لا تــوجـد حلـول سحريـة للعملـيـات

thumb.php
حجم الخط
كانت إسرائيل في نهاية هذا الاسبوع قريبة من التدهور الذي يمكنه أن يؤدي الى الحرب رقم 4 في غزة في السنوات الست الاخيرة. فالوضع يذكر بالأحداث المتصاعدة التي أدت الى حملة «الجرف الصامد» قبل سنتين، والتي لم يكن أي من الطرفين يرغب فيها، لا اسرائيل ولا «حماس».
بدأت موجة الاحداث، الخميس الماضي، بقتل الفتاة ابنة الـ 13 هيلل يافا ارئيل من كريات أربع، واستمرت بعملية «الارهاب» في السوق في نتانيا، وانتقلت يوم الجمعة الى سحب سكين على مقاتلة حرس الحدود من قبل «مخربة» صفيت في الحرم الإبراهيمي، وانتهت بقتل ميخائيل مراك في جنوب الخليل، والاصابة الشديدة لزوجته واصابات طفيفة لاثنين من أطفاله.
بالاجمال أربع عمليات «ارهابية» في غضون نحو 30 ساعة، انتهت بقتيلين. في اعقاب ذلك اتخذت اسرائيل خطوة امتنعت عنها في الاشهر العشرة الاخيرة، منذ بدأت موجة «الارهاب» الحالية. فقد فرضت طوقا واسعا على جبل الخليل، الاكبر منذ حملة «عودوا أيها الابناء» قبل سنتين، حين استهدف الطوق العثور على قتلة تلاميذ المدرسة الدينية الثلاثة واعتقال مئات من رجال «حماس». هذه المرة أيضا كان هدف الطوق هو العثور على قتلة ميخائيل مراك والحصول على معلومات استخبارية ولكن فيها عنصر كامل متفجر لرد فعل من الفلسطينيين ومواصلة الدائرة المفرغة من العملية ورد الفعل عليها.
في ليل السبت، اطلق صاروخ من غزة، اصاب المركز الجماهيري في سدروت. وكان هذا على ما يبدو هو رد الفعل على الطوق على الخليل. وكما هو متوقع، فان تنظيما ارهابيا مؤيدا لـ «داعش»، متحديا «حماس»، أعلن المسؤولية عن إطلاق الصاروخ. غير أنه ليس مهما لحكومة اسرائيل من أطلق الصاروخ. فبالنسبة لها، «حماس» هي صاحبة السيادة في القطاع ومسؤولة عن تنفيذ وقف النار الذي تحقق في ختام «الجرف الصامد». وفي طقوس ثابتة ردت اسرائيل على اطلاق الصاروخ بغارة من الطائرات ضد أهداف لـ «حماس». وحسب بلاغ الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي فقد هوجمت اربعة اهداف. وبلغت وسائل الاعلام الفلسطينية عن ستة اهداف، بما فيها مشغل للخراطة ينتج قطعاً للصواريخ.
والتأم المجلس الوزاري السياسي الامني للبحث في الوضع. واوضح وزير التعليم، نفتالي بينيت، أن في نيته طرح سلسلة من الاقتراحات تنز منها رائحة المزيد من الامر ذاته. وتستهدف اقتراحات بينيت التشكيك في صلاحيات وزير الدفاع حديث العهد افيغدور ليبرمان.
عمليا فان مخزون او بنك ردود الفعل لدى اسرائيل معروف وبيّن: هدم منازل، اغلاق، طوق، تجميد اموال الضرائب المنقولة الى السلطة، سحب تصاريح العمل من ابناء عائلات المشاركين في العمليات «الارهابية» وتعزيز قوات الجيش الاسرائيلي في الضفة. وبالفعل، أرسلت في نهاية الاسبوع كتيبتان اخريان للقيام بالامن الجاري. أما عمليا فان نحو 60 في المئة من قوات الجيش الاسرائيلي النظامية تعنى بتعزيز النظام والامن في الضفة.
بقدر ما هو معروف، فان جهاز الامن يواصل تبني نهج وجوب بذل جهود كبيرة للتمييز بين منفذي العمليات وبين باقي السكان، وعدم الاثقال على حياة السكان العادية من خلال العقاب الجماعي، مثلما كان في قمع الانتفاضة الثانية قبل عقد ونصف. واذا كان ليبرمان، الذي منذ تسلمه مهام منصبه يبدو أنه يتبنى موقف الجيش الاسرائيلي، لن يغير هذا النهج، فمن المعقول الافتراض بان الطوق سيرفع في غضون وقت قصير.
عمليا، لا تخرج احداث اليومين الاخيرين عن طابع موجة العنف الحالية. فالحديث يدور عن «ارهاب» الافراد، معظمهم شبان، ليس لهم انتماء تنظيمي. منطقة الخليل – المعروفة بأنها تجمع كبير لمؤيدي «حماس» وبيت كبير لبعض منظمات السلفية الجهادية الصغيرة – مرشحة للشغب. هكذا ايضا العملية في نتانيا، التي كانت من عمل عاملين لا يحملان التصاريح في اسرائيل.
في الكابنت ايضا، ولا سيما في الجيش والمخابرات، يعرفون بأنه لا توجد حلول سحرية. فطالما استمر الاحتلال، ولم تستأنف المفاوضات مع الفلسطينيين، ولا أمل في التغيير والافق السياسي، وحكومة نتنياهو غير معنية بذلك والسلطة الفلسطينية لابو مازن تمتنع عن خطوات شاغرة، فسيستمر «الإرهاب» بموجات تعلو وتهبط وبتواتر متغير.
ينشر الناطق بلسان نجمة داود الحمراء بين الحين والآخر معطيات عن عدد المصابين في احداث «الارهاب». منذ بدأت الموجة قتل 41 اسرائيليا واجنبيا واكثر من 200 فلسطيني (في حوادث الطرق في  2015 قتل 357 شخصا. فهل هذا عدد «محتمل» من الضحايا، يتمكن الطرفان حاليا من التكيف معه ومواصلة حياتهم العادية اليومية؟ كما يبدو فان الطرفين مستعدان بالفعل لدفع هذا الثمن للمواصلة في الوضع الراهن – الستاتوس كو. المشكلة هي، مثلما رأينا في نهاية الاسبوع أيضا، بأن كل حدث ينطوي على امكانية كامنة للتصعيد والتدهور قد تخرج عن السيطرة وتتطور إلى مواجهة أوسع بكثير، لدرجة الحرب.