«غرباء ينكرهم المكان»، هكذا يسمي توفيق دعدلة، اليهود الذين ذهبوا للسكن في اللد بعد النكبة («مفترق الألم»، «هآرتس»، 17/7). دعدلة هو مؤلف فنون ومختص بالثقافة الاسلامية. إنه اسرائيلي مثلي، ولكن بالنسبة له أنا غريب ينكرني المكان. نوع من الطحالب التي نمت هنا «بدون جذور وبدون حصانة».
تعال يا توفيق لنكن اسرائيليين معا. اذا أردنا الاستمرار في العيش هنا، خيار أمامنا. أتنازل فلا عن تسمية «يهودية» كتعريف مفصلي لدولة اسرائيل. وأكتفي بـ»الديمقراطية»، وأناضل من اجل الديمقراطية. لكنني لا استطيع النضال وحدي، قم بالنضال معي. الزمن سيعمل لصالحنا، أبناؤك وأبنائي هم اسرائيليون. يوجد لأبنائك الكثير المشترك مع أبنائي، أكثر من الفلسطينيين الذين ليسوا من مواطني اسرائيل، وأكثر من المصريين والسوريين واللبنانيين. لدى أبنائي الكثير المشترك مع أبنائك، أكثر مما هو مشترك مع اليهود في الولايات المتحدة أو في أي مكان آخر في العالم. أنت وأنا، وبدون انتباه، أقمنا هنا شعبا هو الشعب الاسرائيلي. هذه هي هويته القومية الحقيقية. هذا ما يجب أن يكون مسجلا في بطاقات هويتنا.
توفيق، اذا وضعنا أنا وأنت أيدينا بأيدي بعض فسنتحول الى قوة حقيقية في هذه الدولة العنصرية، التي تغرق أمام ناظرينا بالفاشية والبيبية والاصولية. نحن، الكنعانيين الجدد، أبناء المكان، نستطيع بث الأمل. تعال لنبن اسرائيلية تتأسس على التنور والعلمانية والعقلانية، التي تمنح حرية العبادة الكاملة للناس في بيوتهم، لكن ساحتها العامة خالية من الله ومن القبلية العنيفة. اسرائيل دولة ثنائية القومية. المكان يعرفك. ويعرفني ايضا. إنه لنا بنفس القدر. أنا أحثك على الاعتراف بذلك، رغم اجحاف الطرد في 1948. لا يمكن اعادة البيضة بعد تقشيرها، والذكريات الصعبة التي تقف بيننا يمكننا التغلب عليها. عندما اقرأ لك، أكتشف فيك أخي. يوجد بيننا مصير مشترك.
أثناء كتابتي لك، أستمع الى فرقة «رأس» الكندية. العازف في هذه الفرقة، غيدي ليي، هو يهودي من تورنتو، وابن لناجين من الكارثة، ناجين من اوشفيتس ودكاو وبرغن بلزن. وقد أحيا من اجلي حفلة طهور. وهو يعتبر نفسه يهوديا من الناحية الثقافية. إنه يغني عن تجارب والدته في معسكرات الاعتقال. وحسب الموقف الكلاسيكي لليساريين الصهاينة، فان ليي يحظى بـ»الحق الطبيعي» في «ارض اسرائيل». فهذا المكان له حتى لو لم تطأ قدمه هنا. فقط لأنه يهودي ونظرا لأنه من الجيل الثاني للكارثة. أتنصل، يا توفيق، كليا من هذا الموقف. فإسرائيل هي لك ولي، وليست لغيدي ليي. فغيدي ليي هو كندي ولا حقوق له هنا. واذا أرادت اسرائيل أن تكون ديمقراطية فيجب عليها أن تكون دولة الاسرائيليين. اسرائيل هي من الاماكن الاكثر اكتظاظا في العالم، وبعد 15 سنة سيصبح الاسرائيليون من أصل فلسطيني مليوني شخص، حُكم عليهم بالاختلاط. لا توجد أي شرعية اخلاقية لتسمية اسرائيل دولة اليهود. ذكرى الكارثة لا تجعل غيدي ليي مرتبطا بشكل خاص باسرائيل. ولا يجب مقارنة الكارثة بالنكبة (ليس فقط بسبب خصوصيتها بل لأن النكبة لم تكن ابادة شعب)، لكن ذكرى النكبة لا تمنحك صلة عميقة وجذرية اكثر باسرائيل من تلك التي هي محفوظة لي.
علينا اقامة حزب. لا يوجد في الكنيست تمثيل لفكرة الاسرائيلي. وهو المستقبل الافضل الوحيد الذي يوجد لنا.