أكد عضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالله المطلق أنه يجوز للمرأة الإعلان عن نفسها ورغبتها في الزواج عبر الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية، مشترطاً في ذلك الصدق وعدم الغش أو التدليس، إضافة إلى «أمانة» المواقع. وقال المطلق في تصريح لـ «الحياة»: «إذا قامت الفتاة بالإعلان عن نفسها ورغبتها في الزواج عبر الصحف أو المجلات أو المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، وكانت هذه المواقع أمينة ومعروفة بأنها لهذا الشأن، وكان الإعلان صادقاً في نفسه وليس به غش أو تدليس، فلا شيء فيه».
وأضاف: «أما إذا كان إعلانها عن نفسها وعن رغبتها في الزواج به غش وتدليس أو أنه سيستغل في أشياء محرمة وتواصل وتعارف بين الجنسين لا يرضاه الشرع فإنه لا يجوز».
من جهتهن، أكدت عدد من السيدات تواصلت «الحياة» معهن، أنهن لجأن إلى مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع الزواج على الشبكة العنكبوتية للإعلان عن أنفسهن رغبة في الزواج، معللات سلوكهن هذا المسلك بقلة تردد المتقدمين لهن للزواج. وأوضحت إحدى السيدات (تحتفظ «الحياة» باسمها) ذلك بقولها : «أنا مطلقة وأبلغ من العمر 47 عاماً، وأعيش مع أخي وزوجته، التي ترى وجودي في منزلها مشكلة كبيرة، ولم يتقدم أحد لخطبتي، ما جعلني أتجه لمواقع الزواج الموجودة على الإنترنت، إضافة إلى الخطابات لعلي أجد من يسترني»، مبينة أنها من خلال تعاملها مع مواقع الزواج الموجودة على الإنترنت وجدت أن غالب مرتادي هذه المواقع يبحثون عن المتعة، ويدخلونها بهدف التعارف لا الزواج.
فيما أكدت انتصار محمد أنها لم تجد من يقبل بها كزوجة ويعينها على مشاق الحياة، كونها أرملة ولديها خمسة أبناء تعولهم، إذ إن كل من يتقدم لها يشترط عليها ترك أبنائها، وهي الفكرة التي ترفضها تماماً، موضحة أنها لم تجد طريقاً أمامها سوى القنوات التلفزيونية الخاصة بالزواج والخطابات، إذ إنها تجهل كيفية التعامل مع أجهزة الكومبيوتر والإنترنت.
ولفتت إلى أنها وجدت أن الخطابة ربما تكون أفضل، وأصدق من القنوات التلفزيونية، التي يدخل إليها غالبية الشباب والفتيات للتعارف وتضييع وقت الفراغ فقط، مبينة أن الخطابة ربما تتميز بالأمانة لاعتبارات عدة، من أهمها أن هذا العمل هو مصدر رزقها، إذ تتقاضى مبلغاً مالياً من الشاب، ومن الفتاة في حال تم الزواج. أما سارة محمد والبالغة من العمر 43 عاماً، فترى أن مواقع الزواج على شبكة الإنترنت مفيدة من حيث التعرف على الشاب من خلال ملفه التعريفي على الموقع، الذي يتناول الوضع الاجتماعي والعمر والمهنة وبعض المواصفات الأخرى، قبل التواصل معه، ما يرفع الإحراج عنها من حيث القبول أو الرفض.
من جهة أخرى، أكد أحد الشبان (تحتفظ «الحياة» باسمه) في عقده الثاني، أنه يعمل حارس أمن ولم يجد من تقبل الزواج به، إذ قام بخطبة العديد من الفتيات ولكن قوبل طلبه بالرفض، كونه لا يمتلك سوى شهادة الصف الرابع الابتدائي، ما جعله يتجه إلى مواقع الإنترنت للبحث عن زوجة تقبل به، وقال: «ربي وفقني ووجدت سيدة مطلقة ذات أخلاق كريمة تكبرني بـ10 أعوام، قبلت الزواج مني، وأعــيش معها حياة ميسورة».
«شرعيون» لـ«الحياة»: «الطلاق الإلكتروني» يقع بشروط
< أكد علماء شرعيون صحة طلاق الزوج زوجته إلكترونياً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، سواء أكانت رسالة نصية أم صوتية، ووقوعه في حال أثبت، وأقروا بصحة ذلك.
وبين عضو هيئة التدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور صالح العصيمي خلال حديثه إلى «الحياة» أن الطلاق يقع إما بالكلام وإما بالكتابة للشخص الناطق، وبالإشارة أو الكتابة للأخرس، معتبراً الطلاق الصوتي والكتابي من الرجل لزوجته عبر مواقع الإنترنت والتواصل الاجتماعي صحيحاً من الناحية الشرعية.
وقال: «إن الطلاق عبر الرسائل الصوتية، التي يقوم فيها الزوج بتسجيل رسالة صوتية ويقوم بإرسالها عبر أي من وسائل التواصل الاجتماعي، أو أن يقوم بكتابة رسالة نصية عبر الجوال، أو رسالة برقية تصلها عبر البريد أو غيره، يقع من الناحية الشرعية إذا ثبت أنه من الزوج».
وأضاف: «في حال كان الطلاق من طريق رسالة صوتية أو نصية فإنه في حاجة إلى تأكيد من الزوج؛ هل هو فعلاً الذي كتب أم لا، كون أن مثل هذه المواقع قد تخترق، إذ إن الإشكالية لا تكمن في صحة الطلاق، ولكنها في صحة من هو المطلق».
وبيّن الدكتور العصيمي أنه في حال نفى الزوج تطليقه زوجته فإنه لا يستحلف، إذ إن صاحب القضية في الطلاق هو الزوج، وهو أمر في ذمته، مشيراً إلى أنه ثبتت كثير من حالات الطلاق المشابهة كانت ضحايا حيل ومزاح ثقيل.
من جهته، أوضح العضو الخبير في مجمع الفقه الإسلامي الدولي البروفيسور حسن سفر في حديثه إلى «الحياة» أن الشريعة الإسلامية جاءت بتوثيق الحقوق عموماً، والحقوق بين الزوجين على سبيل الإيضاح والتأكيد الجازم، كمسألة هبة الزوجة وخلعها وفراقها وطلاقها، مؤكداً أن هذه الأمور لا يكون إثباتها إلا من طريق الإثبات الشرعي.
وذهب إلى أن الرسائل النصية والإلكترونية يمكن أن تخترق، من المترصدين الذين يبتغون الفرقة بين الزوجين، معتبراً هذا الأمر مدعاة للشبهات ويستوجب التأكيد.
ويرى أن هذا الطلاق يترتب عليه عدد من الحقوق والحرمات، لذلك يجب التأكد والتثبت من سلامة الطلاق عند الحاكم الشرعي، أو وضع شهادة شاهدين وتوثيقه في المحكمة بصك شرعي يبين ثبوت الطلاق.
وقال:» إذا قالت الزوجة إن زوجها طلقها برسالة نصية أو عبر الإنترنت وأقر الزوج بذلك، فإن الطلاق يصدر به صك شرعي، ليكون ثابتاً ويعد فرقة بين الزوجين لإثبات الطلاق».
بدوره، أكد أستاذ الدراسات العليا في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور هاني عبد الشكور لـ«الحياة» أن الشخص المتكلم إذا قام بإرسال رسالة نصية أو إلكترونية فيها نص الطلاق الصريح فإن الطلاق يقع، ولكن إثباته يبقى في حاجة إلى القضاء، وزاد: «الشريعة تشدد في أمر الطلاق، إذ إن هنالك ثلاثاً جدهن جد، وهزلهن جد: الطلاق، والعتاق، والنكاح، إذ إنها تقع بالجد أو بالهزل».