قال البنك الدولي إن تراكم ديون فواتير الكهرباء المستحقة للشركة القطرية الإسرائيلية للكهرباء، المزود الأول للموزعين الفلسطينيين، يشكل تحديا رئيسيا، لما لذلك من وقع مباشر على الوضع المالي ككل في الأراضي الفلسطينية.
وأضاف البنك الدولي، في تقرير جديد له، أن سوق الطاقة الفلسطيني صغير وفرصة تطوير مصادر طاقة وطنية محدودة جدا على الأقل في الوقت الحالي، حيث قد حالت القيود التي يضعها الجانب الإسرائيلي دون إنشاء شبكة طاقة في أجزاء كبيرة من الضفة الغربية (المنطِقة "ج" والتي تشمل 60% من مساحة الضفة)، أضف إلى ذلك غياب الاستقرار والسلام اللذان يقوضان الاستثمارات الخاصة في هذا القطاع.
ويناقش التقرير العوامل التي تحول أمام تسديد دفعات منتظمة، وتضمنت هذه العوامل غياب نظام تحرير فواتير شفاف ومؤسسي من جانب الشركة القطرية الإسرائيلية للكهرباء، إضافة إلى أسعار الفائدة المرتفعة التي تترتب على الدفعات المتأخرة، والتي توضع بشكل أحادي الجانب من المنظم الإسرائيلي.
وقال المدير القطري للبنك الدولي في فلسطين ستين لاو جورجينسن إن "الدفعات العالقة والمستحقة لشركة كهرباء إسرائيل تترك أثراً جسيماً على الحالة المالية المتعثرة لدى الجانب الفلسطيني، وأدت لقطع عشوائي للتيار الكهربائي، كما واقتطعت المتأخرات من العوائد الضريبية (المستحقة للفلسطينيين من الجانب الإسرائيلي) إضافة لتراكم الدين، وهنا يكمن التحدي المتمثل بكيفية تصويب هذا المنحى عبر توفير خدمات الكهرباء على أسس مستدامة مالياً".
وأشار التقرير إلى أن الأراضي الفلسطينية تعتمد اعتمادا كبيرا على خدمات الكهرباء التي تزودها بها الشركة القطرية الإسرائيلية للكهرباء بحوالي 88% من إجمالي الاستهلاك.
"يتوقع في أي اقتصاد سليم أن يعود قطاع الطاقة بأرباح تسهم في التطور الاقتصادي، في حين قد أضفى عدم دفع شركات توزيع الكهرباء والبلديات مقابل الكهرباء المستهلكة المزيد من القيود على موازنة السلطة الفلسطينية ما قد عرقل الاستقرار الاقتصادي".
وبين التقرير أن هناك جهتين رئيسيتين توزعان الكهرباء تتحملان 70% من إجمالي فواتير الكهرباء غير المسددة خلال الفترة الواقعة 2010-2013 (هما شركة توزيع الكهرباء محافظات غزة بنسبة 42% وشركة كهرباء محافظة القدس بنسبة 26%).
وقال: "لاسترداد جزء من الدين المستحق لشركة كهرباء إسرائيل فقد قامت الحكومة الإسرائيلية باقتطاعه من عائدات المقاصة (التي تجنيها نيابة عن السلطة) والتي قدرت في عام 2012 بـ280 مليون دولار أميركي أي 14% من إجمالي عائدات السلطة الفلسطينية (وهذه عبارة عن آلية تعرف بـِصافي الإقراض) وقد وصلت الديون المتراكمة عبر السنين لـِ330 مليون دولار أميركي اعتباراً من شباط عام 2014، ما قد أدى لزيادة العبء المالي على الاقتصاد الفلسطيني المتدهور".
وأظهر التقرير خسائر في الشبكة تنتج من البنية التحتية السيئة وسرقات الكهرباء ما يلحق خسائر كبيرة بالموزعين الفلسطينيين.
"وكان قد تراجع إجمالي معدلات فواتير الكهرباء المحصلة من المواطنين في الضفة الغربية لتصبح 81% عام 2013 في حين كانت 90% في 2011، على العكس من ذلك ازداد إجمالي المعدلات في قطاع غزة في الفترة ذاتها ليصبح 71% بعدما كان 65%، وقد طرأ ذلك إثر تركيب عدادات الدفع المسبق".
ولفت التقرير إلى أنه رغم قيام سلطة الطاقة والموارد الطبيعية الفلسطينية بالشروع في عدة تدابير تهدف لتقليل اقتطاع مستحقات الكهرباء من عائدات المقاصة، لكن لا يغني ذلك عن ضرورة وجود إستراتيجية مترابطة لمعالجة هذه المشكلة.
وقال خبير البنك الدولي للطاقة روجر كوما كونِل إن "عدم دفع الموزعين الفلسطينيين لمستحقات فواتير الكهرباء قد وصل حداً غير مسبوق، ما يتطلب من هذه الشركات الموزعة والبلديات المعنية اتخاذ إجراءات حاسمة. من ناحية أخرى ينبغي على شركة كهرباء إسرائيل التنسيق مع نظرائها الفلسطينيين بغية إنشاء قاعدة بيانات على شبكة الإنترنت لتحويل الفواتير وبيانات المدفوعات بشفافية وضمن الزمن المناسب"