نتنياهو يقلّص الخلافات: المساعدات الأميركية قيد الإعلان

d0c97cf3cdd2c5c7fe3a1d0f8213f727_w800_h400_cp
حجم الخط

أكدت مصادر سياسية إسرائيلية صباح أمس حدوث تقدم كبير في المفاوضات مع الإدارة الأميركية بشأن مذكرة التفاهم للمعونة العسكرية الأميركية لإسرائيل في العقد المقبل. وقالت إنه تم تجسير الكثير من الخلافات في اللقاءات التي أجريت بين وفدي مجلسي الأمن القومي الإسرائيلي والأميركي وأن الخلافات المتبقية فنية الطابع. ومع ذلك فإن الإعلان عن حدوث تقدم من دون الإعلان عن إبرام الاتفاق بالأحرف الأولى يشير إلى استمرار الخلافات على الرغم من التقديرات السابقة بإعلان الاتفاق هذا الأسبوع.
وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية عدة إلى أنه بعد ثلاثة أيام من المفاوضات المكثفة بين الوفدين الإسرائيلي برئاسة القائم بأعمال مستشار الأمن القومي يعقوب بنغل والأميركي تم تحقيق تقدم ولكن من دون التوصل إلى اتفاق. وحسب صحيفة «هآرتس» فإن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين على حد سواء أبدوا تفاؤلاً، موضحين أن الفجوات العميقة التي كانت تفصل مواقف الطرفين ردمت وأن ما تبقى ليس أكثر من خلافات فنية وأن التوصل لاتفاق بات وشيكاً.
وكانت جولة المفاوضات الأخيرة قد بدأت في البيت الأبيض يوم الاثنين الماضي بحضور الوفد الإسرائيلي برئاسة بنغل وعضوية رئيس شعبة التخطيط في هيئة الأركان الجنرال عميكام نوركين، ومسؤولين من وزارة المالية والسفير الإسرائيلي في واشنطن رون دريمر. وترأست الجانب الأميركي مستشارة الأمن القومي سوزان رايس بحضور مسؤولة ملف إسرائيل في البيت الأبيض ياعيل لامفرت، والسفير الأميركي في إسرائيل دان شابيرو ومسؤولين كبار من وزارات المالية والخارجية والدفاع الأميركية.
وقد انتهت جولة المفاوضات مساء أمس وأطلق الجانبان إيحاءات إيجابية. وقال مسؤول أميركي كبير: «لقد حققنا تقدماً وردمنا الكثير من الفجوات الباقية». وقال مسؤول إسرائيلي بلهجة مشابهة إن «تقدماً تحقق وردمت فجوات وإن إسرائيل وأميركا تأملان التوصل إلى اتفاق قريباً».
وكانت المفاوضات من أجل ابرام اتفاق المعونة العسكرية للعقد المقبل قد بدأت في تشرين الثاني الماضي. وقد عرض الرئيس الأميركي باراك أوباما على رئيس الحكومة الإسرائيلية بدء المفاوضات قبل نصف عام من ذلك، إلا أن نتنياهو رفض ومنع بدء المفاوضات في إطار محاولته منع إبرام الاتفاق النووي مع إيران. ولم يقبل نتنياهو بدء المفاوضات إلا بعد فشل مساعيه لإحباط الاتفاق النووي.
وفي الشهور الأربعة الماضية، راوحت المفاوضات مكانها جراء خلافات كثيرة، وبسبب رفض إسرائيل قبول الاشتراطات الأميركية وعلى رأسها إنهاء الترتيب الذي كان يسمح لها بإنفاق 40 في المئة من المعونة لشراء معدات إسرائيلية أو لشراء وقود للجيش. وكان حجم ما تنفقه إسرائيل في داخلها من المعونة الأميركية السنوية البالغة 3 مليارات دولار لا يقل عن 1.2 مليار دولار سنوياً، كانت تشكل متنفساً وتشجيعاً للصناعات العسكرية الإسرائيلية. واليوم انتهى تقريباً هذا الترف وصار لزاماً على إسرائيل إنفاق أموال المعونة الأميركية في أميركا لشراء معدات وبضائع أميركية ما يخدم الصناعات الأميركية وليس الإسرائيلية. وكل ما حاولت إسرائيل فعله لرد هذا القدر هو مطالبة الأميركيين بإلغاء هذا الترتيب بشكل تدريجي وليس دفعة واحدة.
وفي كل حال، تعرض نتنياهو لانتقادات واسعة من داخل الحكومة والجيش لمماطلته في المفاوضات جراء قناعته بإمكانية الحصول على اتفاق أفضل مع الرئيس الأميركي المقبل. لكن هذه القناعة تغيرت مع مرور الوقت وصار نتنياهو يحاول التوصل إلى اتفاق بشكل سريع مع إدارة أوباما حتى لو عنى ذلك تراجعاً عن مواقفه السابقة وقبولاً بالاشتراطات الأميركية.
وكانت إسرائيل قد أبرمت في العام 2007 اتفاقية المعونة السارية حالياً والتي تنتهي في مطلع العام 2018. وبموجب الاتفاق الساري حصلت على معونة بقيمة 3 مليار دولار سنوياً. ولكن مع بدء المفاوضات على الاتفاق الجديد طلب نتنياهو 50 مليار دولار للعقد المقبل وعرض مفاوضوه مبلغ 4.6 مليارات دولار سنوياً، ولكنهم لاحقاً تراجعوا وصاروا يطالبون بـ 4 مليارات دولار سنوياً على أن تدفع أميركا 600 مليون دولار أخرى سنوياً لتمويل تطوير مشاريع مضادة للصواريخ.
ورفضت أميركا الطلب الإسرائيلي وأصرت على أنها لا تستطيع أن تدفع لإسرائيل أكثر من 3.4 مليارات دولار سنوياً مع إضافة 300 مليون دولار لتمويل تطوير مشاريع الصواريخ، قابلة لأن تصل إلى 500 مليون دولار. ولكن أميركا اشترطت هذا المبلغ بقبول إسرائيل أن لا تطلب أبداً من الكونغرس إقرار أية مساعدات أخرى لها، باعتبار أن هذا يشكل سقف المعونة الأعلى. وقد وافقت إسرائيل على هذا الشرط بعد طول تردد.
تجدر الإشارة إلى أن نتنياهو بعد طول مماطلة، أعلن في الأسبوع الماضي أن إبرام الاتفاق مع إدارة أوباما صار قريباً جداً. ورفض أوباما مشاريع قرارات لزيادة المعونة لإسرائيل حاول أعضاء كونغرس تمريرها خشية تعرضه لغضب إدارة أوباما. وأعلن نتنياهو أنه «من دون موافقة الإدارة الأميركية وحكومة إسرائيل على حد سواء، لا مصلحة لإسرائيل في تغيير سقف المعونة السنوية في العام المقبل».