مرَّ عيدُ الجيش «خلسةً»: لا احتفال تزينه السيوف و «فخامة الرئيس» يسلمها للضباط الجدد، ولا القبعات البيضاء تتطاير فرحاً بالتخرج على وقع زغاريد الأمهات ودموع الآباء الذين استطاع أبناؤهم تجاوز الحواجز المذهبية (والذهبية) للدخول إلى المدرسة الحربية...
الرئاسة الأولى تتعذر ولادتها والفراغ يدوي في قصرها الذي انفتح على طموحات العسكريين (عاملين أو متقاعدين)...
والرئاسة الثانية محتجزة في البيت تجتهد لملء الفراغ في انتظار الذي يفترض أن يأتي فلا يأتي في انتظار «الدول» المشغولة الآن في رد وحش «الإرهاب» عنها، وهي التي رعته صغيراً فتمرد عليها عندما شبَّ وأخذ يضربها فيدميها...
و«المجلس» مغلق إلا على ثرثرة النواب الذين يقصدون مبناه التاريخي لالتقاط صورهم متضاحكين من فوق خلافاتهم «العقائدية» الراسخة باعتبارها أقصر الطرق إلى «الشعبية»...
أما الرئاسة الثالثة فتصنع من الصبر شرابا لتهدئة الأعصاب في مجلس الملاكمة الأسبوعي بين الوزراء حلفاء وخصوماً وبين وبين.
الدولة بلا موازنة، لكن الصفقات لما تتوقف... فالمزاد مفتوح على المؤسسات جميعا وفيها، من الزبالة إلى الخلوي، ومن الكهرباء إلى المياه، ومن الأراضي الأميرية إلى الصفقات بالتراضي، ومن الوزارات التي يشغلها «وكيل» ويبقى القرار فيها لـ «الأصيل» كما في وزارات عدة.
تناقصت المراهنات على الرئاسة الأولى التي باتت قضية دولية معقدة تنتظر نهاية ما للحرب في سوريا وعليها، وكذلك للحرب في العراق على «داعش» ومن رباه فغذاه وسهل له «العبور» و«الانتقال الحر» عبر مئات الكيلومترات من الصحاري المكشوفة ما بين تركيا وكل من سوريا والعراق، من دون أن ننسى الأردن بالقواعد الأميركية فيه ومعاهدة عدم الاعتداء التي احترمها «الداعشيون» فلم يضربوا فيه واكتفوا بالتسهيلات اللوجستية التي شملت شراء النفط المنهوب من سوريا والعراق...
... ومن دون أن ننسى «التحالف الموضوعي» بين إسرائيل و «داعش» فلا هي «تضربهم» ولا هم يقتحمونها لاستعادتها من غاصبيها إلى دولة خلافتهم العتيدة باعتبارها بعض دولتهم الإسلامية!
في أي حال، فإن تجربة الفراغ في رئاسة الدولة لم تكن مزعجة أو مصدراً للخسارة لأي من «الدول»، بل إنها تركت أبواب البازار مفتوحة أمام العواصم البعيدة وسفاراتها القريبة؛ والمرشحون، العلنيون منهم والمكتومون، يستقبلون بلا تعب السفراء والقائمين بالأعمال، والوزراء العابرين، أو «الأشباح» من حملة أسرار القصور الملكية والجمهورية، والمطلعين على الخفايا والملفات المكتومة، وبينها «صاحب الحظ السعيد» الذي سيتجلبب قريباً بالفخامة وحرس الشرف والتوقيع المفتاح.
مبروك للضباط الجدد في جيشنا الذي بات مقدراً على قائده أن يتطلع، منذ لحظة تنصيبه على رأس المؤسسة العسكرية، إلى «القصر» القريب وكأنه محطته التالية... قبل التقاعد أو تجاوزاً له بالحظ أو عبر اختلاف «الدول» صاحبة القرار بتتويج الملك الجديد!
لا عيد... والتهاني مؤجلة إلى موعد يحدد لاحقاً... لاحقاً!
حمى الله الجيش الذي يرى في أداء واجبه العيد.