الاتفاق على إجراء الانتخابات المحلية في كافة المحافظات الفلسطينية والتوافق الوطني حولها هو الحدث الأبرز الجديد ، وهو توافق يعيد رسم الخارطة الفلسطينية الداخلية من جديد خاصة وانه يحمل في طياته متغيرات لا يمكن الاستهانة بها بين فريقي الانقسام ، وقدم كل طرف خطوات تجاه الطرف الآخر ولكن بحسابات مختلفة ..
لجنة الانتخابات المركزية هي أول من قدم الحلول لإقناع حركة حماس للمشاركة أو السماح للانتخابات ان تجري في محافظات قطاع غزة بحكم سيطرتها على واقع القطاع وذلك من خلال الإجابة على كافة التساؤلات التي طرحتها الحركة ، وهذه الإجابات تعدت في دلالتها على الانتخابات ذاتها في رسم خارطة جديدة ،، وأهمها وهي المفاجأة موافقة لجنة الانتخابات – وهذا قرار سيادي تم بموافقة السيد الرئيس – على الاعتراف الرسمي بالمحاكم العاملة في قطاع غزة واعتبارها هي المرجعية والحكم للتعاطي مع العملية الانتخابية ونتائجها ، وأن تشرف الشرطة الفلسطينية على حفظ العملية برمتها وعدم وضع أي شروط تتعلق بالواقع الخاص لقطاع غزة ، وضمان الاعتراف بنتائج هذه الانتخابات والتعامل الإيجابي معها ..
أما حركة حماس فقد وافقت على التعاطي مع لجنة الانتخابات المركزية دون اعتراض على تركيبتها أو سياستها ولم تضع شروطها المسبقة حول قضايا مختلف حولها ، بل طلبت ضمانات لإنجاح إجراء الانتخابات والاعتراف بنتائجها والتعامل مع المجالس المنتخبة على قدم المساواة مع المحافظات الشمالية ،،، وكان لها كل ما أرادت ، ومن هنا كان التوقيع على ميثاق الشرف بين كافة الفصائل لضمان سير وسلامة العملية الانتخابية بعد غياب قسري للانتخابات في قطاع غزة طيلة السنوات العشر الماضية ..
الخارطة الجديدة للمعادلة هي اعتراف رسمي بالواقع القائم في قطاع غزة دون أي لبس او تردد وهو الموقف الجديد والمهم ،، وهذا يعني أن هذه قد تكون الخطوة الكبيرة تجاه حل إشكال العلاقة بين الأجهزة والمؤسسات القائمة بين الشمال والجنوب ،، وقد تكون الاختراق الحقيقي – في حال نجاحها - لتنفيذ تفاهمات المصالحة وتجاوز عقدة الموظفين والمؤسسات في قطاع غزة .
وقد تكون هذه الخطوة الكبيرة مؤشر على الحالة الصعبة والمعقدة التي يمر بها طرفي الانقسام ،، في قطاع غزة وصلت المعاناة لأهل القطاع الى أقصى حالاتها ولم تعد حركة حماس تملك حلولا سحرية لإيجاد حلول لها وتراجع مكانة الخدمات العامة وتراجع عدد المشاريع المطلوب تنفيذها وعقدة الكهرباء والمياه هي العنوان ..
ولم تعد القيادة في رام الله قادرة على تجاوز الواقع المفروض فهي لا تملك القدرة على التغيير الشامل كما تتمنى ولا تستطيع الوقوف كالمتفرج على حجم المعاناة التي يعانيه الأهل في قطاع غزة ، مع انسداد كل الآفاق السياسية لطرح مبادرة للحل الشامل ،، فكان من الواجب التقدم بخطوة بحجم الانتخابات المحلية لتحريك المياه الراكدة على أمل البناء عليها ..
حركة حماس تحاول جاهدة الاستفادة بأكبر قدر ممكن وتخفيف تحملها عبء المسئولية من خلال موقفها الداعي لتقديم مرشحين أكفاء ضمن قوائم انتخابية مفتوحة وليس قوائم حزبية بإسمها سواء في غزة أو الضفة الغربية وهو فكر متقدم يؤكد أن الحركة استفادت من تجاربها السابقة وعندها الاستعداد لتقويم المرحلة السابقة ،، هذا موقف يكشف استعدادها للتراجع خطوة في سبيل تحمل شخصيات قادرة على إيجاد حلول لمشاكل القطاع ،، وفي حال نجاح هذه التجربة ستنعكس على باقي الملفات العالقة ..
هذه الانتخابات في حال نجاحها كما يخطط ويرغب القائمون عليها ستخلق متغيرا مهما في العلاقات الداخلية ستكون في صالح المواطن الذي يعاني ، وستكون في صالح ترتيب البيت الداخلي واستعادة حالة الوفاق الداخلي ..