نادية أبو نحلة (البكري) التي تبلغ 52 سنة من عمرها، مرضت بسرطان الثدي وهي تخضع للعلاج، تأخرت كثيرا عن الفحصوصات الطبية الاعتيادية التي يجب أن تجريها. في عام 2009 تم علاجها بنجاح في مستشفى شيبا بالعلاج الكيماوي وبعملية جراحية وبالاشعاع. وفي جميع المراحل طلبت وحصلت على تصريح خروج. ولكن كانت هناك فترة بقيت فيها في اسرائيل مدة شهرين ونصف بشكل متواصل. ومن بين أبناء عائلتها، أمها فقط، التي سمح لها بمرافقتها. وبعد ذلك واصلت العلاج المنتظم من قبل الطاقم الذي تابع حالتها باخلاص واهتمام. ومعروف كم هي المتابعة ضرورية. الاجهزة المطلوبة للفحوصات الاعتيادية غير موجودة في قطاع غزة، فقد مُنع ادخالها. وقيود الحركة المتزايدة تضر ايضا بمستوى العلاج في القطاع. وبشكل عام، لا تسنح الفرصة لبقائها تحت الرقابة الطبية للطاقم الذي يعرفها بشكل جيد.
أبو نحلة تدير فرع غزة لاحدى المؤسسات الفلسطينية القديمة التي تعمل على مساواة النساء وهي "اللجنة التقنية لشؤون المرأة". وفي السنوات الاخيرة مع التخفيف القليل للحصار حصلت على تصريح خروج للمشاركة في اللقاءات والمؤتمرات في الضفة الغربية وفي خارج البلاد.
في شباط من هذا العام سافرت عن طريق جسر اللنبي لزيارة إبنتها وإبنها اللذان يتعلمان في عمان. وقد بقيت هناك مدة اسبوعين وعادت. الأبناء لا يتجرأون على المجيء للزيارة خشية من عدم السماح لهم بالمغادرة لاستكمال دراستهم.
نادية تعاني في الآونة الاخيرة من آلام في العظام. وفي الفحص في مستشفى شيبا في كانون الاول 2015 تم تحديد موعد لها في 30 آذار 2016. وعندما طلبت الحصول على تصريح خروج قبل الموعد فوجئت بالاجابة السلبية. "مرفوضة"، قيل لها. وقامت بتحديد موعد آخر وقدمت طلب تصريح مرة اخرى ورُفضت مرة اخرى. وبعدها موعد آخر وطلب آخر ورفض ثالث. وطلبها للخروج من اجل المشاركة في المؤتمرات في الضفة والخارج، رفض فجأة ايضا دون تفسير. وأريد الاشارة هنا الى أننا نحن هنا نعرف بعضنا البعض منذ أكثر من عشرين سنة، لكنني سمعت عن هذه المشكلة فقط في يوم الاحد من هذا الاسبوع. بعد الرفض الثاني تم استدعاء أبو نحلة للالتقاء مع مركز "الشباك" في حاجز ايرز. وقد وصلت الساعة التاسعة والنصف وانتظرت الى ما بعد الساعة الرابعة حيث دخلت للمقابلة التي استمرت نصف ساعة. وقد تم سؤالها عن الأبناء، العمل، وما الذي فعلته في عمان. ولم يكن هناك أي ادعاء حول نشاط غير قانوني. "اذا كنت خطيرة فقم باعتقالي"، قالت لرجل "الشباك". وهو لم يُجب. هناك مرضى كثيرين آخرين تم استدعاءهم وانتظروا هناك من اجل مقابلته.
"أي خطر أمني أشكله على اسرائيل اذا سافرت للفحص في تل هشومير؟"، تساءلت. "على مدخل المستشفى يأخذون بطاقة هويتي والتصريح. وأنا لا يمكننا الخروج والتجول هناك. وعندما أخرج في المساء وأحصل على بطاقة هويتي يقومون بابلاغ حاجز ايرز على الفور في أنني في الطريق الى هناك. أنا أحب أن أكون في غزة. فهناك عائلتي وعملي. وبالتأكيد لا أريد الاستقرار في الضفة، لكن لي الحق في الحصول على العلاج".
أسئلة كهذه قامت صحيفة "هآرتس" بتوجيهها لمتحدثي "الشباك" ومنسق شؤون المناطق. وقد جاء من مكتب رئيس الحكومة أول أمس على لسان "الشباك": "دولة اسرائيل تسمح في الحالات الانسانية الملحة ومن اجل انقاذ الحياة بدخول سكان قطاع غزة الى اسرائيل ويهودا والسامرة للحصول على العلاج الطبي. وقد تم فحص طلب نادية البكري وتبين أنها لا تستجيب لهذه المعايير. ومع ذلك اذا قامت بتقديم طلب آخر للحصول على تصريح مع الوثائق الطبية المطلوبة، فسنعود ونفحص هذا الطلب".
أنا آمل أن تحصل على تصريح العلاج في القريب العاجل. ولكن أبو نحلة هي واحدة من بين الكثيرين في غزة، المرضى ورجال الاعمال والمرتبطون بمنظمات دولية، الذين سمح لهم في الماضي القريب الخروج بناء على معايير "الشباك". والذين فجأة، في الاشهر الاخيرة، تحولوا الى "ممنوعين أمنيا"، دون تقديم أي سبب ودون شفافية ودون منطق أو قلب.