إسرائيل توجه "صفعة" لأوباما!

0581
حجم الخط

عندما يلقي غبي حجرا في بئر، كما يقول المثل، فالف ذكي لن يتمكن من اخراجه. هذا بالضبط ما يحصل منذ نشرت وزارة الدفاع، قبل ايام، بيانها الذي أثار العاصفة.
جاء نشر البيان ردا على اقوال رئيس الولايات المتحدة، باراك اوباما، الذي قال ان الاتفاق النووي مع ايران يعلل نفسه، وحتى في جهاز الامن والاستخبارات الاسرائيلي يعترفون بذلك.
ذكر بيان وزارة الدفاع (نعم، مرة اخرى) الكارثة، ويفهم منه أن اوباما مثل نويل تشمبرلين، رئيس الحكومة البريطانية الذي وقع على اتفاق ميونيخ في العام 1938 مع ادولف هلتر، الاتفاق الذي فكك تشيكوسلوفاكيا وكان نقطة الدرك الاسفل في نزعة المصالحة الغربية تجاه ألمانيا النازية.
لقد اصطدمت محاولات الاستيضاح من المسؤول عن صيغة البيان الحاد بالتملص. فقد ألمح مقربو رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، بانه لم يعرف الصيغة التي اختيرت ونشرت. اما مساعدة وزير الدفاع افيغدور ليبرمان لشؤون الاعلام فقد افادت بأن البيان نشرته الناطقة بلسان الوزارة. كما أفادت بان وزير الدفاع صادق على الصيغة.
وعليه، فانه يتضح بانه مع مرور شهرين ونصف الشهر منذ تسلم مهام منصبه ومنذ قال انه اجتاز عملية جراحية لاطالة فتيله القصير فان الفتيل الشهير يقصر مرة اخرى. وهكذا، فان محاولة ليبرمان تغيير صورته دفعة واحدة ليري بانه زعيم مسؤول ومتوازن تلقت ضربة قاسية. واذا كانت المبادرة من نتنياهو، وليبرمان استسلم او وافق، فهذا لا يقل خطورة.
جاء نشر البيان في توقيت بائس على نحو خاص. ففي الاسبوع الماضي أجرى يعقوب نجل، القائم باعمال رئيس مجلس الامن القومي، واللواء عميكام نوركين، رئيس شبعة التخطيط، مفاوضات في واشنطن على اتفاق المساعدات الامنية الجديد. وقد اجملت معظم المواضيع، والتوقيع سيكون قريبا. ويشار الى أنه في الاسبوع الماضي أيضا أجرى رئيس الاركان، الفريق جادي آيزنكوت، زيارة رسمية الى الولايات المتحدة كضيف على نظيره الاميركي.
وفي الاتصالات على الاتفاق ايضا تصرفت اسرائيل، ولا سيما رئيس الوزراء بغباء. فقبل نحو سنة ونصف السنة، قبل أشهر من توقيع الاتفاق النووي بين القوى العظمى وايران، اقترحت الولايات المتحدة البدء في المحادثات على التعويض لاسرائيل للحفاظ على تفوقها الامني. اما نتنياهو فرفض، وبدلا من ذلك فضل مواصلة الاستفزاز والمماحكة مع الادارة، بل انه سار شوطا بعيدا حين القى كلمة في الكونغرس وهاجم الاتفاق.
لقد مس هذا الاحتكاك الزائد بالعلاقات بين الدولتين ورفع نتنياهو الى مسار الصدم مع اوباما. والنتيجة هي أن سلوك نتنياهو يلحق ضررا ماليا ببضعة مليارات من الدولارات لاسرائيل، وفي نهاية المطاف ستتضرر ايضا الصناعات الامنية. فالاتفاق الذي سيوقع سيكون اقل جودة مما كان يمكن لاسرائيل أن تحققه قبل سنة ونصف السنة او حتى في الاشهر الاخيرة.
وبالمناسبة، يستحق نتنياهو حقوق الاختراع على تشبيه ايران بألمانيا النازية وتشبيه الاتفاق النووي باتفاق ميونيخ. والآن يتبعه وزير الدفاع، بالذات في اللحظة التي هدأ فيها نتنياهو قليلا ويحاول ترميم العلاقات مع الادارة.
العاصفة الجديدة تشوش على الحقيقة. فاوباما قال اقوالا صحيحة. فخبراء وكبار مسؤولين في الجيش الاسرائيلي وفي شعبة الاستخبارات وفي «الموساد» يعترفون في محادثات خلفية بان الاتفاق بين القوى العظمى وايران محترم نصا وروحا وانه ليس سيئا بهذا القدر. وهم يقولون: صحيح أنه كان يمكن ان يتحقق اتفاق افضل ولكن ما تحقق هو أهون الشرور، والبرنامج النووي الايراني تأخر عشر سنوات على الاقل.
يحتمل انه لم يكن من الضروري لاوباما أن يقول ما قاله علنا. ولكن رد وزارة الدفاع تجاوز كل توازن ومثله كالصفعة في وجه إدارة متعاطفة وودودة لاسرائيل، إدارة يتبين لها كل مرة من جديد كم هي اسرائيل تتصرف كمتسول ناكر للجميل للحليف الأهم.