حاخام جيش الاحتلال: اغتصبوا «غير اليهوديات»!

d0c97cf3cdd2c5c7fe3a1d0f8213f727_w800_h400_cp
حجم الخط

أثار تعيين الحاخام العقيد إيال كريم في منصب الحاخام الأكبر للجيش الإسرائيلي فضيحة، بعدما أظهرت تحقيقات صحافية أنه بين من يدعون إلى اغتصاب «نساء العدو» في زمن الحرب. ولا تقتصر فتاوى هذا الحاخام على هذه المسألة، بل تتعداها إلى الكثير من الفتاوى المناهضة للمرأة عموماً، وحقوقها، وبينها حظر تجنيد البنات في الجيش. ولذلك السبب، شنّت مجموعات نسائية وسياسية حملةً واسعةً لمنع هذا التعيين، ما اضطر قيادة الجيش إلى استدعاء كريم للتحقيق معه.
ويحلّ الحاخام كريم البالغ من العمر 59 عاماً محل الحاخام الأكبر السابق للجيش الإسرئيلي العقيد رافي بيرتس. وسبق لكريم أن خدم في لواء المظليين، وقاد الوحدة الخاصة في اللواء، قبل أن يغدو حاخاماً جراء كونه من خريجي مدارس بن عكيفا الدينية، ومدرسة عطرات كوهانيم.
وأظهرت تحقيقات أجرتها صحف إسرائيلية عدة أن الحاخام كريم يتخذ مواقف متشددة معادية للنساء. وهكذا، فإنه في ردوده على أسئلة طرحت عليه في الماضي في موقع «كيبا» الديني، رفض تجنيد البنات في الجيش الإسرائيلي. ورداً على سؤال حول المشاكل في تجنيد البنات للخدمة العسكرية، قال إنه «في وضع كالذي ساد في حرب 48، حين أحدق خطر ملموس بشعب اسرائيل، وكان الواقع فداء حقيقياً للنفس، شاركت النساء ايضاً في الدفاع عن الشعب والبلاد، رغم أن الواقع لم يكن محتشماً جداً. أما في ايامنا، فنحن لا نعيش في وضع فداء نفس حقيقي».

وأنهى كريم بقول قاطع: «لما كان الضرر في الاحتشام الذي قد يلحق بالبنت والأمة حاسماً، فقد أفتى عظماء الجيل والحاخامية الرئيسة، بأن تجنيد البنات للجيش الاسرائيلي محظور بشكل مطلق».
وهكذا، في العام 2003، سُئل حول موقفه الفقهي من أنه «إذا كان اغتصاب المدنيين في الحرب يعتبر محظوراً ومزعزعاً، لماذا، ظاهرياً، الأمر مسموح لليهودي؟ وهل مسموح لجندي الجيش الإسرائيلي، مثلاً، اغتصاب نساء في زمن الحرب، أم أن هذا محرم؟».
وكان جوابه: «أحد القيم الهامة والحاسمة في الحرب هو الحفاظ على الأهلية القتالية للجيش.. ومشاعر واحتياجات الفرد تحشر في الزاوية من أجل إنجاح الأمة في الحرب. وبسبب أنه في الحرب «تنهار» أسيجة المخاطرة من أجل الآخرين، أيضاً «تنهار» في الحرب أسيجة الاحتشام والاباحة... ورغم أن الارتباط بغير يهودية أمر بالغ الخطورة، فإنه مسموح به في الحرب، من منطلق أخذ مصاعب المحاربين بعين الاعتبار».
وفي النهاية، خلص كريم إلى أنه «بسبب أن نجاح الكل في الحرب ينتصب أمام أعيننا، فإن التوراة أباحت للفرد إشباع غرائزه السيئة في شروط الإباحة ومن أجل نجاح المجموع». وأضاف أن هذا «ارضاء نزعة الشر من خلال المضاجعة مع غير يهوديات حسنات المنظر خلافاً لإرادتهن، انطلاقاً من المراعاة لمصاعب المقاتلين، ومن أجل نجاح العموم».
وفي العام 2012، حينما أثيرت ضجة حول هذه الفتوى، سعى كريم لتفسير كلامه بالقول إن التوراة لم تبح أبداً اغتصاب النساء. لكن «كل الفكرة هي أنها تلطيف لعالم الحروب البربري الذي كان قائماً في الماضي، حين كان بوسع كل جندي فعل ما يشاء بأسراه، وهدف الفتوى هو منع الجندي من اتخاذ الأسيرة زوجة في حمى القتال». وبحسب كلامه، فإنه «واضح أنه في أيامنا، في زمن التقدم في سُلّم القيم، وحيث لا يوجد زواجٌ من أسيرات، فبالتأكيد لا حاجة لتجسيد هذه الفتوى عملياً، خصوصاً أن هذا يتناقض تماماً مع قيم وأوامر الجيش».
وفي العام 2011، أفتى الحاخام كريم أنه ليس مناسباً ان تقدم المغنيات العروض في المراسيم العسكرية. وكتب في الوثيقة أنه «يجدر خلق طابع من المراسيم التي تحترم أفكار عموم الحاضرين فيها، ولهذا الغرض ينبغي جلب مغنٍ وليس مغنية. وعندما لا يكون الأمر متاحاً لاسباب مختلفة، فيجب إعفاء اولئك الذين يمّس الأمر بمشاعرهم من حضور المراسيم».
وبعد الاعلان عن التعيين المقرر، دعت أمس نائبات ومنظمات نسائية الى إلغائه فوراً. وقالت النائبة عن «القائمة العربية المشتركة» عايدة توما سليمان، رئيسة «لجنة تقدم مكانة المرأة ومساواة النوع الاجتماعي»، إن «فتوى العقيد كريم بشأن السماح باغتصاب النساء غير اليهوديات لا تشبه إلا «فتوى» منظمة قتلة ليست بعيدة جداً عن حدود اسرائيل. سأتوجه الى المستشار القانوني، وسأحتج على التعيين وأدعو النائبات والنواب الانضمام الى توجهي».
اما رئيسة جمعية «نعمات» النسائية غاليا فلوخ، فقالت إن هذا تعيين غير مناسب وإنها تعتزم التوجه الى رئيس الأركان والمطالبة بإلغائه. «فمن يعتقد أن الاغتصاب هو على ما يرام كمُحسّن لمعنويات الجنود، على أن يتعلق الأمر بنساء غير يهوديات، لا يمكنه أن يقود الجيش الى أماكن طيبة من ناحية اخلاقية وروحانية».
وأعلنت رئيسة «ميرتس»، النائبة زهافا غلئون، أن «العقيد ايال كريم ليس مناسباً لأن يكون المرجعية الحاخامية الرئيسة في الجيش الاسرائيلي، الجسم الذي تخدم فيه عشرات آلاف النساء، وليس جديراً بتمثيل الاخلاق اليهودية بأي شكل كان. فتصريحاته المخيفة، العنصرية والعنيفة تبيح دم النساء».
وبعد انتقادات شديدة من جانب ناشطات نسويات ومنظمات حقوق إنسان، قرر رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال غادي آيزنكوت إعادة النظر في أمر تعيين الحاخم كريم، ولكن بعد استدعائه والوقوف على حقيقة آرائه. وقد استدعى رئيس شعبة القوى البشرية في الجيش الإسرائيلي الجنرال حاجاي طوبولنسكي الحاخام كريم للتباحث معه في الأمر. وأشارت جهات في الجيش إلى أنها لم تكن مدركة لمواقف كريم السابقة. غير أن هذا التبرير يظهر مدى استخفاف الجيش بالمواقف الدينية الشائعة طالما أنها لا تصدر عن جهات تحتل مكانة عليا في الجيش.
لكن المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي قال إن «العقيد كريم يرغب في أن يوضح بأن أقواله التي جاءت رداً على سؤال تفسيري فقط، ولكن ليس بأي حال من الأحوال على سؤال فقهي عملي. فالحاخام كريم لم يكتب ابداً، ولم يقل، ولا حتى فكر، بأن جندي الجيش الاسرائيلي يحق له ان يمس مساً جنسياً بامرأة اثناء الحرب، اما من يفسر أقواله بشكل مغاير فمخطئ ومضلّل. عن نهج الحاخام كريم الاخلاقي، تشهد سنوات عمله العسكري في المناصب القيادية، القتالية والحاخامية التي أظهر فيها ولاء مطلقاً لقيم الجيش الاسرائيلي وروحه، وذلك بالذات في احترام الانسان بصفته انسانا».