إسرائيل تراجع خيارات حرب تموز: ظننّا أننا جاهزون لقتال «حزب الله»

d0c97cf3cdd2c5c7fe3a1d0f8213f727_w800_h400_cp
حجم الخط

في إطار ندوة في مركز دراسات الأمن القومي في تل أبيب لمناسبة الذكرى العاشرة لعدوان تموز، أقرّ رئيس أركان تلك الحرب، الجنرال دان حلوتس، أنه كان من أوصى بالرد بعنف على اختطاف «حزب الله» للجنود الإسرائيليين في 12 تموز. وأضاف أن رئيس الحكومة حينها، إيهود أولمرت، كان مثلُه أيضاً يعرف أن جزءاً من الجيش الإسرائيلي كان يعاني من الصدأ. من جهة أخرى، أكد وزير الدفاع السابق عمير بيرتس أنه يتحّمل المسؤولية عن القرارات التي اتخذّها في تلك الحرب. ولكن وزيرة الخارجية حينها، تسيبي ليفني، أعلنت أن الحرب حققّت أهدافها وجلبت الهدوء لإسرائيل طوال عقد كامل.
وقال حلوتس، خلال الندوة التي حضرها كثيرون من الاختصاصيين والضباط، إنه كان من أوصى «بالعمل ضد حزب الله وضد الدولة اللبنانية، وأنا ما زلت أقف خلف ذلك». وأشار إلى أن «التوصية جاءت بعد مشاورات مع هيئة الأركان العامة، لتغيير السياسة، وللانتقال إلى رد فعل قوي يوضح بجلاء لحزب الله أن قواعد اللعبة تغيرت».
وأضاف حلوتس أن «جاهزية الجيش كانت معروفة لي ولهيئة الأركان، وكان رئيس الحكومة (إيهود أولمرت) يعرف، وقد تلقى تقريراً يُفيد بأن جزءاً من الجيش صدئ. ولكن الجاهزية مسألة نسبية، وظننت أنها كانت كافية لمقاتلة حزب الله. ولكن بعد مرور عقد من الزمن، يمكن القول إن الهدف الأعلى قد تحقق وساد الهدوء. وهذا حققناه، ولكن بثمنٍ لا بأس به من الدماء».
ويختلف حلوتس مع الكثير من المعلقين والخبراء العسكريين الذين يعتبرون أن الهدوء على الجبهة اللبنانية لا يعود إلى نتائج تلك الحرب، وإنما لاعتبارات أخرى. كما أن الهدوء لم يقلل خطر «حزب الله» الذي ازداد قوة، وبات يشكل خطراً أكبر بكثير مما كان عليه عشية حرب حزيران 2006. وفي هذا الشأن، قال حلوتس إن «حرب لبنان كانت ولا تزال موضوعاً مشحوناً ويطفح بالعواطف والمصالح، والنقاش العام والإعلامي يحاول أن ينقل رسالة عدم النجاح رغم الواقع على الأرض».
وردّ حلوتس على الانتقادات التي وجهت إليه بعد الحرب، فقال إن «التعريفات في حرب لبنان الثانية كانت واضحة. واليوم صار واضحاً أكثر من أي وقت مضى أنه كان هناك معلقون وسياسيون ركبوا الموجة وحاولوا تقزيم نجاحات العملية. وعندما سألوني في جلسة الكابينت كم سيستمر القتال، أجبت بأنه سيطول. وسألوني: وماذا سيكون عليه النصر، فقلت إنه لن يكون بالضربة القاضية. نموذج حرب الأيام الستة لن يتكرر».
وخلص حلوتس إلى أن «حزب الله ارتدع أكثر من أي تنظيم إرهابي آخر في المنطقة. والانتقادات نبعت جزئياً من اعتبارات غريبة، وأولمرت وقع ضحية اغتيال سياسي من جانب جهات في حكومته، ومن جانب جهات معارضة استخدمت ضده عملية إذهب إلى بيتك. كما أن وزير الدفاع عمير بيرتس كان أيضاً هدفاً للمناكفة، ولكن بيرتس أثبت تفهماً كبيرا. وأنا أيضاً تعرضت للانتقادات، لأنني كنت رئيس الأركان القادم من الطيران والذي سرق منهم المجد. وفي ضوء الانتقادات التي صاحبت كل فترة الحرب ضد «قادة شاشات البلازما»، فإنني أبارك كل بلازما ستوجد في الجيش الإسرائيلي».
أما عمير بيرتس الذي كان وزيراً للدفاع في تلك الحرب، فتحدث في الندوة معلناً أنه يتحمل كل مسؤولية عن دوره في الحرب، رغم أنه لا يستطيع أن يتحمل كل المسؤولية لأنه كان جديداً في منصبه. وتضمن كلامه هذا نوعاً من الإقرار بالذنب عن جانبٍ من الأمور التي اتهم بها. وقال «أبداً لم أقل يوماً أي كلمة ضد الجيش الإسرائيلي، وأبداً لم أوجه أي انتقاد للضباط، ويستحيل تحميلي كل المسؤولية بعد شهرين من تواجدي في المنصب. من جهة ثانية، الحرب وقعت أثناء مناوبتي، ولذلك فإنني أتحمل المسؤولية».
وأشار بيرتس إلى العملية البرّية، وإلى السؤال حول مدى ضرورتها. وقال إن «الجواب الأفضل هو أن الأطفال أبناء العاشرة من كريات شمونة لا يعرفون ما هي الكاتيوشا، وأنا قلت لرئيس الحكومة أن العملية البرية كان ينبغي أن تكون جرت قبل ذلك». وأضاف أن «الجبهة الداخلية برهنت على قدرتها على الصمود في مواجهة تشكيلة متنوعة من المخاطر، وأنها جبهة داخلية صلبة. ومن المهم فهم مدى أهمية «القبة الحديدية»، فوزير دفاع من دون «قبة حديدية» يتصرف بشكل مختلف عما جرى».
وقالت وزيرة الخارجية الإسرائيلية في زمن الحرب، تسيبي ليفني، إنه «إذا كانت هناك خلاصة واحدة من حرب لبنان الثانية، فهي أن على الجميع تغيير الوجهة، فلا وجود للعسكري من دون السياسي. فقط إن فعلنا هذه الأمور سوياً فإننا ننجح». وأضافت: «أخذت ممثل الأمم المتحدة إلى البيت المقصوف الوحيد في حيفا، فقال لي: هل رأيت لبنان؟ ليس هناك بيت واحد قائم مكانه».
وأشارت ليفني إلى أنه «في 12 تموز كنا ملزمين باتخاذ قرار ضد من سوف نخوض الحرب، هل ضد دولة لبنان أم ضد حزب الله المقيم في لبنان. ونحن لم نكن متنازعين مع لبنان. إسرائيل انسحبت إلى خط الحدود الذي قررته الأمم المتحدة. وأنت لا يمكنك ضرب رموز السلطة لأن الأمر يتعلق بدولة، وهذا عقّد كل المسائل». وأضافت أنه في «ليلة 12 تموز، ليلة ضربنا لصواريخ فجر كانت نجاحاً كبيراً. وقرارنا كان أن من سيذهب للنوم في لبنان مع صاروخٍ في الليل، يمكنه أن يجد نفسه مع صاروخ من دولة إسرائيل في الصباح».
وكان رئيس مركز دراسات الأمن القومي، الجنرال عاموس يادلين، قد افتتح الندوة بالإعلان عن أنه لو صيغ تقرير فينوغراد اليوم لما وردت فيه عبارة أن الحرب «كانت فرصة ضائعة». ومعروف أن عاموس يادلين كان رئيس شعبة الاستخبارات في تلك الحرب وعرض في الندوة وثيقةً جاء فيها أن أهداف الحرب التي صادق عليها المستوى السياسي كانت: تعميق الردع الإسرائيلي، وقف الإرهاب من الأراضي اللبنانية، وتوجيه ضربة جوهرية لـ«حزب الله» مع إبقاء سوريا خارج المعركة.
واعتبر يادلين أنه «بنظرةٍ إلى الوراء، وبعد عقد من الزمن، يمكن القول إن الجيش حقّق إنجازات على المستوى التكتيكي رغم الشعور الشعبي، كما أنه على المستوى الاستراتيجي الحدود الشمالية هادئة من عقد من الزمان».
وقال إن «واقع أن حزب الله أقوى وأكثر هيمنة مما كان في الماضي تُظهر أن الإنجاز كان محدوداً. وكان بوسعنا أن نجعل الحرب أقصر مع عدد أقلّ من الخسائر، فالأداء لم يكن جيداً بشكل كافٍ. لقد كان الجنود وقادة السرايا والكتائب ممتازون. ويجب فحص من فوقهم. المستوى السياسي لم يفهم معنى تحمل الجبهة الداخلية للصواريخ». وحسب تقدير يادلين، فإن القيادة السياسية لم تفهم معنى الضغط الذي يعانيه الجمهور وقت القتال وتحت الهجوم وتأثير ذلك على القتال. ولو أن المستوى السياسي اتخذ خطاً أشد ضد الحكومة اللبنانية ومسؤوليتها عن القتال من داخل أراضيها ضد إسرائيل وهاجم بنى تحتية مدنية، لما استمرت الحرب أكثر من أسبوع».