حركة فتح والانتخابات المحلية (البلدية)

thumbgen (11)
حجم الخط
 

يسود تفاؤل حذر بعد الاتفاق على إجراء الانتخابات المحلية، حيث تمثل هذه الخطوة عودة إلى المسار الديمقراطي الذي افتقدناه منُذ الانتخابات الرئاسية عام 2005 والانتخابات التشريعية عام 2006 نتيجة موضوعية للانقسام الذي خلقته حركة حماس بانقلابها في قطاع غزة عام 2007، هذا الانقسام الذي مازلنا نعاني من ويلاته وبالأخص سياسياً وفي قطاع غزة.

لعل العودة إلى المسار الديموقراطي بأجراء الانتخابات المحلية (البلدية) في أكتوبر المقبل إذا ما جرت في أجواء إيجابيه وبنزاهة وشفافية تعبد الطريق لأنهاء الانقسام من جهة، والسير نحو الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية من جهة ثانية، ولعلها تؤكد أن حركة فتح هي حركة الشعب الفلسطيني وهي الأجدر بقيادة شعبها وقيادة نضاله الوطني نحو الحرية والانعتاق الذاتي وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، إذا ما فازت حركة فتح بهذه الانتخابات من جهة ثالثة، ولربما تخلق هذه الانتخابات توافق وطني وتشكيل جبهة وطنية من فصائل منظمة التحرير والقوى الوطنية ومنظمات المجتمع المدني والمستقلين من جهة رابعة.

إذا أرادت حركة فتح أن تحقق حُلمها بالفوز بالانتخابات فعليها استحقاقات يجب استيفائها، وعلى الحركة أن ترفع شعار " البديل للفوز هو الفوز ) ولا مجال غير ذلك، ولذلك وجب على الحركة خلق البيئة المناسبة لاستيفاء الاستحقاقات التالية:

1- حل مشاكل الحركة الداخلية التي أًثرت على قوة الحركة، أَيما كان نوع أو مصدر تلك المشاكل، والإسراع بتضميد الجراح ولّم الشمل وعدم ترك مشاكل عالقة ستؤثر على مكانة الحركة وقوتها الانتخابية، ووجوباً يتطلب الأمر رأب التمزق  الذي أصاب  النسيج الداخلي للحركة. الحركة وجميع أبنائها أمام لحظة تاريخية فارقه فاذا لم يبادر كل من خلق مشكلة بحلها والتخلي عن الأنا، فهذا ليس في صالح الحركة، والتاريخ لا يرحم، ولعله مطلوب من اللجنة المركزية والمجلس الثوري والمجلس الاستشاري الاسراع بعقد اجتماع مشترك لوضع نهاية للمشاكل العالقة.

2- التنظيم هو الذي يشكل العمود الفقري للحركة وهو القوة الضاربة لها والذي يقودها ميدانياً، ان لم يتم تدارك  المشاكل التي يعاني منها التنظيم على وجه السرعة، فمن الصعوبة بمكان أن تحقق الحركة طموحاتها، وكما شخصت اللجنة المكلفة بدراسة وضع الحركة، فأن التنظيم يعاني من انفلاش وعدم انضباط ويميل إلى العشائرية، فتنظيم  هذا هو شأنه وتلك هي طبيعته غير قادر علي القيام بواجباته الوطنية لذلك يلزم الاسراع في إنهاء هذه الحالة وجعل التنظيم أكتر انضباطاً وولاءً للحركة ومبادئها وأهدافها وليس لهذا الشخص أو ذاك، وإلاَّ سيتكرر سيناريو الانتخابات التشريعية عام 2006.  ونود الإشارة إلى ان مشاكل التنظيم في قطاع غزة تختلف عن مثيلتها في الضفة الغربية، ففي القطاع يعاني التنظيم من مشاكل مزمنة استعصت حتى الان على الحل، وهي تتمثل  بالإضافة الي ماسبق في فصل كوادر من الحركة أو تجميد عضوية أو تجميد مخصصات أو ترقين قيد وتفريغات 2005 وتدخلات أعضاء اللجنة المركزية وما خلقته من سياسة محاور وتعدد الولاءات. نحن أمام مهمة مقدسة يجب أن يكون التنظيم جاهزاً لها وموحداً قيادة وولاءً وفكراً.

3- علاقة الحركة بالتنظيمات الفلسطينية وبخاصة المنضوية تحت مظلة منظمة التحرير، يتطلب الأمر توطيد وتوثيق العلاقة مع هذه التنظيمات والقوى الوطنية ونزع فتيل التوتر مع الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية، والسعي من أجل خلق جبهة وطنية تخوض الانتخابات مقابل حركة حماس وحلفائها، فالفوز من خلال جبهة يؤكد أهمية المنظمة بوصفها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

4- تصحيح علاقة الحركة مع الجماهير، هذه العلاقة التي اهتزت خلال السنوات الماضية، حيث ابتعدت الحركة عن الجماهير وعن مشاكلها، ولم تعد "فتح" هي المدافع عن مصالح الجماهير وحمايتها، بل أصبحت رؤية الجماهير ان كل مساوئ السلطة سببها حركة فتح وأن فتح هي المستفيدة من السلطة والاستحواذ على الوظائف والمنافع، وتركت مطالب الجماهير بل وقفت ضدها أحياناً، كما هو الحال في مشكلة المعلمين والأطباء وقانون التقاعد وقانون الخدمة المدنية هذا على سبيل المثال لا الحصر.لذلك يتطلب الأمر مصالحة الجماهير وعقد ميثاق شرف معها، بأن فتح هي المعنية بمصالح الجماهير والدفاع عنها وهذا يتطلب التنسيق مع النقابات ومنظمات المجتمع المدني والمستقلين والذهاب إلى الجماهير في أماكن تواجدها، هذا وللمرأة  دوراً بارزاً في هذا المجال.

5- اختيار شخصيات مؤهلة ومقبولة جماهيراً لخوض الانتخابات ووضع معايير لاختيار مَنْ يمثل الحركة، سواء من أبنائها أو أنصارها أو شخصيات عامة ذات شأن فيجب التقيد بمعايير  الكفاءة وليس الولاء فقط، ثقة الجماهير ونظافة اليد والسلوك الحسن والأخلاق الحميدة والتعليم والأنفع لأبناء بلديتهم والأكثر مهنية ، وقد يكون الدفع بشباب وشابات على مستويات راقية أحد عوامل النجاح، ويتطلب الأمر أشراك التنظيم ( القاعدة التنظيمية ) في الاختيار.

6- خوض الانتخابات تحت شعار لا بديل للفوز بالانتخابات إلا الفوز، وهذا يتطلب إضافة إلى ما سبق التعرف الجيد على خصائص المجتمع الانتخابي واتجاهاته السياسية، والتعرف على قوة الخصم ومكامن ضعفه دون تقليل أو تهويل، فمعرفة المجتمع الانتخابي ومكامن قوة وضعف الخصم تجعل الحركة أقرب للفوز، وهذه مهمة التنظيم من حيث المبدأ.

7- المشاركة في اتخاذ القرار الانتخابي وإدارة العملية الانتخابية في مختلف مراحلها وعدم انفراد اللجنة المركزية بذلك، فلابد من شراكة تضم اللجنة المركزية والمجلس الثوري والمجلس الاستشاري وأمناء سر الأقاليم والمكاتب الحركية للنقابات، ولا بأس من مشاركة الأصدقاء وذوي الخبرة من رجالات المجتمع الفلسطيني.

8- إدارة الحملة الانتخابية والاعتماد على الشباب في عملية الأعداد والتحضير واتخاذ القرار وتنفيذه وفق خطة يتم وضعها بأحكام يشارك في وضعها المتخصصون من أبناء التنظيم وكوادر الحركة الأكفاء. فإدارة الحملة الانتخابية بكفاءة واقتدار شرط أساسي للنجاح.

9- صياغة ( وضع ) برنامج انتخابي لمرشحي الحركة، يرتكز على تلبية احتياجات الجماهير، ويكون البرنامج واقعي وعملي وقابل للتنفيذ، ويتضمن مشروعات تنموية يتم تنفيذها بمبدأ الشراكة الشعبية، ووضع أليات واضحة للتنفيذ والمتابعة من قبل الشركاء، فمبدأ الشراكة هام ومقنع للجماهير، ويتم تحديد المشروعات حسب احتياجات كل منطقة من المناطق.

10-  خطة التحرك الإعلامي والسياسي للحملة الانتخابية غايةً في الأهمية، ولكي تنجح يجب مراعاة أن يتصدى لها كفاءات عالية المستوى وغير تقليدية، وفيما يخص الجانب الإعلامي يجب  أن يعتمد على إعلاميين مؤهلين ومتخصصين ووجوه غيرمألوفة أي جديدة قادرة على التعامل مع الجماهير. وفيما يتعلق بالجانب السياسي، يتطلب الأمر الابتعاد عن الوجوه التي باتت محروقة ومستهلكة لدى الجماهير واستبدالها بعناصر شابة مؤهلة وذات مصداقيه عالية.

ننتظر الغد وأن غداً لناظره لقريب . نثق في قدرة حركتنا على الفوز وتهيئة  كل سبل النجاح لذلك، نريد ان ننهي مرحله من تاريخ النظام السياسي الفلسطيني الأعرج بسبب الانقسام، وننتقل إلى مرحله متقدمة من تاريخ نظامنا السياسي الواحد والديمقراطي، من أجل وضع استراتيجية لتحقيق طموحات وأمال شعبنا في إقامة دولته الفلسطينية المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس وإنجاز  الوعد بهذه الدولة وانجاز حق العودة وحرية أسرانا البواسل وعودة الحياة الكريمة لقدسنا ومقدساتنا الاسلامية والمسيحية بتحريرها من ربق الاحتلال الصهيوني.

بسم الله الرحمن الرحيم

"رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ"

صدق الله العظيم