الاتفاق الذي يتبلور بين إيران والقوى العظمى هو عمليا لقاء مصالح بين زعيمين قويين، يتطلعان الى الدخول الى صفحات التاريخ.
لقد انتخب روحاني في حزيران 2013 تحت رايتين – الحرية وتحسين الاقتصاد. في الموضوع الاول بات له منذ الآن انجازات، ولكن كي يفي بتعهده الثاني ويحسن الاقتصاد يجد نفسه ملزما بالحرص على رفع العقوبات. وتسمح طريقة الانتخابات في ايران للرئيس ان ينتخب لولايتين من خمس سنوات. ويريد روحاني أن ينتخب مرة اخرى في العام 2018، والى هناك تتجه نيته.
أما اوباما فقد انتخب لولاية ثانية في العام 2012. وهو يقود في مجال السياسة الخارجية استراتيجية جوهرها "القوة الرقيقة" – الدبلوماسية في ظل التهديد باستخدام القوة. نجاحاته حتى الآن محدودة، والاتفاق المتبلور مع ايران سيعتبر قمة تاريخية اختراقية، وانجازا هائلا. عنصر الزمن دراماتيكي بالنسبة له، فعليه أن يتوصل الى الاتفاق قبل الانتخابات القريبة القادمة.
لقد ادى لقاء المصالح هذا الى بداية محادثات سرية، ولدت الاتفاق المرحلي بين القوى العظمى وايران، حيث زرعت بذور الاتفاق المتبلور اليوم، والذي في مركزه حق ايران في مواصلة تخصيب اليورانيوم. هذا هو جذر الشر.
يمكنني أن اشهد أنه في الماضي اطلعت اسرائيل على مسائل جوهرية من هذا القبيل. ففي كل ما يتعلق بكوريا الشمالية، اشركنا بل وحذرنا من خداع تحقق. هذه المرة، رغم الاهمية الهائلة، لم تطلع اسرائيل على الأسرار، ولا سيما عقب منظومة العلاقات العكرة بين نتنياهو واوباما والتخوف الأميركي من أن تعيق اسرائيل الاتفاق. وكان كشفت أمر المفاوضات السرية بين ايران والقوى العظمى، كما نشرت، محافل استخبارية في اسرائيل، والباقي مجرد تاريخ.
رغم جهود اسرائيل، فإنها لم تنجح في منع البرنامج النووي الايراني. وفي غياب تفاهمات سرية مع الولايات المتحدة ومنظومة علاقات قوية بين الزعيمين، ستجد اسرائيل صعوبة في التأثير عليه في المستقبل ايضا. فالمواجهة العلنية والتوجه المباشر الى الكونغرس من فوق رأس اوباما لم تخدم المصلحة الاسرائيلية وساهمت بقدر لا بأس به في "تفاهمات لوزان".
هذه التفاهمات خطيرة جدا، ولكن من المشكوك فيه أن تصل الى اتفاق مكتوب وملزم. فخامنئي لم يقل بعد كلمته، وعلى اوباما أن يجتاز الكونغرس الأميركي. وفي هذه الاثناء، تواصل ايران تطوير صواريخ باليستية بعيدة المدى، تشارك حتى الرقبة من خلال "حزب الله" في لبنان، وفي سورية تسيطر على مناطق جديدة في العراق وفي اليمن وتشدد المواجهة بين الشيعة والسنة.
لا يترك سلوك الايرانيين مجالا للشك، ففي نيتهم خداع الغرب والبقاء دولة عتبة نووية. والتوقيع على الاتفاق من المتوقع ان يجري في نهاية حزيران – شهران ونصف اشهر هي زمن طويل في الشرق الاوسط. لا يزال لاسرائيل الوقت للتأثير والحسم في الملعب الدبلوماسي قبل أن نكون مطالبين بخيارات اخرى.
والآن على نتنياهو "أن يحسب مسارا جديدا". أولا، عليه أن يتوصل الى تفاهمات هادئة مع الزعامة السنية المعتدلة في المنطقة وأن يشركها في الخطوة. لدينا مصالح مشتركة واضحة وامكانية كامنة لتعاون مهم. ثانيا، عليه أن يبادر الى لقاء مع اوباما كخطوة ناجعة وحرجة في الطريق الى وقف النووي الايراني، ولهذا الغرض مطلوب دراسة جدية.
عليه أن يصل الى البيت الأبيض مع عدد "من المطالب والتوصيات المهنية" مسنودة من قادة جهاز الامن ورؤساء الكتل الصهيونية في الكنيست. أساسها: رفع العقوبات يكون تدريجيا وقابلا للتراجع، من الخفيف الى الثقيل، ويستغرق ما لا يقل عن نحو سنة الى أن يعرض الايرانيون "وصولات". لا يسمح بالبحث والتطوير في الموضوع النووي في ايران، وذلك لأن تخصيب اليورانيوم تقرر الى "مستوى متدن" – وهذا تحقق منذ زمن بعيد. تفكيك "مجموعة السلاح" (المسؤولة عن تركيب القنبلة على رأس الصاروخ)، تقليص ترسانة الصواريخ الباليستية، وعلى ايران ان تكف عن كل انشغال في الارهاب. ويسري الاتفاق لـ 15 سنة على الاقل ويسند برقابة دولة شاملة ومعمقة.
سيدي رئيس الوزراء، هذا اللقاء مهم اكثر من كل خطاب تلقيه في الكونغرس. الآن تحدث مع الرئيس من القلب الى القلب، بلا وسائل اعلام، قف عند المصالح الاسرائيلية بصفتك الرجل الذي كلفه وزير التاريخ قيادة إسرائيل.
سافر يا بيبي سافر.

عن "يديعوت"
* رئيس أركان ووزير دفاع أسبق.