الولايات المتحدة ابنة 240 سنة. معقل الديمقراطية الليبرالية، اقتصاد السوق الحرة والمزدهرة، رائدة في الصناعة العلمية والتكنولوجية في العالم، وهي كذلك القوة العظمى الرائدة في العالم. من أسس نجاحها الهائل وثيقة الاستقلال والدستور، اللذان يقدسان قيم الحرية، حرية التعبير، المساواة وحقوق الفرد. في 8 تشرين الثاني ستجرى الانتخابات، التي قد تكون الأكثر مصيرية في تاريخها.
تمثل هيلاري كلينتون أميركا الليبرالية. الدستور مقدس في نظرها، مثلما هي أيضا المحكمة العليا. الرئيس القادم أو الرئيسة سيقرر طبيعة المحكمة الدستورية، لأنه هو أو هي سيتعين عليهم أن يعين قاضي العليا التاسع، ما سيغير المعادلة بين القضاة الأربعة الليبراليين والقضاة الأربعة المحافظين.
ستصل كلينتون إلى المنصب مع الكثير جدا من التجربة. سيدة أولى، سناتورة ووزيرة خارجية. هي تعرف كل فروع وغياهب الحكم والعلاقات الخارجية لأميركا بالتفصيل. حولها الفريق الأكثر تجربة في كل الأقسام السياسية الأميركية، وشريك حياة لا قرين له في تجربته القيادية.
أما دونالد ترامب فهو النقيض التام. الأمر الجيد بالنسبة لترامب هو أنه يقول ما يقصد، والأمر السيئ هو أنه بالفعل يقصد ما يقول. فقد وصف المكسيكيين بالمغتصبين وأهان كل الجاليات الهسبانية، وهو يقترح منع دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة، لفترة محدودة، وهكذا يغترب عن كل العالم العربي والإسلامي.
لقد أعرب عن آراء مخيفة ومتعصبة تجاه النساء. وهو عديم التجربة في السياسة الخارجية، ويؤيد تفكيك الاتحاد الأوروبي و»الناتو». وهو لن يتردد في استخدام القوة في سورية وفي العراق.
لقد ألمح إلى تهديد الأطباء الذين يجرون الإجهاض. وعد بتعيين قاض محافظ للمحكمة العليا. هو خيار شلدون ادلسون، ومن هنا ينبع موقفه من أخيه التوأم الإسرائيلي – بيبي نتنياهو.
إذا انتصر ترامب ستكون هذه هزة أرضية للديمقراطية الأميركية ومكانتها في العالم. الدول المحافظة ستشعر بالحرية لتشريع قوانين تقيد حرية الفرد وحرية التعبير، في مجال الإجهاض، الإعدام، وتقييد حقوق المثليين. وستفقد الولايات المتحدة مكانتها في العالم، وستدخل في حروب تجارية مع معظم القوى العظمى، كندا والمكسيك ستغتربان، الاتحاد الأوروبي سيكون اكثر استقلالية، وبوتين ونتنياهو سيكونان راضيين.
هذه انتخابات لإنقاذ الديمقراطية الليبرالية في الولايات المتحدة. في شارع بلفور يتمنى الزوجان الملكيان النجاح لترامب. في إسرائيل تحقق الانقلاب إلى حكم الفرد، غير الديمقراطي، العنصرية كسياسة رسمية، الكراهية للنخب الثقافية، وسياسة الاحتلال الحربية والعزلة في العالم.
الأمل هو ألا يحصل هذا في الولايات المتحدة في تشرين الثاني أيضا.
بالنسبة لإسرائيل، هيلاري كلينتون مفضلة. ترامب سيدفع كل ضريبة لفظية لنتنياهو وهو مستعد حتى لضم أجزاء من الضفة.
ولكن إسرائيل بحاجة إلى أميركا المقبولة في العالم. أميركا ديمقراطية تحترم حقوق المواطن هي أيضا مصلحتنا. إدارة أميركية تبادر إلى مسيرة الدولتين هي إدارة مؤيدة لإسرائيل. نحن بحاجة إلى حلف بين الديمقراطيتين القائمتين على أساس وثيقتي استقلالهما.
المخاض العسير للتحول الديمقراطي في أفريقيا؟
26 سبتمبر 2023