لم يعد بالإمكان إنكار شيوع ظاهرة الإلحاد في المجتمع العربي المسلم في الفترة الأخيرة، فمنتدى اللادينيين العرب، يضم 7000 عضو، وكان عدد زواره يتجاوز 4000 زائر فى اليوم الواحد.
وعلى "اليوتيوب" نجد عدة قنوات بعضها تجاوز حاجز المليون مشاهدة، بالإضافة إلى مئات الحسابات التى تضم عضوية قليلة بالمئات أو بالعشرات.
وموقع الحوار المتمدن يدخله 70 ألف زائر يومياً، وعدد كتاب المقالات 18 ألف كاتب، و موقع إلحاد الذي يدخله 10 آلاف زائر يوميا، ويضم 14 ألف عضو، و شبكة اللادينيين العرب يدخلها 4 آلاف زائر يوميا، وتضم 7000 عضو.
فمن الذي يقف وراء هذه الدعوة، ومن يمولها؟ وما مصلحته؟
من يقف وراء الإلحاد؟
ثمة مؤسسات عالمية ترعى الإلحاد و ترعى الملحدين منها مثلا "التحالف الدولي للملاحدة" ATHEIST ALLIANCE INTERNATIONAL، رابطة الملاحدة، مؤسسة ريتشارد دوكنز لدعم العقل والعلم "انظر كيف يستخدم مصطلح العقلانية والعلمية"، الاتحاد الدولي للاتجاه الإنساني والأخلاقي، الربطة الدولية لغير المتدينين والملحدين، حتى إن بعضها تعطي مساعدات مالية كبيرة للمنظم فيها حسب فاعليته بتقسيم مساعد وثني مستثمر كافر مرتد متحمس ممول متحرر داعم عقلاني تصل الى 350 دولار شهريا وهو مبلغ جيد في بعض الدول الفقيرة.
ومهما يكن من هيئات ومؤسسات وشخصيات ودول تدعم الإلحاد وتسوق له، فإن الأهم هو رصد ما يقدمونه من شبهات يزخرفون بها هذا الباطل، فالإلحاد في النهاية موقف فكري من الدين، معاداة لوجود إله للكون، أو هكذا يسوق له على أنه موقف فكري ناضج ومتقدم على ما سواه من الخرافات والأوهام.
وهذا يقتضينا بدوره أن نرصد أهم هذه الشبهات العقلية، التي يروجون للإلحاد من خلالها، لندل أصحاب الفكر والعقل للقيام بواجبهم في تفنيدها، والتحذير من الانزلاق وراءها، وفيما يلي بيان لأهم هذه الأراجيف:
مداخل الإلحاد وأبرز أنواعه
يمكن تصنيف مداخل الإلحاد ومدارسه وأنواعه إلى الآتي:
1- الإلحاد الصبياني: ويكون بالإلحاح على السؤال الصبياني: إذا كان الله قد خلق الكون؟ فمن خلق الله؟
وعلاج هذا المدخل يكون بتعليم وتبسيط أدلة التوحيد الموجبة لوجود الله المعروفة.
الإلحاد موقف فكري من الدين، معاداة لوجود إله للكون، ويسوّق له على أنه موقف فكري ناضج ومتقدم على ما سواه من الخرافات والأوهام
2- إلحاد المراهقين: وهي تلك المرحلة العمرية، التي يتصور فيها الإنسان أن عنده من العقل ما يُمكِّنه من الوصول إلى الحقائق، وأن عقله يعلو على عقل الجميع، ومن صور هذا الإلحاد:
(أ) – إلحاد الندية والكِبر. وأبرز من مثلها في التاريخ النمرود، قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} ويذكر الدكتور عمرو شريف أن شابا قتل بعوضة، ثم قال له: إذا كان الله قادرا على أن يعيدها إلى الحياة فليفعل!
ومن أمثلته المعاصرة قولهم: إذا كان الله لن يستفيد شيئا من عبادتي فلِم يُتعبنا؟
ومن الأجوبة السديدة عن هذه الشبهة: إن قواعد المنظومة يضعها الإله الخالق، وليس أمام العبيد سوى الالتزام بالقواعد، فمثلا أمامك لعبة الكرة، بها مجموعة من القواعد، وأنت إما أن تلعبها حسب هذه القواعد أولا تلعب، لكن لا يمكنك التعديل والتغيير.
(ب)– إلحاد التمرد:كقول بعضهم: أنا مستعد أن أدخل النار حرا، ولا أدخل الجنة عبدا.
(ج)– إلحاد خالف تُعرف: يذكر بعض المربين في هذا المجال أن طالبا رسب في الدراسة، بينما نجح إخوته، فلم يجد إلا أن يثير وينشر أحاديث الإلحاد في المدرسة؛ ليُعرف ولو بالشر!
(د)– إلحاد الاستغناء: يذكر بعض المربين في هذا المجال أنه التقى شابا سار في طريق الإلحاد، مبررا سلوكه بأنه "مبسوط كدة" وبأنه لا يشعر بالحاجة إلى الإيمان.
3- إلحاد الربوبية: يقول أصحابه : نؤمن بأن لهذا الكون خالقا، لكن لِمَ لا يكون خلقنا وتركنا ؟ ما الدليل على أنه طلب منا عبادته؟
وعلاج هذا المدخل: أن من يصنع شيئا في دنيانا دون غاية أو هدف معدود في البلهاء، فكيف نصف الله بما ننزه عنه أنفسنا.
4-إ لحاد الجبر والتسيير: يقول أصحابه: لماذا يُجبرني الله على شيء دون أن يأخذ رأيي قبل أن يخلقني؟
ومن الردود السديد ما قاله الدكتور عمرو شريف لصاحب هذا المنطق: إذا لم تكن راضيا بهذه التكاليف انسحب بالانتحار، فليس هناك كما تتصور حساب، فما يمنعك من الانتحار؟
(1) إلحاد الإله العاجز: يقول أصحاب هذا المنطق : هل يستطيع الله أن يخلق أحدا أقوى منه؟ أو صخرة يعجز عن حملها؟ فإذا كان لا يستطيع فهو عاجز، وإن استطاع فليس هو الأقدرـ تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا
والإجابة أن هذا السؤال مبني على تناقضات عقلية، كالطلب من إنسان أن يرسم دائرة مربعة! كيف يمكن خلق إله، والإله يكون خالقا لا مخلوقا!
(2) إلحاد الإله المخادع: يقول أصحاب هذا النوع: أنتم تقولون: إن الإسلام هو الدين الحق، فكيف يرسل الله أنبياء بأديان باطلة؟
وجواب هذه الشبهة: أن الرسالات السماوية جميعا هي الإسلام، وأنه ما من نبي أُرسل إلا وبين لأتباع الرسالات السابقة ما شابها من تحريف.
إن الله لم يأمر الإنسان بمحاربة غرائزه، ولكنه أباح لها إشباعهها وفق منهج منضبط لا يؤدي إلى أضرار تُفسد المجتمع
(3) إلحاد الإله القاسي:يقول أصحاب هذه الشبهة: كيف يعذب الله االعاصي بعذاب أبدي، لا يحتمله بشر؟
ويقال جوابا عن هذه الشبهة: إن الله أرسل رسله مبشرين ومنذرين، ولم يأخذهم عَنوة، وينبغي أن ننظر إلى ميزان الحسنات والسيئات لنعلم كم كانت رحمة الله عز وجل، ففي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيما يرويه عن ربه :
"إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له عنده عشر حسنات إلى سبع مائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له سيئة واحدة" رواه البخاري(6491) ومسلم (207)
ويُضيف أصحاب هذه الشبهة: إن مادة العذاب ذُكرت في القرآن قرابة أكثر من 400 مرة، بما يفوق أي كلمة أخرى، ولا شك أن هذا يدل على الشدة والقسوة.
والجواب: أن ذكرها على هذا النحو جاء تحذير الإشفاق من الوقوع في العذاب، بما يدل على كمال الرحمة.
(4) إلحاد التعنت والسَّفه: يقول أصحاب هذا المنطق : كيف يعطيني الله القدرة على المعصية، ثم يطلب مني ألا أقع في المعصية؟ كيف يُركِّب فيَّ حب الغرائز ثم يحرمُ علي إشباعها!
والجواب عن هذه الشبهة: أن الله لم يأمر الإنسان بمحاربة غرائزه، ولكنه أباح لها إشباعهها وفق منهج منضبط لا يؤدي إلى أضرار تُفسد المجتمع،فحرم الزنا، وأباح النكاح…وهكذا، فلم يُحرِّم إلا الضار المفسد، وأباح كل نافع طيب.