أسس إختيار الحاكم ودورها في تعزيز الحكم الرشيد

13882581_1651628885154275_4706014990547041710_n
حجم الخط

جاء في الأقوال المأثورة للإمام ابن تيمية : "يقيم الله الدولة العادلة وان كانت كافرة ، ولا يقيم الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة"  وهذا القول المختصر يبين مستلزمات قيام الدولة ومقومات استمرارها وديمومتها وقوتها ، فوَرَع الحاكم لنفسه ، أما عدله فلأمته ، وللقوم الحق في اختيار من يمثل حقهم في الحكم من ذوي الأهلية.

من وجهة نظري هناك  مجموعة من الأسس تتعلق باختيار ولي الأمر .    

وهم)الحاكم وممثلو مؤسسات الحكم ) وهذه الأسس هي:

الحاكم شخص حقيقي أو اعتباري من آحاد الأمة ، لم يتميز بلون أو دم أو عرق أو انتماء طائفي أو إقليمي ، بل الدولة كلها إقليم واحد ، وليس لنا أن نقصر أهلية الحاكم على بعض الصفات الخَلقية ، والحد الأدنى من أهليته ، فيجب أن يكون مواطنا متمتعا بحقوق المواطنة كاملة ، دون أن تكون عليه سوابق جنائية.

والحاكم الراشد له ثلاث صفات :القوة والأمانة والرحمة ، فهو قوي )قوة العلم والنفوذ(، والقوي تشير إلى كفاءته وامتلاكه رؤية استراتيجية ، وبتلك القوة يقيم الحقوق ، ويساوي بين الناس، ويحقق العدل السياسي والاستقرار المجتمعي ، ويوطد الأمن ، ويحمي الوطن، ويوفر المناخ الصحي لنمو الاستثمارات ، ونشوء فرص العمل.

وهو أمين يتحمل المسؤولية الملقاة على عاتقه ، ويجتهد في أن يقود البلد بأفضل الكفاءات وأحسن السياسات ، وهو أمين لا يحيد عن الشفافية والنزاهة ، وهو رحيم بالناس ، يرعاهم كما يرعى الأب أبناءه ،لا يشق عليهم لا في معاشهم ، ولا في سبل حياتهم ، يرفق برعيته ، ولا يرهقهم بقوانين وإجراءات ، ولا ينهب أموالهم ، بل يجتهد في تنميتها ، ويسعى في إغناء الناس وإسعادهم وراحتهم ، وقضاء حوائجهم ، وحسن معاملتهم ، وكما في الحديث  "خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم".

وقولنا أن الحاكم قد يكون شخصا اعتباريا يتمثل في حزب يمارس الحكم ، وخصوصا في الأنظمة البرلمانية ، ف"القوم" يختارون الحزب الذي يريدون أن يحكمهم ، وفق برنامج واضح.

وممارسة "الحكم" حق "للقوم"، ولذلك فهم يختارون الحاكم )الذي يمارس الحكم في مؤسسة الرئاسة(، وكذلك ممثلي "القوم" الذين يمارسون الحكم في مؤسسات الشورى والبرلمان والقضاء والهيئات المحليه .

أما التنافس الحر النزيه ، مقوم أساس من مقومات الاختيار،ولا بد من حماية المناخ الحر والآمن لهذا التنافس.

وإن اختيار القوم للحاكم مثله مثل اختيار ممثلي مؤسسات الحكم الأخرى لا يكتسب صفة التأبيد ، بل لا بد من توقيت ذلك بوقت معلوم ؛ حتى لا يقع الحاكم في مستنقع الاستبداد ، أو في مثلث الركود ، وحتى تتاح الفرصة لأن يقود البلد آخرون ، فيكون "الحكم" دولة بين الناس ، وحتى تظل الكفاءات في تطوير مستمر لقدراتها ومؤهلاتها ، فتعود ثمرة ذلك لمصلحة الناس ، والماء كلما ركد أسن ، وكلما جرى أحيا الموات.