غياب "المساواة" في هدم البيوت

000_Nic6409340-e1422263128671
حجم الخط

في الاسبوع الماضي تم هدم بيوت عائلات «المخربين» الذين نفذوا العملية في منطقة سارونه بعد أن رفضت محكمة العدل العليا دعواهم وصادقت على الهدم. «لا شك أنه في اطار الحرب ضد الارهاب هناك حاجة الى اتخاذ خطوات استثنائية من اجل احداث الردع المطلوب ومن اجل محاولة تقليص النشاط التخريبي قدر الامكان والذي لا يتردد في قتل اليهود دون تمييز، فقط لكونهم يهودا»، كما كتب القاضي اوري شوهم.
المرة السابقة التي تم فيها طرح مسألة هدم بيوت المخربين كانت قبل شهر، ولم تكن تتعلق بالمخربين الفلسطينيين: عائلة أبو خضير التي تم احراق ابنها حتى الموت من قبل يهود في صيف 2014 توجهت الى محكمة العدل العليا وطلبت منها هدم بيوت عائلات قتلة ابنهم. ويشار الى أنه قبل سنة، حينما تم الحديث عن التمييز بين اليهود والعرب في سياسة هدم منازل عائلات المخربين، قال القاضي في محكمة العدل العليا، نوعم سولبرغ «الجمهور اليهودي بشكل عام مرتدع وغير محرض».
أولا، يجب القول بوضوح: إن هدم بيوت عائلات لا تمارس اعمالا ارهابية كنوع من العقاب الجماعي هو عمل غير اخلاقي. حيث يعاقب انسان على خطأ انسان آخر. الامر صحيح حتى ولو تم ذلك كرد على اعمال ارهابية فلسطينية، وحتى لو كان ردا على الارهاب اليهودي. وفي سنة 2005، بعد طرح الموضوع للنقاش بمشاركة قادة الجيش الاسرائيلي في المعهد الاسرائيلي للديمقراطية، أوصت لجنة برئاسة مدير عام وزارة الدفاع بوقف هدم المنازل وشككت بنجاعة ذلك، وكل ذلك في ذروة الانتفاضة الثانية.
البحث القانوني الذي نشر مؤخرا من قبل البروفيسور عميحاي كوهين والمحامية تال ممران يشدد ايضا على الاشكالية في استخدام هذه الاداة دون اثبات فعاليتها، وقام بالاشارة الى الاخطاء المحتملة في عملية اتخاذ القرارات.
الكثير من المختصين عبروا عن مواقفهم، أنه في ظل الواقع الارهابي اليوم، حيث تتم العمليات من قبل يهود تحركهم الضائقة الشخصية، فان احتمالية أن تكون سياسة هدم بيوت عائلاتهم رادعة، ضعيفة. حتى لو افترضنا أنه على المدى القصير قد تكون ناجعة في بعض الحالات، فانه على المدى البعيد الذي يقاس اليوم بأشهر معدودة، الغضب والكراهية والاهانة التي يتم تأجيجها من قبل الايديولوجيات الراديكالية أكثر من تلك التي لدى «حماس»، فتؤدي الى زيادة الارهاب.
تجدر الاشارة الى أن الردع يمكن قياسه في سياق مجموعة الخيارات الموجودة أمام الانسان، ومثل معظم الحالات فان الاهانة تؤدي الى الرغبة في الانتقام أكثر من الردع. مثلا، نشر أن المخرب في عملية سارونه تعرض لتأثير «داعش» اثناء دراسته في مدينة الزرقاء في الاردن وهو الذي قام بجر الآخرين. اضافة الى ذلك فان أحد المخربين في الخلية رأى هدم بيت عائلته وهو صغير، ومع ذلك لم يرتدع.
واذا كانت الامور على هذا النحو، فان هدم بيوت عائلات المخربين هو أقرب للانتقام منه الى المنع، وحينما يوجه الامر ضد غير المنفذين فان هذا غير شرعي، طالما أنه لم يثبت عكس ذلك. اضافة الى ذلك، سياسة هدم البيوت التي تعتبر خطوة رادعة قد تمنع العملية القادمة يتم تطبيقها فقط على السكان الفلسطينيين وهذا امر مزعج وعنصري. حتى لو كان حجم الارهاب اليهودي أقل كثيرا من حجم الاهاب الفلسطيني، هذا الارهاب لا زال ظاهرة قائمة لا جدل حولها. لذلك فان الحديث لا يدور فقط عن التمييز بين الاوساط بل ايضا عن موقف يعطي اهمية اقل لردع العمليات الارهابية الموجهة ضد العرب.
من يعتقد أن هدم بيوت عائلات القتلة هو أمر رادع ومبرر يجب أن يعتقد ذلك ايضا تجاه الطرف الثاني. لذلك تكفي عملية ارهابية يهودية واحدة من اجل تبرير هدم بيوت المخربين اليهود.
ونؤكد مرة اخرى: نحن لا نقصد أن على القضاة طلب هدم بيوت عائلات قتلة أبو خضير. نحن نعتقد أن التجربة تثير الشك الكبير حول النجاعة. وايضا حول المبرر القانوني لهدم بيوت عائلات المخربين الافراد بسبب الارهاب الحالي. ولكن الواقع الذي تقرر فيه دولة اسرائيل هدم بيوت مخربين فلسطينيين وترفض طلب عائلة من تم احراقه حتى الموت من قبل يهود بعمل ذلك لعائلات من قتلوه، هو امر لا يمكن احتماله، وهو الذي يجب أن يتذكره القضاة عند مناقشة الدعوى.
على هامش هذا الامر يمكن القول ايضا: سياسة هدم بيوت عائلات المخربين تسبب للدولة اضرارا كبيرة في الساحة الدولية. وهذا بالطبع ليس الاعتبار المركزي للامتناع عن خطوات كهذه غير اخلاقية، ولكن من هو قلق من وسم اسرائيل من قبل منظمات حقوق الانسان، من الافضل أن يكون واعيا ايضا لوسمها بسبب هذه السياسة.