فتح والانتخابات المحلية.. محلك سر ..

a2a05c14af21ebf00d1358f85af026c7
حجم الخط
فجأة اكتشفت حركة فتح أنها غير مستعدة للانتخابات المحلية المقررة في شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، وأبدت كوادر منها مخاوفها من تشرذم الحركة في قوائم متنافسة في مواجهة قوائم حماس، خاصة في الضفة الغربية، حيث يبدو أن حركة حماس معنية بإثبات وجودها بعكس قطاع غزة، فقد قررت على ما يبدو ترك المجالس المحلية في غزة لحركة فتح باعتبارها مجالس تؤدي خدمات لا تستطيع هي تقديمها؛ لأن المجالس المحلية المشكلة من حركة حماس لا تحظى بدعم من الدول المانحة، فهي تريد من حركة فتح أن تكون خادمة لها في غزة، ولكن في الضفة تحاول تأكيد وجودها، وهي في حِلٍّ من أية التزامات خدماتية خاصة في المدن الكبيرة مثل نابلس والخليل، فالانتخابات في غزة محلية خدماتية بحتة، لكنها في الضفة تتخذ طابعاً سياسياً.
 
وكان نشطاء في المجلس الثوري لحركة فتح برئاسة إبراهيم خريشة بدؤوا حراكاً داخلياً هدفه إعادة ضبط الحركة، والأخذ بزمام القرار، وعدم تركه لمشاورات جانبية من اختصاص بعض أعضاء اللجنة المركزية، ومنذ شهور وهم يلحون لعقد دورة استثنائية أو عادية للمجلس الثوري لبحث الأوضاع المستجدة سياسياً ومحلياً، لكن العريضة التي وقعها قرابة نصف عدد أعضاء «الثوري» ورفعت إلى الرئاسة لم تلقَ ردوداً واضحة، وبدلاً من ذلك دعا الرئيس محمود عباس إلى جلسة تشاورية هذا الأسبوع بمن حضر من أعضاء المجلس، اعتبرها المعارضون محاولة التفافية عليهم حتى لا تلبى مطالبهم بعقد دورة عادية ل «الثوري» استحقت منذ شهر يونيو/حزيران الماضي.
 
المعارضون في «الثوري» يرون أن الانتخابات المحلية تصبّ في مصلحة حماس، وتعترف بشرعية انقلابها وأجهزتها في غزة، وتأتي في وقت تشهد فيه حركة فتح انقسامات داخلية؛ بسبب عدم عقد مؤتمرها السابع لانتخاب مجلس ثوري جديد ولجنة مركزية وتهميش توصيات المجلس الثوري على مدار السنوات الماضية من قبل اللجنة المركزية التي ينشغل أغلب أعضائها في حشد الدعم الشخصي لهم محلياً ودولياً، في حالة إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، إذا ما قرر الرئيس محمود عباس الانسحاب من الحياة السياسية. ويتساءل أعضاء في فتح، لماذا وافقت حركة حماس على انتخابات محلية، وتعارض الانتخابات التشريعية والرئاسية؟
 
الرئاسة الفلسطينية كانت تحمل اللجنة المركزية مسؤولية المماطلة في عقد المؤتمر السابع لحركة فتح؛ لأن بعض أعضاء المركزية لا يضمنون النجاح، فيما يتهم بعض أعضاء المركزية الرئاسة بأنها لا تريد عقد المؤتمر السابع لحركة فتح؛ حتى لا تتشظى الحركة أكثر، وحتى يستمر الرئيس في حكمه دون مساءلة.
 
عموماً هناك مشكلة داخلية في حركة فتح ما زالت تهدد بانقسامات داخلية في صراع القوائم الانتخابية المحلية، ولعل أحداث طولكرم الأخيرة - حيث تم اعتقال عدد من نشطاء فتح، والاعتداء على العضو إبراهيم خريشة من قبل الأمن الوقائي - كانت تصعيداً جدياً، لكنّ تدخل الرئيس الفلسطيني بسرعة أوقف التصعيد، ويتهم أعضاء من فتح رئيس الوزراء رامي الحمد الله بمحاولة تجاوزهم وتنصيب من يراه على رئاسة البلدية التي يقيم فيها، ويتهمونه بأنه وراء حملة الاعتقالات، أما حماس فإنها تغتنم هذه الفوضى بهندسة قوائم مقربة منها من مستقلين ورجال أعمال؛ لإيصالهم إلى المجالس، خاصة أنها غير معنية عملياً في الظهور العلني؛ لأنها لا تريد تعقيدات إضافية، فوضعها السياسي يتراجع بعد الانقلاب الفاشل في تركيا، حيث انشغل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في شأنه الداخلي وبناء تحالفات دولية جديدة لا تتقاطع مع مصالح حماس، وقد تؤدي إلى انفراج في العلاقة التركية المصرية لاحقاً، وهو ما يقلق حركة حماس التي ما زالت تتفادى تلبية المطالب المصرية لتنقية الأجواء، وهي كلها مطالب أمنية مثل تسليم مطلوبين فارين إلى غزة، وتسليم مصر قائمة بالأسلحة المضادة للطائرات التي بحوزتها، أو حوزة أي فصيل في غزة، وإغلاق نهائي للأنفاق، وتزويد مصر بقوائم العناصر المصرية التي تدربت في غزة، ووقف الدعم اللوجستي والطبي لعناصر الجماعات الإرهابية العاملة في سيناء.
 
وبدلاً من شد الوضع الداخلي لحركة فتح، فإنه تم فصل أربعة أعضاء من الحركة هم عضوا المجلس التشريعي نجاة أبوبكر من نابلس ونعيمة الشيخ علي من غزة؛ بتهمة الانضمام إلى تيار محمد دحلان، كما تم فصل عضوين في المجلس الثوري، هما عدلي صادق وتوفيق أبو خوصة المقيمان في القاهرة ويعملان في إعلام تيار محمد دحلان، وكان البعض يدعو لرأب الصدع في داخل فتح؛ حتى تخوض الانتخابات موحدة، لكن هذه الدعوات ظلت بلا صدى.
وفي المحصلة، فإن حركتي فتح وحماس معاً تفقدان حلفاء في دول الإقليم، وهذا ينعكس سلباً على مجمل القضية الفلسطينية.
 
  الخليج الاماراتية