شكراً غرة

thumbgen (1)
حجم الخط

فيديو شكرًا حماس. لفت نظري فيديو شكرًا حماس عن واقع غزة وكأنني لست مواطناً يعيش فيها ويعرف تفاصيلها ومخيماتها وأحيائها وشوارعها ومؤسساتها ومصانعها والفقر والبطالة ومشكلات مياه الشرب والصرف الصحي وأزمة الكهرباء ومجاري الصرف الصحي الذي يلعب حولها الأطفال، وكانوا قبل زمن يصطادوا العصافير حولها. إلا إنني إكتشفت إنني لم أعرف كثير منها، وأننا لسنا في طنجرة ضغط، ولا على برميل بارود قد ينفجر في أي لحظة وأنها ليست محاصرة وتعاني من بؤس الحال، مع أن إسرائيل تؤكد ذلك قبل الأمم المتحدة وتصدر تقارير عن الأوضاع المأساوية الذي يعيشها الناس. ما جاء في الفيديو يدحض رواية الأمم المتحدة التي تؤكد حصار غزة وأنها ليست مكاناً صالحاً للعيش في 2020، الفيديو ركز على مشاهد جميلة لمؤوسسات وشوارع واسعة وحديثة ولم يبرز أي صورة لمصنع من المصانع التي دمرت من قبل الإحتلال الإسرائيلي وبعض منها أعيد بناؤها، وأن في غزة مصانع للباطون والبلاستيك وللمواد الغذائية والجلدية على بساطتها وتاريخ إنشاء بعض منها يرجع لبداية الثلاثينيات من القرن الماضي. غزة ليست طارئة على المشهد الحضاري والتقدم والمنافسة في الصناعة والتجارة والزراعة وانتاج السلع المتنوعة ولولا الإحتلال الذي يحاصر غزة ويدمر البنية التحتية للمنشآت الصناعية ليعيد غزة للعصور الوسطى وليكرس التبعية الإقتصادية للفلسطينيين للاحتلال ومنعه إقامة المشاريع والمنشآت الصناعية الكبيرة وتدمير البنية التحتية الصناعية بشكل متعمد خلال دورات العدوان الذي شنتها خلال العشر سنوات الماضية لتبقى غزة سوق للبضائع الإسرائيلية وتابعة وتعتمد على الاقتصاد الإسرائيلي. الفيديو الذي نشرته حركة حماس تحت عنوان شكراً حماس إعتقدت أنه أداة مهمة لإبراز الإنجازات التي دشنت في القطاع، حتى لو أن الحقيقة عكس ذلك فهو بداية الدعاية الإنتخابية لحركة حماس للإنتخابات البلدية ليس في قطاع غزة إنما في عموم الأراضي الفلسطينية المحتلة وهي حربها في مواجهة الفصائل خاصة حركة فتح خصمها اللدود، حماس لم تنتظر طويلاً فهي تريد مفاجأة الجميع أثر الصورة في الاذهان وحماس تدرك معنى الصورة ودلالاتها لدى الناس، وهذا متوقع من حركة حماس التي تحكم غزة التي تقع تحت سيطرتها ومسؤوليتها وتعتقد أنها جندت الأموال التي دشنت بها مشاريع بنية تحتية مدمرة. حماس تعتقد أن من حقها الإفتخار بهذه المشاريع لكن الحقيقة غير ذلك وكثير من هذه المشاريع خاصة وأغلبيتها مشاريع إستثمارية إحتكارية سياحية وإستهلاكية تعتمد الربح السريع، وجزء منها أقيم خلال السنوات الماضية. لم يظهر الفيديو مشاريع حقيقة كمشاريع السكن وبناء شقق سكنية لمحدودي الدخل، ولا توجد لديها خطط لذلك بحجة غياب التمويل ومعظم مشاريع الإسكان تحت بند إعادة الإعمار ونحو 4000 منزل لم يعاد إعماره منذ العام 2000، بالإضافة إلى بطء عملية إعادة الإعمار على إثر عدوان العام 2014. ولم تساعد في إقامة مصانع ومنشآت صناعية وما هو قائم منها قديم ومزارع كانت تنتج سلع تصدر للخارج دمرت واندثرت مثل الحمضيات بسبب الخروب والحصار. وبالأساس غالبية المشاريع ممولة أوروبياً وعربياً وهي جزء من المسؤولية القانونية والأخلاقية والإلتزامات الملقاة على عاتق المجتمع الدولي تجاه الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وحركة حماس أظهرت تلك المشاريع وكأنها مشاريع خاصة ملك لحركة حماس وليس للشعب الفلسطيني مع انها اعادة تعمير وتدوير لما دمرته الحروب المتعاقبة ومن دفع ثمنها الشعب الفلسطيني في غزة الذي لم يشر الفيديو الى أن الشكر يجب أن يكون للناس ولصبرهم وصمودهم ومعاناتهم المستمرة، وكان حرياً بحماس أيضا أن تنقل الصورة الواقعية فالمعاناة والألم يتحدثان عن غزة. كما أن الفيديو صور مشاريع مدينة غزة ونسي باقي مخيمات ومدن وقرى قطاع غزة المنكوبة، وأنها ستعمل مع الجميع لإعادة ما دمره الإحتلال خلال السنوات الماضية. نشر الفيديو يطرح أسئلة مشروعة أي مشروع نريد؟ بعيداً عن الشعاراتية هل مشروع غزة الجميلة وشوارعها الواسعة الضيقة؟ وهل مشروع المقاومة المسلحة أم مشروع المقاومة السلمية ام مشروع دولة غزة الخدماتية؟