معركة الشجاعية بحاجة إلى مراجعة خاصة

20150804210952
حجم الخط

ما يبعث على الاحباط جدا في التقرير الذي نشر هنا، أول من امس، تحت عنوان «شهادات من اللظى – معركة الشجاعية»، هو الاحساس باننا قرأنا هذا من قبل. ليس مرة واحدة، بل عشرات المرات. ذات الاوصاف، ذات الصيغ، ذات الاجوبة من مستويات القيادة، وليس واضحا دوما، في القراءة الاولى، اذا كان الحديث يدور عن احتلال مدينة السويس في اليوم الاخير من حرب «يوم الغفران»، في معركة بنت جبيل في حرب لبنان الثانية، او في احدى الحملات التي كانت بين هذه وتلك.
أسماء الأماكن تتبدل وكذا أسماء الموتى. أما كل ما تبقى فهو بالضبط الشيء ذاته: الحزن، انعدام الوسيلة، المعرفة المريرة بان هذا الجهاز المتعلم، الذي يسمى الجيش الاسرائيلي، لا يتميز حقا في تعليمه.
«روى المقاتلون بأنه قيل لهم في البداية إن عليهم ان يحتلوا مبنيين عاليين في الشجاعية، ولكن قبل ساعتين من بدء المعركة تغير الهدف، كتب روتم اليزيرع في التقرير، قبل ساعتين. يستعدون لعملية وفي اللحظة الاخيرة ينطلقون الى مهمة اخرى. وصفة مظفرة للتورط.
وبالفعل، تدخل قافلة صغيرة، دبابات على رأسها، ومجنزرات وراءها. فماذا يحصل؟ بالضبط: «انقطاع في الاتصال»، وماذا يحصل بعد ذلك؟ بالضبط: خطأ في تحديد اتجاه السير. وماذا يحصل بعد ذلك؟ مجنزرة واحدة تعلق. وماذا يحصل ايضا؟ لا يمكن انقاذ المجنزرة العالقة لانهم لا يجدون الكابل، وهو عتاد أولي بين العتاد. وكل هذا لماذا؟ لانه قبل أن خرجوا كانوا يعرفون شيئين: الاول، بان واحدة من المجنزرات ليست سليمة، والاخطر من هذا – بان هذه مجنزرات لا تقدم جوابا مناسبا لحاجة حماية الطواقم. في حملة «الرصاص المصبوب»، مثلا، منع رئيس الاركان في حينه، غابي اشكنازي، ادخال قوات الى الميدان في مجنزرات من هذا النوع.
وهكذا، تلقت المجنزرة التي علقت صاروخا، فقتل سبعة جنود. واحتراما لاسى العائلات لن نكرر هنا وصف الانقاذ، الذي كان فوضويا وغير معقول مثل الخطوة التي أدت إلى موتهم.
في الحرب، يقولون لنا، تحصل أمور، وخطط تتشوش. وهو صحيح. هذا التفسير ليس مقبولا في هذه الحالة، مثلما هو ليس مقبولا في عشرات الحالات الاخرى. كما أن القول ان قرارات القيادة في الميدان كانت معقولة بعيد عن الاقناع. الاول – لان كل هذا حصل ليس في ذروة الحرب بل في بدايتها. كانت هذه خطوة مبادرة، اعتمدت على المعلومات الاستخبارية، التي كان يفترض أن تنطلق اليها قوات مدربة، خبيرة، مسلحة جيدا. والثاني – لان «القرار المعقول» هو قرار يقبع في أسفل مستوى القرارات. فهو ليس «ابداعيا» وليس «جديرا بالثناء»، لا ينبع من «فهم عميق للظروف»، وليس «شجاعا» ولا «مهنيا». هو قرار أدى الى الخروج إلى حملة تغيرت في اللحظة الاخيرة، ربط قوات ليست ضليعة في معرفة الميدان مع قوات اخرى تجد صعوبة في الحديث الواحدة مع الاخرى، وليست مجهزة كما ينبغي. كل هذا دون ان يتدخل أي احد في سلسلة القيادة، من قائد الكتيبة وحتى رئيس الاركان، ليوقف الخطوة كي يفحصها مرة اخرى.
في حرب «الايام الستة» احتل استحكامان سوريان مجاوران أحدهما للآخر، كانت فيهما سرية معززة: تل عززيات وتل فاخر. تل عززيات احتلتها كتيبة 51 من غولاني كانت تدربت للمهمة وأنهتها مع قتيل واحد. تل فاخر احتلتها كتيبة 12 من غولاني، تلقت المهمة في اللحظة الاخيرة، مع مدرعات ضلت الطريق، خطط تغيرت في اللحظة الاخيرة، ومع 34 قتيلا.
والخلاصة: لا ينبغي للمرء ان يكون ثعلب معارك غني التجربة كي يشخص الاخفاقات قبل لحظة وليس أشهرا طويلة بعدها. ان يفهم بان معركة الشجاعية جديرة بمراجعة خاصة ليس لان هذا حدث استثنائي، بل العكس لانه أحد اعراض المرض الثابتة. لانه كي تعرف أم عبرية هو أمر بات منذ زمن بعيد نصا الزاميا.
ومن ناحية موضوعية، فان موقف قائد المنطقة الجنوبية، سامي ترجمان، من مسألة المرارة العامة في مقابلة عشية العيد – «انا لست عاملا في تنوفا» قد يكون انتج هدية لطيفة من معمل الحليب الصيني، ولكنه لم يسلّ ولم يرض العقل على الإطلاق.

عن «يديعوت»