خسائر حرب غزة الأخيرة تطارد نتنياهو

d0c97cf3cdd2c5c7fe3a1d0f8213f727_w800_h400_cp
حجم الخط

انفجر الخلاف مجدداً داخل الحكومة الإسرائيلية حول مجريات الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة إثر مطالبة عائلات الجنود القتلى بتشكيل لجنة تحقيق رسمية. وتساجل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو علناً مع زعيم البيت اليهودي، وزير التعليم نفتالي بينت حول خطر الأنفاق الهجومية من القطاع. وبدا واضحاً أن نتنياهو قلق من الحالة التي تنشأ ضده على خلفية مطالبة عائلات القتلى بتشكيل لجنة تحقيق، في ظل تقرير حاد من مراقب الدولة ضد أداء حكومة نتنياهو في الحرب.
وكانت عائلات 32 من الجنود الإسرائيليين القتلى في الحرب الأخيرة على غزة قد طالبوا أمس الأول بإنشاء لجنة تحقيق رسمية يرأسها قاض لفحص أداء الحكومة في فترة الحرب التي استمرت 50 يوماً وما قبلها وعواقبها. ووجهت العائلات رسالة لنتنياهو ولوزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، أوضحت فيه وجوب تشكيل لجنة تحقيق مستقلة لفحص الأحداث التي قادت إلى مقتل 67 جندياً إسرائيلياً وخمسة مدنيين.
ويرى معلقون أن هذه الدعوة إضافة إلى تقرير مراقب الدولة الذي سيصدر قريباً عن الحرب، والمتوقع أن يتضمن انتقادات شديدة لأداء الحكومة ورئيسها، دفعت نتنياهو إلى المبادرة للدفاع باتخاذ خط الهجوم. وجمع نتنياهو لعدة ساعات المراسلين العسكريين ليوضح لهم أنه خلافاً لما يشاع عن عدم مناقشة الحكومة مراراً مشكلة الأنفاق الهجومية التي أدت إلى مقتل 16 جندياً في الحرب الأخيرة، احتل الموضوع مكاناً محترماً في نقاشات الحكومة قبل الحرب.
وقال إن الجيش عمل لإيجاد حلول عملانية لتدمير الأنفاق منذ كانون الثاني العام 2013، وقد بحثت المؤسسة الأمنية الموضوع عشرات المرات. وأكد أن «الزعم بأنه لم تجر مداولات حول المسألة يناقض الحقيقة». ومعروف أنه خلال الحرب وبعدها وجهت انتقادات شديدة لنتنياهو ووزير دفاعه حينها موشي يعلون بهذا الشأن، وكان بينت بين أبرز المنتقدين. وتؤكد مصادر إعلامية إسرائيلية أن المجلس الوزاري المصغر بحث مسألة الأنفاق ما لا يقل عن ثماني، مرات كما أن المؤسسة العسكرية شاركت بحضور نتنياهو في بحث الموضوع أكثر من عشرين مرة بحضور مختصين وخبراء من الجيش والاستخبارات والأبحاث التكنولوجية.
وأشار المراسل العسكري لـ «هآرتس» عاموس هارئيل إلى أن نتنياهو في حديثه مع المراسلين، حاضر عن الوضع الاستراتيجي للدولة العبرية وعن شبكة التحالفات التي أنشأها في الشرق الأوسط وخارجه، عبر استغلال المزايا الاستخباراتية والتكنولوجية المتوفرة لإسرائيل في مواجهة القلاقل العالمية ومخاطر ما أسماه بالإرهاب. ولكن أهم ما قال نتنياهو كان يتعلق برد الانتقادات ضده من داخل الحكومة حول الحرب ومجرياتها.
وأثار كلام نتنياهو على وجه الخصوص نفتالي بينت الذي كان صارخاً في انتقاداته للحكومة أثناء الحرب على غزة، مركزاً على عدم إجراء نقاشات حول خطر الأنفاق في المجلس الوزاري المصغر. وقال بينت إن «كل آمر سرية في الجيش يستخلص العبر في ختام كل مناورة حتى لا يكرر ثانية أخطاءه ولتحسين أدائه، ما يصح على آمر السرية يصح أضعافاً على الزعامة السياسية الأمنية في دولة إسرائيل». وشدد بينت على أنه «قبيل المعركة المقبلة من واجبنا أن نتعلم من أخطائنا وعدم إنكارها. فاستخلاص العبر الحقيقية هي شارة قوة وثقة بالنفس. من ليس مستعداً للتعلم من أخطاء الماضي، فمحكوم بأن يكررها في المستقبل».
وكانت نصوص من مسودة تقرير مراقب الدولة نشرت في «هآرتس» أظهرت أن نتنياهو ووزير الدفاع حينها، موشي يعلون أخفيا معلومات عن أعضاء الكابينت. وقالت جهات اطلعت على المسودة إن نتنياهو ويعلون ورئيس الأركان حينها بني غانتس أداروا وحدهم معظم مجريات الحرب، عبر إخفاء معلومات كثيرة جداً عن أعضاء الكابينت. ومن المتوقع أن ينشر مراقب الدولة تقريره قبل شهر تشرين الأول المقبل.
واعتبر مراسلون مسارعة نتنياهو إلى استخدام القصف المدفعي وسيلة لمنع نشوب عاصفة سياسية جراء مطالبة عائلات الجنود القتلى بتشكيل لجنة تحقيق رسمية وبسبب قرب نشر تقرير مراقب الدولة الانتقادي. ولا يستبعد معلقون أن يكون الهدف إسكات المعارضين ودفع مراقب الدولة إلى تلطيف لهجته الانتقادية عبر إثارة الشك مسبقاً به.
وخلافاً للتقديرات التي رأت في الحرب الأخيرة على غزة تعادلاً غير مريح لإسرائيل، أعلن نتنياهو أن الحرب كانت نجاحاً كبيراً. فـ «حماس» في نظره لم تحقق أيا من أهدافها والجيش الإسرائيلي فعل ما كان منتظراً منه وخرج من القطاع من دون أن يغرق في أوحاله. والدليل في نظره أن «حماس» مرتدعة حالياً بعد عامين من الحرب وهي لا تـريد جــولة قتال أخرى.
واعتبر المعلق السياسي لـ «معاريف» بن كسبيت أن نتنياهو بعد عامين من الحرب على غزة لا يزال يخشى تشكيل لجنة تحقيق رسمية. واعتبر أن نتنياهو في اللقاء مع المراسلين تفاخر بأنه حقق النصر لكن أحداً لم يصدقه. وكتب: «سجلوا أمامكم في عهد نتنياهو - المحارب الكبير ضد الإرهاب، الرجل الذي وعد بإسقاط حماس - فإن من ينتصر لإسرائيل في الحرب هو عدد منظومات القبة الحديدية، التي نستتر جميعاً خلفها». وأشار كسبيت إلى أنه «إذا كانت الجرف الصامد انتصاراً فإن الرصاص المسكوب هي مزيج من معركتي ووترلو والعلمين. للتذكير، بعد الرصاص المسكوب وقف نتنياهو على أبواب عسقلان وأعلن بنبرته الحازمة أنه عندما سيتولى الحكم سيترك الجيش يحقق الانتصار، ولن يكبحه كما فعل أولمرت وليفني، وأنه سيسقط حكم حماس في القطاع». للتذكير هناك أنباء بسماح إسرائيل لقطر بدفع رواتب شهر لموظفي حكومة «حماس»، ما دفع معلقين للقول إن إسرائيل لا تستقوي إلا على أبو مازن.