وجه إسرائيل العنصري..

d557e1d9fb8492997e2d452179d0111a
حجم الخط

«إنه يفعل ذلك ضدنا عن قصد»، قالت المرأة العظيمة التي وقفت في طابور الصيدلية في الـ «سوبر فارم» في تل ابيب. و «هو» المقصود الصيدلي العربي الذي ساعد المرأة العظيمة التي جاءت مع قائمة طويلة من الأدوية. و «هو» كان وحده، الأمر الذي جعل الطابور يصبح طويلا.
المرأة العظيمة جاءتها فجأة مكالمة هاتفية بهاتفها المحمول وبدأت بالحديث بصوت مرتفع عن برنامجها اليومي. وعندما انتهت من المكالمة نظرت إلينا نظرة تنم عن المعرفة، وقالت بهمس احتجاجي: «انظروا في عينيه، إنها مليئة بالكراهية». من كانوا في الطابور نظروا اليها ولم يقولوا أي شيء، فقط شخص واحد نظر الى من يقف الى جانبه وأشار الى أن المرأة قد تكون حمقاء. لم يرد الصيدلي رغم أنه سمع حديثها. «جميعنا ندفع ثمن قرار السوبر فارم توظيف صيادلة عرب»، استمرت المرأة في الحديث الى أن جاء دورها. ومن الواضح أنها لم تفاجأ عندما أبلغها الصيدلي أن دواءها غير موجود الآن. وخرجت بقامة مرفوعة تاركة وراءها بخار عرق تل ابيبي.
بعد ذلك بلحظة، في السيارة العمومية، بدأ السائق بالغناء وامتداح رئيس تركيا، رجب طيب اردوغان، الذي يطهر دولته من «جميع من كانوا يريدون اسقاطه». «كنت أسافر كل سنة مع العائلة الى أنطاليا»، قال، «الى أن جاء هؤلاء القتلة على سفينة «مرمرة». ومنذئذ نحن نذهب الى بلغاريا في كل صيف».
السفرة كانت قصيرة لكنها نوعية. وبسرعة البندقية أُطلقت باتجاهي القضايا التالية: «يا ليت رئيسنا يكون مثل اردوغان. فهو يريهم من أين يبول السمك. ولو كان الجيش عندنا يطرد كل اولئك الذين خرجوا في المظاهرات ضد الجندي مطلق النار من الخليل، لكنا نمنا بهدوء. لماذا تعتقد أننا نخسر لصالح العرب؟ يُدخلون السموم الى رؤوس الجنود. غدا سيستطيعون الانقلاب علينا مثلما في تركيا. نحن نتحدث عن اليساريين الضعفاء، المثليين. ولكن صدقني إنهم اقوياء، فهم في كل مكان، ولا يحتاجون الى احتلال التلفاز، لأنهم يسيطرون عليه».
سائقو السيارات هم المصدر الاول للمعلومات حول ما يحدث. «الاجواء العامة». لو كنت سائحا تركيا في اسرائيل لكنت فهمت من السائق في أي دولة أنا. ومن المرأة في «سوبر فارم» من هم أعداء الدولة. لكن لحظة، هناك المزيد، فالصباح لم ينته بعد.
في الفرع الرئيسي لصندوق المرضى «مئوحيدت» في تل ابيب لا توجد أي صلة بين موعد استدعاء المرضى وبين موعد دخولهم الى الطبيب. الاطباء، وبحق، يعطون المرضى الوقت اللازم لهم. أما المرضى فيزيدون على كراسي الانتظار. هذا تصغير تل ابيبي لافت: عائلة اثيوبية، مريض اريتيري، عربية شابة من يافا، وعدد من المسنين. والسؤال الاكثر أهمية هو «لأي وقت تم استدعاؤكم». وهنا يبدأ نظام العمل. «أنت بعد الاثيوبية»، قالت لي العربية، التي تعاطت بسرعة كبيرة مع هاتفها المحمول، «أنت يمكنك الدخول قبلها»، همس في أذني الشخص الذي يجلس الى جانبي. «إنها لا تفهم العبرية، يجب أن يتعلموا الانتظار». ولكن «الاثيوبية» بدأت في تلك اللحظة بالغناء لابنتها الصغيرة أغنية بالعبرية.
عندما فتحت أبواب السماء وخرج أحد المرضى من غرفة الطبيب، قامت «العربية» واتجهت نحو الباب. ومعها قامت امرأة بشعر مصفف وطلبت الدخول معها. «أنا فقط اريد الحصول على ورقة»، قالت بالحاح. «وأنا ايضا»، قالت العربية التي تعرف جيدا هذه الحيلة، دخلت وأغلقت الباب في وجه المتسللة. «إنهم وقحون، لنرها تقول ذلك في صندوق المرضى في الاردن أو في مصر. جيد لهم أكثر من اللزوم هنا». بالنسبة لنا جيد هنا ايضا مع تنظيف العرب والاثيوبيين واليساريين والمثليين.