الصراع على زعامة اليمين يستعر داخل حكومة نتنياهو

d0c97cf3cdd2c5c7fe3a1d0f8213f727_w800_h400_cp
حجم الخط

عاد الخلاف لينفجر من جديد داخل الحكومة الإسرائيلية بين رئيسها بنيامين نتنياهو وحزبه الليكود، ووزير تعليمه نفتالي بينت و»البيت اليهودي». ونظراً لأن الخلاف يدور في الأساس حول رغبة كل من الرجلين والحزبين بتزعم اليمين الإسرائيلي، فإن التبريرات لمظاهر هذا الخلاف كثيرة.
وتتلاحق مظاهر الخلاف من شؤون داخلية، مثل تعيين سكرتير عسكري لأعضاء الكابينت، إلى الخلاف حول الأنفاق في غزة، وصولاً إلى الخلاف حول مؤسسة البث العام، والتي تعني السيطرة على وسائل الإعلام. وبين حين وآخر، يضفي نتنياهو على هذا الخلاف بهارات سياسية، بالحديث عن إدخال «المعسكر الصهيوني» إلى حكومته من أجل تعزيز فرصة التقدم بمبادرة سياسية، ما يزيد الخلاف حدة مع «البيت اليهودي».
وقد بيّنت تجربة الأسابيع الأخيرة أن كل مظاهر الخلاف كانت تصل إلى الذروة بتهديدات بالانسحاب من الحكومة أو بتهديدات بالطرد من الحكومة، لكنها كانت تنتهي بالاضمحلال وعودة المياه إلى مجاريها. ولم تتقلص حدة الخلافات بين نتنياهو والليكود من جهة، وبينت و»البيت اليهودي» من جهة أخرى حتى بعد توسيع الائتلاف وضم «إسرائيل بيتنا» بزعامة أفيغدور ليبرمان للحكومة. ورغم أن الائتلاف لم يعد يستند إلى أغلبية صوت واحد، إلا أن خروج «البيت اليهودي» منه يعني اسقاط الحكومة. وربما لهذا السبب يحاول نتنياهو مغازلة «المعسكر الصهيوني» بإحياء فكرة توسيع الائتلاف لمواجهة المبادرة الفرنسية عبر التصدي لها بتأييد المبادرة المصرية.
وواضح أن الصراع هذه المرة يختلف عن السابق لتركيزه على قرار الحكومة بشأن مؤسسة البث العام ومحاولة نتنياهو، بوصفه وزيرا للإعلام، تعميق سيطرته على الإعلام الإسرائيلي. وخلافاً لأغلب صراعات الماضي حيث كان الليكود في جهة و»البيت اليهودي» في جهة أخرى، هناك اليوم وزراء من الليكود يعارضون سيطرة نتنياهو على الإعلام ويظهرون وكأنهم حلفاء لبينت في مواجهة من يحاول تحطيم القيم الديموقراطية.
ومعروفٌ أن في الحكومة قوى أخرى مثل حزب «كلنا» مستعدة للوقوف أيضاً في وجه نتنياهو، ما يعني في نظر المعلقين أن الخلاف الحالي قد يشرخ الحكومة وقد يسقطها إذا ما تصاعد. ويعتقد معلقون أن هوس نتنياهو بالسيطرة على الإعلام قاده إلى خسارة عدد من حلفائه السابقين، مذكّرين بأن حكومته السابقة تفككت بسبب القانون الذي عرف بـ «قانون إسرائيل اليوم»، وهي الصحيفة المقرّبة منه.
ويرى معلّقون إسرائيليون أن أخطر ما في الخلاف الجديد أنه يضم بين ثناياه الخلافات السابقة، وأبرزها مسألة مكافحة الأنفاق في غزة والذي برز حتى أثناء حرب 2014 نفسها. ومعروف أن الصحافة الإسرائيلية انشغلت كثيراً بمختلف الروايات الصادرة عن نتنياهو وبينت ووزراء آخرين، والتي تمهد لنشر تقرير مراقب الدولة في ظل مطالبات متزايدة بتشكيل لجنة تحقيق رسمية. وخلال السجال بين الرجلين، تبادل زعيما الحزبين الأكبرين في الائتلاف أوصافاً مثل الكذب وعدم التزام الحقيقة.
وفي اليومين الماضيين، صعّد بينت الحملة ضد نتنياهو بعدما أطلق الأخير رجاله ضد «البيت اليهودي» واتهامهم بأنهم يعملون لدى خصومه السياسيين في وسائل الإعلام، وخصوصاً نوني موزس صاحب صحيفة «يديعوت أحرنوت». وقال قادة في الليكود إن «بينت وشكيد هم أحبّاء اليسار ونوني موزس، الداعمين بأشكال لا تتوقف لعمليات المس برئيس الحكومة نتنياهو وبسلطة الليكود».
واتهم «البيت اليهودي» نتنياهو بأنه يطلق النار «داخل المدرّعة»، معلنين أن أيام «الطفولة ولّت». وقال «البيت اليهودي» في بيان دفاع عن بينت وهجوم على نتنياهو إن «نتنياهو يطلق النار ثانية داخل المدرّعة.. ومثلما سبق له أن أطلق النار داخل المدرّعة عندما صوّت إلى جانب خطة الفصل وتدمير غوش قطيف، وكما أطلق النار في المدرّعة عندما أفرج عن أكبر عدد من المخرّبين في تاريخ الدولة، وعندما جمّد البناء الاستيطاني، وعندما خنع لحماس وعندما أعلن عن قيام فلسطين في جامعة بار إيلان، وعندما يعدّ القبعات الدينية على رأس المراسلين في وسائل الإعلام».
واعتبر البيان أن «الأشد إثارة للسخرية أن نتنياهو يطلق النار داخل المدرّعة من أجل أن يدخل إليها اسحق هرتسوغ وشابير وميخائيلي ويوسي يونا». وأوضح البيان أن نتنياهو «قبل لحظة من الانتخابات يتقرب للجمهور اليميني الديني، لكنه بعد دقيقة من الانتخابات يلقي بهم جانباً ويحتقرهم. لقد انتهت أيام الطفولة».
وأمس، أبلغ نتنياهو المراسلين السياسيين أنه خلافاً لزعم خصومه، فإنه لا ينوي السيطرة على الإعلام أو منع نشر تقرير مراقب الدولة بشأن حرب «الجرف الصامد» على غزة. وأوضح أنه على العكس يطمح لأن تظهر الحقيقة للجميع، وأن يترك للجمهور إصدار حكمه. وشدد على أن الوقائع تقف إلى جانب روايته، وأن الجمهور عندما يطلع على المعطيات والأرقام فإنه سوف يقتنع. وقال نتنياهو إن «التنافس في وسائل الإعلام سوف ينقل القوة للجمهور، وأن «بعض السياسيين يحاولون أن ينالوا إعجاب وسائل الإعلام».
وقال نتنياهو إن «دورنا هو عدم التساوق مع المصالح الاقتصادية والسياسية والعمل للحصول على نشرات أخبار خالية من الدعاية. دورنا هو أن نعمل ما فيه صالح الجمهور. وصالح الجمهور هو في المنافسة والمنافسة والمزيد من المنافسة». ووقف ضد خصومه قائلاً: «يتحدثون عن السيطرة على وسائل الإعلام؟ المنافسة هي النقيض التام لهذا. هي ستنقل القوة للجمهور، لمواطني إسرائل، وهم من سيقرر ويختار. وليس سراً أن قسماً كبيراً من الجمهور لا مكان له في الإعلام الإسرائيلي. المنافسة ستخلق تنوعاً وتظهر تعددية المجتمع. دعوا الجمهور يختار».
في كل حال، وعلى خلفية الخلاف مع «البيت اليهودي»، عاد نتنياهو للحديث عن ضم «المعسكر الصهيوني» بزعامة اسحق هرتسوغ وتسيبي ليفني، معلناً أن ذلك يأتي من أجل «حث الفرص السياسية». وأعلن نتنياهو أنه «في هذا الوقت لا توجد اتصالات، ولكن توجد رغبة من أجل خلق الاستقرار السياسي ومواجهة واقع يتغير وهو مليء بالفرص والمخاطر».