تبدأ في موسكو الاثنين مفاوضات بين النظام السوري ومعارضة الداخل برعاية روسية للمرة الاولى منذ توقيع الاتفاق الاطار حول النووي الايراني بين طهران حليفة دمشق، والقوى الكبرى.
والاجتماع الذي من المتوقع ان يبدا عند الساعة التاسعة بتوقيت غرينتش، سيستمر حتى التاسع من نيسان/ابريل وسيركز على القضايا الإنسانية، بعد فشل احراز تقدم على الجبهة السياسية منذ الجولة الأولى من اللقاءات التي عقدت في كانون الثاني/يناير الماضي وانتهت دون نتائج ملموسة.
ويقول الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (ايريس) في باريس كريم بيطار “انه الاجتماع الاول بعد توقيع الاميركيين والايرانيين اتفاق اطار (حول الملف النووي)، والاول بعد عدم استبعاد (وزير الخارجية الاميركي) جون كيري امكانية التفاوض مع الاسد”.
ويضيف “في هذا السياق كان يمكن تعليق الامال على تحقيق تقدم لكن كل المؤشرات توحي بان هذا الامر لن يحدث”.
والاتفاق الاطار حول البرنامج النووي الايراني الذي تم التوصل اليه الخميس “لا ينبغي أن يؤثر على المفاوضات. موقف طهران لم يتغير بشأن القضية السورية”، حسبما يقول لوكالة فرانس برس بوريس دولغوف، وهو باحث متخصص في العالم العربي في معهد الدراسات الشرقية في موسكو.
ومثل موسكو، لا تزال طهران تدعم النظام السوري، في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن لدعم المعارضة التي تقاتله منذ 2011.
ويقول بيطار “لا يمكن توقع كسر الجمود السياسي (…) لا يبدو النظام مستعدا بعد لتقديم تنازلات وحتى المعارضين الذين يتساهل معهم نوعا ما يتعرضون لمضايقات تمنعهم من المشاركة في هذه المحادثات”.
ومن بين المعارضين الذين ذهبوا إلى موسكو، كثيرون يعتبرون “قريبين” من النظام، وبعضهم قد تم اختياره من قبل السلطات السورية.
وافشل النظام جهودا بذلتها موسكو لنيل موافقة ابرز مكونين في معارضة الداخل على المشاركة في الاجتماع، برفضها رفع حظر السفر المفروض على بعض المعارضين.
واعلن المعارض السوري البارز لؤي حسين الذي يرأس تيار بناء الدولة السورية السبت لفرانس برس انه ممنوع من السفر الى موسكو بسبب رفض دمشق رفع حظر السفر المفروض عليه.
وقال حسين الذي يحاكم طليقا بعد اطلاق سراحه في 25 شباط/فبراير على اثر سجنه ثلاثة اشهر ان السلطات “لم ترفع حظر السفر المفروض علي وبالتالي لن اشارك في مؤتمر موسكو والتيار لن يشارك كذلك”.
ويوضح عضو المكتب التنفيذي في هيئة التنسيق للتغيير الديموقراطي يحيى عزيز ان على راس جدول اعمال الوفد في موسكو “بحث الملف الانساني، ومن الناحية السياسية البحث في مخرجات من اجل احياء مؤتمر جنيف”، في اشارة الى المفاوضات التي جرت بين وفدين من النظام والمعارضة العام الماضي في جنيف برعاية الامم المتحدة من دون ان تسفر عن نتيجة.
ويؤكد مصدر قريب من وفد النظام الامر ذاته ويقول “لن تبحث الا المواضيع غير الخلافية والتي يمكن التوصل الى توافق بشانها”.
وتسعى روسيا وفق بيطار على الرغم من محدودية تمثيل المعارضة الى “المساهمة في استعادة نظام الاسد لمكانته، والتموضع كقوة اساسية عندما يصبح المناخ ملائما للتوصل الى حل دبلوماسي دولي”.
وتسعى روسيا الحليف التقليدي للرئيس بشار الاسد، من خلال هذا اللقاء الى تكريس اطار للمحادثات على امل ان تتمكن في نهاية المطاف من توسيعه ليضم معظم مكونات المعارضة.
ورفض الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية المدعوم من الغرب دعوة موسكو، معتبرا ان الهدف من المحادثات انقاذ النظام.
ويوضح دبلوماسي عربي مواكب للاجتماعات ان هدف روسيا “ان تضمن مشاركة المعارضة الجديدة في مفاوضات مع النظام في موسكو في المستقبل القريب، لكن مصير الاسد يبقى القضية الاساسية”.
وفي أواخر كانون الثاني/يناير الماضي شارك في المحادثات في موسكو حوالى ثلاثين معارضا، بمن فيهم ممثلو هيئة التنسيق الوطني لقوى التغيير الديموقراطي، ووفد من دمشق.
لم يسمح اللقاء بتحقيق تقدم ملموس باستثناء توقيع اتفاق لاجراء مفاوضات جديدة وعلى نص اطلق عليه اسم “مبادئ موسكو”، يتضمن سلسلة من النقاط الغامضة.
وقال دولغوف “كما كل مرة، الهدف هو تقريب مواقف المشاركين في المفاوضات”. واضاف “غني عن القول أن هذه المحادثات لن تؤدي إلى نتيجة نهائية. انها مجرد خطوة اضافية على طريق انهاء الصراع السوري، لكنها تبقى خطوة مهمة”.