لماذا يضرب الإرهاب فرنسا الآن ، عمل وحشي لا علاقة له بالإسلام ، قد يكون محمد بو هلال مسلماً أو من بلدٍ عربيٍ ، ولكننا نُدين هذا العمل الجبان ، الذي وُجه إلى بلدٍ صديق ، يقوم بدور مهم في رفع الظلم التاريخي عن شعبنا ، ويعمل من أجل عقد مؤتمر دولي في محاولة منه إعطاءنا جزء من حقوقنا ، في إقامة دولة فلسطينية مستقلة ، ونُقدر هذا الدور للقيادة والحكومة والشعب الفرنسي الصديق .
ولكن كيف تتم هكذا عملية في الفترة التي يكون فيها الأمن الفرنسي مستنفراً كل طاقاته ، ارتباطاً بطبيعة التهديدات المتوقعة ، خاصة في فترة الدورة الأوروبية لكرة القدم ، لم تنته الإجراءات الأمنية بعد ، نعرف تماماً أن هكذا عمليات فردية من الصعوبة بمكان مواجهتها أو وقفها ، خاصة بأن هذا المجرم لم يكن مُسجلاً على قوائم الإرهابيين ، وهنا بيت القصيد ، ليس كل إرهابي يجب أن يكون عقائدياً ليقوم بهذا الفعل الدنيء .
لذا نتوقع ردة الفعل ، ونأمل أن تكون كلمات الرئيس الفرنسي عن الإرهاب الإسلامي زلة لسان وليست نابعة عن دراسات سابقة ، مما يشير إلى إمكانية تغيير ما في المواقف الفرنسية بالمرحلة القادمة .
هذه العملية الإرهابية التي أوقعت كل هذا العدد من الضحايا من قِبل فردٍ واحد ، بغض النظر عمن يقف خلفه ، وبدون استخدام أسلحة كبيرة ، فقط سيارة يدوس بها الأبرياء وهم يحتفلون بعيدهم الوطني ، يمكن أن تخلق نموذجاً للكثيرين من الإرهابيين أو المجانين أو المهمشين ، أو حتى من الهاربين من قواعد الإرهاب ، خاصة وأن هناك ثمة توجهاً دولياً سيعزز ما بعد هذه العملية ، بضرورة إنهاء داعش في أماكن تمركزها بالعراق وسوريا ، مما سيعيد المئات بل الآلاف إلى أوروبا وبطرق متعددة .
أوروبا مقبلة على حمامات من الدم ، كيف يمكن وقف هذا دون توحيد الجهود الاستخبارية ، إلى جانب العمل على تجفيف مناطق التوتر ، ودون حل المشاكل العالقة في كثير من البلدان ، خوفنا أن تتراجع الحكومة الفرنسية عن دورها ، والتي اختارته من أجل عقد مؤتمر دولي لحل الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي ، وتنكفئ على نفسها ، أو أن تستغل إسرائيل هذه العملية الإرهابية لوسم كل فلسطيني يرتكب حادث مروري يسفر عن جرح إسرائيلي ، بأن هذا العمل إرهابي ، ويكون مطلوبـاً مـنــا أن ندين كل حـادث مروري ، لذا يجب التنبه بالمرحلة القـادمة وإدارة الصراع مـع المحتل ، بما لا يُدين شعبنا ، وهذه ليست دعوة لوقف مقاومة الاحتلال .
فوبيا الإسلام ستكون السمة الغالبة في المجتمعات الأوروبية بالمرحلة القادمة ، وسيقابلها عنف فردي منفلت لا يمكن التنبؤ به ، ولكن هذه العملية هي خطوة باتجاه مرحلة جديدة من الإرهاب (السهل) التنفيذ ، وهذا ما ستقوم به المجموعات الإرهابية ، وستكون عمليات التجنيد بالنسبة لهم سهلة ، وسيتدافع الكثير من الذئاب المنفلتة لتنفيذ هكذا عمليات ، خاصة بعد الهجرة الكبيرة التي اجتاحت أوروبا .
وهنا من الضروري أن تبذل الدول الإسلامية جهوداً كبيرة ، وخاصة الدول العربية ، باتجاه تخفيف الأضرار ، وتكثيف الجهود ، والانخراط في المنظومة الدولية لمكافحة الإرهاب ، بالرغم من معرفتنا بأن النظم العربية وشعوبنا تعاني منه ، وسبق لعدد من القادة العرب حذروا من ذلك .
ويبقى لنا دور ، نحن الفلسطينيين ، الذين دفعنا من دمنا وشبابنا وكنا ضحية إرهاب الدولة الإسرائيلية ، كنا دائماً جزءاً من التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب ، ودعونا وندعو كل يوم ، بأن قضيتنا عادلة ، ونريد العيش بسلام في ظل دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب دولة إسرائيل ، فهل ستكون هذه العملية دافعة باتجاه الحل ، أم ستكون مرحلة جديدة ، ندفع نحن ثمنها ، بسبب قوة الآلة الإعلامية الإسرائيلية ، وتقدم الحكومة الفاشية في إسرائيل بأنها هي التي تقاوم (الإرهاب الفلسطيني) ، وتقدم الدروس للآخرين حول طرق ووسائل مواجهة هكذا عمليات .
لدينا عدالة قضيتنا ، وصمود شعبنا ، وقيادة تنبذ الإرهاب ، وقدرات كبيرة في العمل الاستخباري ، وقادرين أن نخفف الأضرار ونقنع العالم بأننا شعب يستحق الحياة في دولة ، تكون إلى جانب دول العالم الحر ، الذي يدافع عن حق الإنسان في الحياة ، وسنكون شعباً حياً حراً يُفرق بين العمل الإرهابي ، والعمل المقاوم ، حتى لا نغرق في بحر الدم القادم .
والله على ما أقول شهيد
رئيس المركز الفلسطيني للبحوث والدراسات الاستراتيجية