يوجد لعضو الكنيست، حنين الزعبي، مهارة تجعلها قادرة على رفع ضغط الدم لدى كثير من الاسرائيليين. وبعضهم يخرجون عن أطوارهم بسبب اقوالها الاستفزازية التي تتهم فيها اسرائيل بجرائم فظيعة. فقبل اسبوعين فقط تحدثت في الكنيست ونسيت نفسها. وقد عبر الرد الهستيري لبعض اعضاء الكنيست عن الغضب، حيث قالوا إنها لا تستحق أن تكون في مجلسنا التشريعي.
وبعد أن هدأ غضبنا، نفهم أن الزعبي هي عمليا ذخر لاسرائيل، لأن انفعالها في الكنيست هو دليل حاسم على أن اسرائيل ديمقراطية مثالية. والقول إن اسرائيل هي دولة فصل عنصري آخذة في التدهور نحو الفاشية، هو قول خاطئ. وهذا الامر يتضح من وجود الزعبي في الكنيست. وهو يثبت أنه توجد حرية تعبير في اسرائيل، وأنها يمكن أن تكون نموذجا لديمقراطيات اخرى. من المشكوك فيه أن هناك دولة ديمقراطية اخرى كانت ستسمح بالتشهير بها والاساءة اليها بهذا الشكل. تخيلوا وجود هجمات كهذه في برلمانات الولايات المتحدة أو فرنسا. لا، إن هذا موجود فقط في اسرائيل.
إن هناك من يرغب في طرد حنين الزعبي من الكنيست، وآخرون يقترحون خروج اعضاء الكنيست من القاعة عندما تصعد الى المنصة. وأنا أقول: اتركوها، كي نفهم انها تقدم خدمة لاسرائيل.
في المقابل، هي تضر بمصالح المواطنين العرب الذين انتخبوها. الكثير من المواطنين العرب الاسرائيليين يعتقدون أنها تتحدث بلسان السكان العرب وأن افكارها هي افكارهم. وأنهم يكرهون اسرائيل ويريدون القضاء عليها. من يمكنه الاثبات لليهود والعرب الذين يريدون العيش معا أن اقوال الزعبي تمثل أقلية صغيرة من بين المواطنين العرب في اسرائيل؟ إن طردها من الكنيست لن يحقق هذا الهدف. والعرب فقط يمكنهم تحقيقه. ولكن كيف؟.
إن رفع نسبة الحسم في الانتخابات للكنيست الى 3.24 في المئة – هذا من أكثر الافعال سوءًا في تاريخ الدولة – يُصعب الامر. ويمكن القول إن "بلد"، حزب الزعبي، لم يكن بامكانه تجاوز نسبة الحسم السابقة وهي 2 في المئة – الامر الذي كان سيثبت للجميع بأن عدد مؤيديها قليل. ولكن رفع نسبة الحسم اضطر جميع الاحزاب العربية الى خوض الانتخابات تحت اطار واحد – القائمة المشتركة – التي أوجدت ملجأ مريحا ومظلة للزعبي وزملائها. لهذا نشأ الانطباع بأنه عندما تقوم الزعبي بمهاجمة اسرائيل فهي تحظى بتأييد القائمة المشتركة و"عرب اسرائيل" الذين صوتوا لهذه القائمة. هذا الانطباع يمكن لقيادة الحزب فقط أن تشطبه. هل لديها ما يكفي من الجرأة للانفصال عن الزعبي بشكل علني؟ إن هذا امتحان للذين يسمون أنفسهم قادة الأقلية العربية في اسرائيل.
الامتحان الحقيقي سيكون في الانتخابات القادمة. فهل سيشارك فيها حزب يطالب برنامج عمله باندماج المواطنين العرب في المجتمع الاسرائيلي؟ هناك حاجة الى قيادة شجاعة والكثير من الكفاءة السياسية، مع أخذ نسبة الحسم الحالية في الحسبان. ومع ذلك، قد يكون السياسيون حكماء بقدر كاف ويقومون بتقليل نسبة الحسم قبل الانتخابات القادمة.
بدون هذه التغييرات، الخيار الوحيد للناخب العربي الذي يريد اثبات ولائه هو التصويت لحزب غير عربي. في هذه الاثناء هناك عضوان ممتازان يمنحان الكنيست الاحترام وهما زهير بهلول من "المعسكر الصهيوني" وعيساوي فريج من "ميرتس". وقد يسير أشخاص آخرون في أعقابهما.