"الليكود" فقد ليبراليته لصالح التطرف الديني

F160525YS061-e1464168351435
حجم الخط

منذ انتهاء حرب «يوم الغفران» ونحن نرى اشارات توجه المجتمع الاسرائيلي نحو اليمين، سواء في الحكم أو في الرأي العام. واحيانا تتم تسمية ذلك «العودة الى اليهودية» واحيانا «لا يوجد شريك». لم يكن «الليكود» دائما بحاجة الى هذا التوجه. كان في السابق حزبا صقوريا في طابعه، لكنه مع مميزات ليبرالية كثيرة رغم أنه تأثر دائما باليمين الديني والاستيطاني. لقد زاد التوجه اليميني في السنوات الاخيرة. وهذا لم يحدث بالضرورة بسبب تغيرات ايديولوجية بل بسبب تطورات تكنولوجية مثل وجود الشبكات الاجتماعية التي زادت من العنف والتشدد في جميع المعسكرات ولا سيما في «الليكود». البرهان الابرز على ذلك في الآونة الاخيرة أن العجلة تسير بسرعة في منزلق ولا أحد يحتج أو يوقف ذلك، هي الطريقة التي رد بها «الظل» على الادعاءات التي قدمها بني بيغن وصَمْت زملائه في الحزب. لم يقف رئيس الحكومة من اجل الدفاع عن الشخص الذي قام باستدعائه الى حمل الراية، في الوقت الذي خشي فيه من فقدان الحكم. لم يدافع بنيامين نتنياهو عن بيغن رغم أن الاخير هو صقر ايديولوجي أكبر بكثير من «الظل». إلا أنه ولسوء حظه هو ايضا ليبرالي واضح في مواقفه وسلوكه. صحيح أن تساحي هنغبي «استجمع شجاعته» وخرج بشكل علني ضد «الظل»، لكنني اتجرأ على القول إنه قبل عامين كان الكثيرون من «الليكود» سيقفون ويدافعون عن بيغن أمام شخصية مشكوك فيها ولا تملك الشرعية. الاتجاه واضح: في الولاية الاولى نزع «الليكود» عنه بقايا الليبرالية التي تلفح بها في السابق. قانون الجمعيات، قانون التنحية، محاولة السيطرة على قناة الكنيست، قضية اتحاد البث الجماهيري، كل ذلك مصدره في تشرين الثاني 2014. في ذلك الشهر رأى نتنياهو كيف تتشكل اغلبية في الكنيست وهي تؤيد القانون الذي يريد وقف توزيع صحيفة «اسرائيل اليوم» بالمجان. عرف نتنياهو أنه اذا تم بيع الصحيفة، ولو بسعر رمزي، فان انتشارها الكبير سيتوقف. وقد فهم خطأه وغير موقفه رويدا رويدا، ولكن الاهم من ذلك – قوانين اللعب. في هذه الولاية يتصرف مثل لاعب كرة القدم الذي يقوم بتصغير مرمى فريقه وتكبير مرمى الفريق الخصم، ويقرر بأن الحكم سيُصفر فقط للمخالفة التي يرتكبها لابسو الاحمر وسيدافع دائما عمن يلبسون الاسود. أي قوانين غير قانونية. كان من المفروض أن تنحني المعارضة البرلمانية أمام هذه القيم التي تسيطر على كل مجالات حياتنا. كان يجب أن تخرج ضد الحكم وتندد به من فوق منصة الكنيست وفي الشوارع وفي كل مكان. يجب عليها أن تفعل ذلك طوال الوقت بدون تردد وبقوة دون خشية، واذا فعلت ذلك ستفاجأ من التأييد الذي ستحصل عليه من الكثير من مواطني اسرائيل الذين ضاقوا ذرعا بالحكم وسلوكه. وهم يأملون التغيير الحقيقي. يبني نتنياهو على زيادة التطرف وتحريض مؤيديه في الكنيست وفي اوساط الجمهور. هذه العملية تُسرع ذاتها. تتحمل المعارضة مسؤولية حاسمة في هذه الاثناء: لا يمكنها الجلوس على الجدار والتلعثم. ليس لها خيار أن تكون شريكة في الجهاز الذي يشبه الاردوغاني. صحيح أن الاردوغانية ما زالت بعيدة جدا – لكن وجه الظل الغاضب، الذي يسيء لبني بيغن، كان قبل عامين يبدو بعيدا جدا.