مسيطراً على كل شيء، ولأن لا عمل ولا مهمات أدى ذلك لفقدان المؤسسات الوطنية دورها الوظيفي ولأن السياسة لا تعرف الفراغ فقد تحول الفعل اليومي في ظل هذه الحالة إلى مجموعة صراعات في الداخل، صراعات عائلية، والصراع الأبرز صراع الوراثة على رئاسة السلطة الذي يأخذ شكلاً علنياً وخفياً ولا يعرف بعد مَن يتآمر مع مَن ومَن يتحالف مع مَن، كثيرون هم الطامحون في غياب مطلق لسؤال الجدارة.
حركة فتح تعيش حالة انتخابات تحضيراً لمؤتمر بات من الواضح أنه لن يعقد، "انتخابات مناطق ...أقاليم ...ودعايات انتخابية ..واصطفافات"... باتت شغلها الشاغل منذ سنوات والمهمة الوحيدة التي تقوم بها حركة فتح بكافة هيئاتها بدءاً من صغار المنتسبين وصولاً للجنتها المركزية وفي ذروة هذا الانغماس لم يعد ينتبه أحد أن كل ذلك أحدث خللاً في ترتيب الأولويات الوطنية لدى هذه الحركة لصالح الموقع والمكانة والمنصب.
لم نعد صانعي سياسة ولا طرفاً فاعلاً في القضية، بتنا حالة انتظارية لأي مبادرة خارجية وإن كانت غير جادة تحاول تعبئة الفراغ الحاصل، وبات من الواضح أن ما يطرح في الآونة الأخيرة يصطدم بحكومة اليمين المتطرف إلى الحد الذي ترتطم فيه كل تلك المبادرات بحائط قوى من الصد غير القابل للتراجع في ظل تعاطي العالم بلا مبالاة مع السلوك الاستيطاني الذي قضى على حل الدولتين حتى قبل أن يسدل الستار على تجربة المفاوضات.
السلطة وجدت للتفاوض مع إسرائيل لتحقيق حل الدولتين، وعندما يحدث كل هذا الانزياح في المجتمع والنظام السياسي في إسرائيل نحو التطرف وتنتهي المفاوضات ويعجز العالم عن إلزام إسرائيل للعودة للطاولة بما فيها الولايات المتحدة نكون أمام تساؤل كبير عن السلطة عندما تفقد دورها الوظيفي ويصبح السؤال عن البرنامج البديل لمنظمة التحرير سؤال الضرورة.
قبل أكثر من ثلاث سنوات أثناء مفاوضات الأشهر التسعة التي أدارها جون كيري بعد أن مارس ما يكفي من الضغوطات على القيادة الفلسطينية وعندما تبدي التلاعب الإسرائيلي بكل وضوح تساءلنا هنا في نفس الصفحة: هل لدينا بديل حين تفشل المفاوضات؟ لم تظهر إجابة واتضح أن لا بديل جدي قادر على الضغط على إسرائيل. وكان السؤال الأبرز أين قوة الفعل الجماهيري؟ أين ما أقرته فتح في مؤتمرها؟
علينا أن نعترف أننا نعيش حالة من البطالة الوطنية، فقد تراجعت حدة الصراع مع إسرائيل والتي خططت لذلك لكننا لم نكن بمستوى الأداء والدهاء الذي تمكن من مقارعتنا، أشغلتنا في التفاصيل حتى غرقنا إلى جبهتنا وغرقت كل الجهات والقوى والأحزاب والمؤسسات.... غرقنا في صراعات داخلية باتت المشهد الأبرز في الحالة الفلسطينية، صراع الكل ضد الكل لا أحد يثق بالآخر ولا أحد يعترف بالآخر.
ونظراً لغياب الفعل الوطني غابت الرموز الوطنية وغاب النموذج القائد وغابت التراتبية التي تنتجها البطولة، وأصبح الكل يعتقد أنه مثل الجميع فانتشرت ثقافة التسابق على المناصب والمواقع وطوابير من المتقدمين والمرشحين لكل شيء طالما أنه لا أحد يفعل شيئاً حينها يتساوى الجميع في الكفاءة كما يتساوى تماما العاطلون عن العمل.
مع مرور الزمن نصبح قلقين أكثر على المشروع الوطني الذي بات يراوح في حالة العجز التي خطط وهندس لها الإسرائيلي جيداً، القضاء على حل الدولتين وتمدد المشروع الاستيطاني والحفاظ على الوضع القائم دون تغيير وأن ينشغل الفلسطينيون في همومهم اليومية وصراعاتهم البينية حد الإحباط إلى الدرجة التي يصبح فيها الرحيل الطوعي نتاج هذا الإحباط وهو الخيار الأكثر إغراء.
لا بد من كسر هذه الحلقة المفرغة ولا بد من إعادة التأمل فيما وصلنا إليه. فما زلنا تحت الاحتلال وما زال السكين الإسرائيلي ينغرس في لحمنا وما زلنا ننزف دماً وأرضاً وأن ما يحدث من صراعات جانبية هي نتاج حالة الفراغ والعجز وتراجع الثقافة الوطنية وتبدل الأولويات وإذا لم تكن المواقع والمؤسسات يتم ترتيبها وفقاً لأولوية الاستقلال ويبدو أنها لا تتم كذلك ...حينها علينا الاعتراف أننا نسير على الطريق الخطأ..!!