بأمر من المدعي العام في بيروت: التضامن مع أسرى فلسطين ممنوع!

thumb (17)
حجم الخط

  في وقت استيقظت فيه بيروت وأهلها ملؤهم الفخر بخطوة البعثة الأولمبية اللبنانية، التي منعت البعثة الإسرائيلية من الصعود على متن الحافلة نفسها معهم، تعبيراً عن رفضهم لأي شكل من أشكال الإستفزاز والتطبيع مع العدو الإسرائيلي، كانت شوارع العاصمة اللبنانية تشهد على عملية قمع متنقلة على أيدي القوى الأمنية لشبّان دفعهم واجبهم النضالي والإنساني للتضامن مع الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام في سجون الإحتلال الإسرائيلي.

بدأت الأمور بعد ظهر أمس الجمعة، بمبادرة فردية من الشاب خضر أنور، الذي تفاعل مع خطوة المناضل جورج عبدالله واعلانه الإضراب عن الطعام تضامناً مع الأسرى الفلسطينيين، ليقوم بدوره بنصب خيمة اعتصام على الرصيف المقابل للسفارة الفرنسية، ويعلن إضراباً عن الطعام تضامناً مع جورج عبدالله والأسرى الفلسطينيين. لكن يبدو أن خطوة خضر أنور قد هددت "أمنيّات" السفارة، ما دفع القوى الأمنية لإزالتها واعتقال الناشط المضرب عن الطعام، ليعاد إطلاق سراحه بعد ساعات ومصادرة خيمة الإعتصام.

ولأن الهدف من الخطوة إعلان موقف تضامن وليس فتح مواجهة مع السلطات الأمنية، انتقل خضر انور بخيمة جديدة إلى أمام مبنى "الإسكوا"، ليستكمل اضرابه. وما هي إلا ساعة حتى وصلت دورية تابعة لقوى الأمن الداخلي فأزالت الخيمة واعادت اعتقال الناشط مرة جديدة بناءً على إشارة من المدعي العام القاضي زياد أبي حيدر الذي أعطى توجيهاته بمنع نصب الخيم مرة جديدة، في حين أجبر الناشط خضر أنور على توقيع تعهد بعدم تكرار خطوته التضامنية، قبل الإفراج عنه، ومنعت القوى الأمنية مجموعة من المحامين الذين واكبوا القضية من الإطلاع على مسار الأمور.

غياب السبب المقنع وانعدام الحجة القانونية للقرار الذي اتخذه المدعي العام وطبقته القوى الأمنية، دفع بخضر أنور ومجموعة من النشطاء القانونيين والحقوقيين صبيحة اليوم السبت إلى معاودة نصب خيمة الإعتصام إلى جانب مبنى الإسكوا، وكان الحرص على عدم إقفال أي مدخل او طريق أو حتى رصيف لمنع توفير أي ذريعة قانونية، إلا أن دورية من القوى الأمنية وفرع المعلومات لم تكن بحاجة لأي ذريعة كي تهاجم الخيمة والمعتصمين فيها وتزيلها بالقوة، واستناداً إلى إشارة المدعي العام زياد أبي حيدر مرة جديدة، الذي نقلت عنه القوى الأمنية نصيحته للمعتصمين بعدم المحاولة مرة جديدة لأن "الخيمة رح تنشال اليوم وبكرا والي بعده لأنه ممنوع.. والي عنده اعتراض يراجع المدعي العام"!

هكذا وبإشارة واحدة من المدعي العام، نسفت حرية التعبير التي يكفلها الدستور اللبناني ونسف معها أي اعتبار للقضية الفلسطينية وأسراها، في بلد يبدو أنه بات مسيّر بأمر "الإشارات" وليس بأمر القانون والدستور، في حين تحولت السلطة القضائية إلى سلطة أمنية – سياسية، بحسب وصف المحامية فداء عبد الفتاح.

وفي حديثها لموقع "الجديد"، تساءلت عبد الفتاح عن "المخالفة القانونية" في خطوة الناشط خضر أنور، والتي بنى على أساسها المدعي العام قراره، مشيرة إلى عدم وجود أي مبرر قانوني لمنع ناشط او مواطن من التواجد على أملاك عامة بشكل حضاري وسلمي.

وأكدت المحامية أن هذه الممارسات نابعة من خلفيات سياسية وكيدية لا علاقة لها بالقانون او الدستور بل ببعض القضاة والجهات السياسية الحريصة على "مشاعر الفرنسيين في لبنان"، فالتظاهر والإعتصام هي حريات كفلها الدستور ولا يمكن لأي جهة قضائية في لبنان سلب المواطنين هذا الحق المكفول خاصة مع عدم وجود أي اعتداء على املاك خاصة او عامة او أي نوع من الإهانات لأي طرف في خطوة التضامن مع الأسرى الفلسطينيين. ورداً على الادعاء بوجوب إبلاغ السلطات بهذا النوع من التحركات، نفت عبد الفتاح وجود أي نص قانوني يفرض "طلب الإذن والحصول على موافقة للتعبير عن الرأي"، مؤكدة أن القانون إلى جانب هؤلاء النشطاء وكل ما يجري بحقهم هو المخالف للدستور.