هل فكرتم ذات مرة بالسيارة كسلاح؟ الانسان الذي يجلس وراء المقود يملك القدرة على القتل. ليس نتيجة خطأ، وانما عمدًا. هذا الأمر تم عمله من قبل المخربين الاسلاميين عدة مرات في السنة الماضية، لكن كل ما تم عمله لم يصل الى كعب الهجوم الجنوني الذي نفذه محمد الحويج بوهلال، علىامتداد كيلومترين في مدينة نيس في الرابع عشر من تموز.
الفرنسيون لا يزالون يتساءلون عن الدافع للمذبحة. وسألت "لوموند": "هل دعم بوهلال الجهاد في الخفاء، ام انه قرر الانتحار من خلال تبني صورة الشهيد؟" الجواب واضح لدى رئيس الحكومة الفرنسية مانويل فالس، حيث قال للتلفزيون الفرنسي: "لا شك انه مرتبط بالإسلام المتطرف بطريقة ما". خلافا لبراك اوباما، لم يرتدع فالس عن تسمية الولد باسمه- هذا ارهاب الإسلام المتطرف.
لقد كانت عملية القتل مخططة مسبقا. قبل ثلاثة أيام من حدوثها، في 11 تموز، استأجر بوهلال شاحنة تبريد بحجم 19 طن. وقال للحارس عند الحاجز: "انا انقل المثلجات"، فسمح له بالعبور. والتوقيت، يوم الباستيل، لم يتم اختياره صدفة. هل لا يزال هناك ادنى شك بان المقصود جريمة اخرى للإسلام المتطرف؟ وان مصدر الالهام لتنفيذ الجريمة، كما فيعمليات ارهاب كثيرة، هي مدينة الرقة، قيادة داعش؟
صحيح انه يصعب توقع هجمات "الذئاب المنفردة"، لكن الأصعب هو منع تنفيذ عملية مخططة، يجري تنظيمها من قبل مجموعة تشكل جزءا من شبكة، ويمكن لأجهزة الاستخبارات المجربة والناجعة تعقبها. لكنه في كل الحالات، في المناسبات الحاشدة، كاحتفالات يوم الباستيل في فرنسا، يمكن التوقع بأن الشرطة ستكون على درجة عالية من الاستعداد. لكنه ليس واضحا بأن هذا هو ما حدث.
كان هذا هو الهجوم الارهابي الثالث من نوعه من حيث حجمه في فرنسا خلال 19 شهرا. بعد الهجوم على صحيفة"شارلي هيبدو" في كانون الثاني 2015، أعلن الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، ان هذا "عمل حربي" لداعش. ويسأل السؤال، ما الذي فعلته فرنسا خلال 19 شهرا مضت منذ ذلك الوقت، من اجل الانتصار في هذه الحرب، او على الأقلالدفاع عن نفسها. ما الذي يمكن لفرنسا عمله؟
رغم العمليات القاسية، وجد هولاند الوقت لعقد لقاء لوزراء الخارجية في باريس من اجل تجنيد الدعم لمبادرته التي ستعرض امام الأمم المتحدة، وهدفها اجبار اسرائيل على تقبل صيغته لحل الدولتين. ربما كان يصدق فعلا محمود عباس، الذي صرح خلال خطاب في البرلمان الأوروبي، مؤخرا، بأن الارهاب سيختفي مع حل المشكلة الفلسطينية. ربما تكون مبادرته لحل المشكلة الفلسطينية هي رده على هجمات داعش في فرنسا.
ولكن، الفكرة التي تعتبر الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني جوهر مشكلة الشرق الاوسط، والتي كان براك اوباما شريكا فيها، على الاقل خلال فترة معينة، تتناقض تماما مع الواقع في المنطقة. الهجوم العالمي الذي تديره داعش ضد الغرب وضد كل المسلمين الذين لا يشاركونها في معتقداتها، يوفر دلائل على ذلك كل يوم تقريبا.
من اجل الدفاع عن فرنسا، بشكل خاص، وعن العالم الغربي، عامة، هناك حاجة الى ملاحقة داعش في ملعبة البيتي، في الرقة. هذا هو مصدر الاوامر العملية والالهام للذئاب المنفردة. هولاند سيفضل، طبعا، ترك المهمة للأكراد والميليشيات الإيرانية، ومنحها الدعم الجوي بين الحين والآخر. لا شك انه يستمد التشجيع من نجاحاتهم المتواضعة في الآونة الأخيرة. الحرب بواسطة آلة تحكم عن بعد افضل من الأمر الحقيقي. لكنه يمكن للقوات البرية فقط الانتصار في الحروب، وهذه الحرب سيكون من الممكن الانتصار فيها فقط في الحرب البرية على اراضي الرقة.