ليس صدفة أن هبطت نسبة التأييد في الولايات المتحدة لفكرة الدولتين بشكل دراماتيكي، من 58 في المئة في العام 1998 الى 39 في المئة اليوم، حسب استطلاع «واشنطن بوست» وشبكة «أي.بي.سي». فالكثيرون ببساطة بدأوا يفهمون بان دولة «ارهاب» وطنية – جهادية لن تكون جارة هادئة لاسرائيل مثل كندا، بل ومن المتوقع أن تكون معادية للولايات المتحدة وللغرب. يكفي رؤية الزعرنة الدبلوماسية لجبريل الرجوب أو ابو مازن، و»كـراهيتهما المرضية» لإسرائيل، كي نفهم ماذا سيحصل في اليوم التالي. ابو مازن مصمم ايضا على ان يدخل الى الدولة المستقبلية ملايين اللاجئين المزعومين من سورية، من العراق، من ليبيا ومن لبنان. كما ان هذا هو السبب الذي جعل مرشحا أول للرئاسة في الولايات المتحدة، تد كروز، يعلن منذ الان بان هذا الحل لفظ أنفاسه وان لاسرائيل كل الحق الدولي بضم «يهودا» و»السامرة» أو مناطق «ج». اذا كنتُ الرئيس التالي فستكون هذه هي السياسة الأميركية، اوضح كروز، متمسكا بتغيير أنماط التفكير الأميركية.
في هذه الايام تجري إدارة اوباما تفكيرا متجددا في مسألة كيف يمكن تحقيق استقرار وسلام موضعي في اسرائيل، إذ إن احدا لم يعد يوهم نفسه بان اسرائيل ترتبط بالخراب الذاتي للشرق الاوسط، بالحرب العالمية السنية – الشيعية او بانتشار الجهاد العنيف في كل أرجاء المنطقة. واذا لم تكن هنا دولتان، فماذا سيكون؟
الملك الاردني حسين الغى في 31/تموز/1988 الجنسية الاردنية الكاملة عن كل سكان «يهودا» و»السامرة» العرب، بمن فيهم سكان شرقي القدس. فالقانون الدولي يمنع الغاء الجنسية لمن تبقى بلا جنسية، ولهذا فان خطوة حسين كانت غير قانونية وكل سكان «يهودا» و»السامرة» العرب يستحقون الجنسية الاردنية الكاملة. عليهم أن يطالبوا بها في تحكيم دولي، او أن تفعل اسرائيل ذلك نيابة عنها. هذا يعني أنهم سيقترعون في الاردن، الذي استوعب على أي حال نحو مليوني لاجئ من سورية ومن العراق دون أن يهتز حقا. وهكذا تنتقل المنطقة «ج» الى سيادة اسرائيلية كاملة، وفي باقي المنطقة تكون سيادة اردنية – مدنية واسرائيلية أمنية، في صيغة يقررها الطرفان. الاردن يقبل هذا الحل لانه افضل له من «دولة ارهاب» جهادية مجنونة غربه، تهدد وجوده.
هناك حل آخر، وهو حل بورتوريكو. هذه الجزيرة، مع نحو 4 مليون من السكان، هي أرض لربيبة أميركية، وسكانها يتمتعون باقامة دائمة للمواطن الأميركي ولكن دون حق الانتخاب والترشيح في الولايات المتحدة. لديهم حكم ذاتي اداري واسع، واذا كان هذا الحل قائما في الديمقراطية الأميركية فلماذا لا يكون هنا ايضا؟ فلا أحد يدعي بانه يوجد نظام أبرتهايد بالنسبة لبورتوريكو.
من الواجب ان نفهم بان كل ترك لارض سيجلب على الفور خرابا للفلسطينيين والاسرائيليين، ورأينا هذا بشكل واضح في غزة. وعليه فان نموذج الدولتين لم يعد قابلا للتطبيق، بعد سنوات من خراب شرق اوسطي جهادي. فما كان ربما صحيحا في العام 2010 يبدو سخيفا وقديما اليوم.
من الواضح أن السلطة الفلسطينية لن تستطيب هذين الحلين البسيطين، ولكن السلطة كفت عن ان تكون حلا، بل أصبحت مشكلة، ومن ان تكون شريكا لتصبح عدوا، ومن ان تكون ذخرا لتصبح عبئا – لاسرائيل وللعالم الذي يتطلع الى الاستقرار. فهي ستمنع ابدا كل حل، مع هذيان استيعاب ملايين لاجئيها وحق العودة المزعوم. لقد ابتلعت هذه السلطة «الفاسدة» عشرات مليارات الدولارات الغربية على مدى عشرين سنة، ولكنها لم تبن ولم تحقق أي هدف – باستثناء جعل كبار مسؤوليها أصحاب مليارات. حان الوقت لانهاء هذه السلطة، وخطأ «أوسلو» الاكبر. بورتوريكو بانتظارنا.
عن «يديعوت»
أبراج دمها خفيف وتحب تضحك أصحابها طول الوقت
08 أكتوبر 2023