عندما تصمم الادارة الأميركية على تنفيذ سياسة تتعلق بلباب مصلحتها القومية لا يمكن لاسرائيل أن تثنيها. يمكنها أن تقوم بالمناورات، باستعراض العضلات، ولكنها لن تنجح في تغيير أي شيء، كما أنها لا يمكنها أن تعتمد على رأي عام متعاطف أو على الكونغرس. هذا درس تاريخي صحيح لكل الادارات، فما بالك ادارة اوباما؟
هذا ما حصل بشأن الاتفاق النووي الايراني، وهذا ما يحصل حول اتفاق المساعدات الامنية.
الاحد القادم سيسافر إلى واشنطن يعقوب نيغل، القائم بأعمال رئيس قيادة الامن القومي، كي يضع المسودة النهائية للاتفاق الذي سيوقع قبل التاسع من تشرين الثاني، الموعد الذي يتحرر فيه اوباما من قيود التزامه بالمرشحة الديمقراطية ويكون بوسعه عمل ما يحلو له. ومن المرغوب فيه أن يحصل هذا قبل اقرار ميزانية الدفاع في اسرائيل في تشرين الاول وقبل رأس السنة العبرية، بحيث يعرض الاتفاق كهدية لشعب اسرائيل على شرف العيد.
التواريخ مهمة، إذ إن كل المفاوضات الصاخبة، كل الدرامات امام الأميركيين والجدالات السياسية في اسرائيل على اتفاق المساعدات للسنوات العشر القادمة تأتي لخدمة أجندة في توقيت معين.
عندما بدأ النقاش قبل اكثر من سنة، كان لأحد ما في اسرائيل مصلحة في خلق احساس بأن هذا اتفاق يجب تجديده في أقرب وقت ممكن.
هذا ليس صحيحا على الاطلاق، فالاتفاق الجديد على أية حال سيبدأ بالميزانية الأميركية للعام 2018، والتي لن تجمل الا في تشرين الاول 2017. ما ستحصل عليه اسرائيل هو الى هذا الحد او ذاك ما خططت الادارة لاعطائه على أية حال.
في المرحلة الاولية عرض الطرفان مبالغ غير واقعية، لم يأخذها احد على محمل الجد.
الادارة منذ البداية قررت منح اسرائيل مساعدات بالحجم ذاته – بمبالغ واقعية – الذي حصلت عليه في عهد ادارة بوش، مع بعض التكييفات والظروف المختلفة.
فقد أعطت إدارة بوش لاسرائيل 3.1 مليار دولار في السنة.
وأضاف الاقتصاديون الى هذا المبلغ 20 في المئة بسبب التضخم المالي في العقد الاخير في الولايات المتحدة، وأدخلت الادارة الاموال التي أقرها الكونغرس بشكل منفصل لاسرائيل لصالح الدفاع الفاعل. حصلنا على 3.8 – 3.9 مليار دولار في السنة، وهذا ما سنحصل عليه لاحقا، واذا كانت هناك اضافة، فهذه ستكون طفيفة.
في هذه الاثناء أوضح الأميركيون لاسرائيل بأنها لن تتمكن بعد الآن من التوجه إلى الكونغرس وطلب زيادات من خلف ظهر الرئيس.
كما ستضطر اسرائيل الى التنازل عن امكانية استبدال ربع مبلغ المساعدات بالشواكل، وفي هذه اللحظة تحاول ان تلغي هذا الاستبدال بالتدريج كي يتمكن الاقتصاد الاسرائيلي من ان يشفى من الاكسجين الأميركي.
ويدور الحديث عن 1.2 مليار دولار في السنة – وهو مبلغ يعيل عشرات المصانع الصغيرة والمتوسطة التي تشكل مقاولين فرعيين للصناعات الكبرى وقسما من الصناعات الكبرى التي لم تستعد للتعاون مع المصانع الأميركية. وفي تقدير غير دقيق يدور الحديث عن امكانية اقالة اكثر من 3 الاف عامل في الاقتصاد.
يمكن لاسرائيل ان تتجاوز ازالة أموال الاستبدال من خلال مبالغ شراء تبادلي مع الصناعات الأميركية. فشركة مثل جنرال ديناميكس، التي تنتج اليوم عناصر مركزية من مجنزرة «نمر»، تتعهد بأن تشتري في اسرائيل بضائع مثلما فعلت «لوكهايد مارتن» بعد صفقة اف 35. وعلى وزارة المالية أن تستعد بما يتناسب مع ذلك، وذلك لأنه حسب الاتفاق الجديد يمكن شراء صواريخ الاعتراض لـ «القبة الحديدية» مثلا بمال أميركي في الولايات المتحدة فقط وليس في «رفائيل».
كان يمكن انهاء هذا الاتفاق منذ زمن بعيد، هكذا يفكرون في وزارة الدفاع، في وزارة المالية، وفي الجيش. ولكن الازمات مع الادارة شكلت في السنة والنصف الاخيرتين أداة عمل لتحقيق حاجات سياسية داخلية وخارجية.
هذه الاداة على ما يبدو استنفدت دورها، وعليه فان الاتفاق سيوقع.
مصر تطالب بتنسيق دولي لنقل المساعدات لغزة في أقرب وقت
18 أكتوبر 2023