إغـــــلاق الفيسـبـــوك

335685ff7900c127adb6e9498af507de
حجم الخط
تُظهر الاستطلاعات أن الأغلبية الساحقة من الجمهور اليهودي في اسرائيل تعارض اتفاق المصالحة مع تركيا لأنه لا يشمل اعادة جثتي الجنديين اورون شاؤول وهدار غولدن الموجودتين لدى «حماس». مصدر المعارضة هو الجهل العميق، حيث إن تركيا لا تستطيع أن تفرض على «حماس» إعادة الجثث، وكل اتفاق لاعادة الجثث يتم بالمفاوضات التي ستلزم اسرائيل ايضا بتقديم تنازلات لـ»حماس». وفي جميع الاحوال يبدو أن الفائدة السياسية والاستراتيجية المتعلقة بالاتفاق مع تركيا، بالنسبة لجميع الاسرائيليين، تفوق الى حد كبير الغاء الاتفاق باسم مطلب إعادة جثث الجنود من اجل دفنها في اسرائيل.
الاعتراض الشديد على الاتفاق ليس نتيجة لحملة ضده في وسائل الاعلام الرسمية. الصحف والمواقع الالكترونية والتلفاز الأبرز في اسرائيل، تؤيد الاتفاق. تنبع المعارضة من زاوية تضليلية نشرت على الفيسبوك، يتعاطى معها من لا يثقون بوسائل الاعلام الرسمية ولا يستمعون اليها.
خلال اليوم الذي نشرت فيه نتائج الاستفتاء الشعبي الذي حسم فيه البريطانيون تأييدهم مغادرة الاتحاد الاوروبي، كان سؤال البحث في «غوغل» في بريطانيا والذي وصل الى المرتبة الثانية «ما هو الاتحاد الاوروبي». وفي المكان الاول ظهر السؤال «ماذا تعني مغادرة الاتحاد الاوروبي»، وفي المكان الثالث «من هي الدول الأعضاء في الاتحاد الاوروبي».
لو كنتم تتصورون أن هذه الاسئلة تبرهن على قلة وعي المصوتين الذين أيدوا الخروج من الاتحاد الاوروبي – خذوا في الحسبان بأن «غوغل» قالت بأن السؤال «ما الذي سيحدث اذا تركنا الاتحاد»، قد تضاعف ثلاث مرات بعد ثماني ساعات.
على خلفية هذه المعطيات، من الواضح أن الكثير من المصوتين يؤيدون الخروج ولا يفهمون حقيقة على ماذا يصوتون ولماذا لم يحصلوا على المعلومات من وسائل الاعلام الرسمية، بل استندوا الى معلومات مضللة في الفيس بوك.
هذا ينطبق ايضا على مصوتي دونالد ترامب. لأنه من الصعب أن تكون مستهلكا لوسائل الاعلام الرسمية في الولايات المتحدة وأن تكون مؤيدا لترامب. المشكلات الشخصية المكشوفة لديه تحوله الى شخص غير مناسب بشكل متطرف لمهمة الرئاسة. لا يوجد لديه أي موقف منهجي وثابت في أي موضوع، واغلبية ادعاءاته خاطئة. وهذا الامر يعرفه كل مصوت يؤسس موقفه عن طريق التداخل مع وسائل الاعلام الرسمية. لكن مواقف الكثير من مصوتي ترامب تتشكل عن طريق الفيس بوك.
إنه الفيسبوك ذاته الذي يشكل مواقف الجهاديين في العالم العربي ويسمح للارهاب الاسلامي المتطرف بنشر ايديولوجيته والتحريض. الفيسبوك نجح في اضعاف وسائل الاعلام الرسمية، وهو يهدد بفرض نظام عالمي عنصري وانفصالي وقبلي وديني مليء بالعنف اللفظي، وتفكيك أي هوية عالمية انسانية وليبرالية.
زمرة الفيسبوك تدعم دولا وقادة مصابين بالجنون والتدمير. الطريق الى جهنم معبدة بالنوايا الحسنة لمارك تسوكربيرغ – شراكة، صداقة، اعجابات، تجاوز الحدود، تجارب في التفكير، حيث من الواضح أن هذا غير قابل للتطبيق: ماذا سيحدث اذا أغلقنا الفيسبوك؟ يبدو أن هذا فقط سيفيد العالم ويتوقف السقوط القيمي الذي يدفننا تحته.