محاولة الاطاحة التالية باردوغان طور الاعداد ..

e895679dc5724a9b4965d5a6a7f345cc
حجم الخط

 كل شيء مكتوب. ولا حاجة الا الى تصفح كتب التاريخ، ولنرى بان #اردوغان ببساطة لم يفعل هذا بما يكفي. مكتوب فيها ايضا عن اناس مثله. خلفية متواضعة، بل فقر يختلط بالقصة، ايمان بهدف عام منذ سن مبكرة، استعداد للتضحية من اجل الجماعة التي يتماثل معها (الدين، القبيلة، الشعب، النوع الاجتماعي، العرق)، ثمن يدفع على حساب العائلة والحياة العائلية (الحياة في السر، الهرب، الحبس)، التحرر والانتخاب للزعامة، الديمقراطية للحظة، وبعد ذلك – مرحلة جنون الاضطهاد. كل من هو ضدك هو متآمر، يسعى الى أن يأخذ منك الحكم الذي منحتك اياه الجماهير. كل من هو ضدك هو خائن، ليس لك بل للجماعة باسرها) وجدير بكل عقاب. وعندها تصبح الديمقراطية ترفا يمكن دحره بسبب حالة الطوارىء (التي توجد في خيالك اساسا).
وهذا لا يعني انك تعمل بخلاف ارادة الجماهير. بل العكس. الجماهير هي أنت، وانت هو الجماهير. وفقط الاشخاص الذين في الوسط يمنعون هذا الكمال: هم، الناس في الشارع، يفهمونك ويعرفون بان الناس الاشرار يريدون المس بك وبالمصلحة العامة. من لا يفهمون هذا هم السياسيون ذوو المصالح الانانية. رجال الاعلام يركضون وراء العناوين الرئيسة دون أن تكون المصلحة العامة امام ناظريهم، الاكاديميون المستعدون لان يبيعوا ارواحهم من أجل تقدمهم في المرات، حتى وان كان في ذلك ما يكشف الامة في عارها. هكذا ستالين، ماو تسي تونغ، موغابا وآخرون. الكثير جدا من الاخرين. والان اردوغان.
* * *
ولم نتحدث بعد عن الفساد الذي كيفما اتفاق يرتبط بكل حكم طويل السنين، مثلما علمنا الفيلسوف لورد أكتون قبل 166 سنة، بقوله ان “كل حكم مفسد للانسان، والحكم المطلق يفسد الانسان بشكل مطلق”. ولولا هذا فمن كان سيبني لنفسه قصرا ضم 1.100 غرفة؟ (مجرد فكرة استبدال المصابيح المحترقة في كل هذا القدر الكبير من الغرف يقشعر لها بدني).
لقد كتب الكثير في كتب التاريخ السميكة تلك عن التطهيرات. فهذه ليست وحشية فقط، بل وصبيانية ايضا. مجرد الفكرة بانه يمكن “تطهير” مجتمع ما من جهات ليست مريحة لك هي فكرة ساذجة وجاهلة، فالناس ليسوا مادة يطهر منها العث. يمكن “تطهير” الكتاب واليهود، الاطباء والموسيقيين، القضاة وكتاب النقد الساخر. المعلمين والجنرالات، ودوما – دوما سيبقى من يعارض “المطهر” ويرتبط ضده؛ واذا سمح الاطار النظامي ذلك – فانهم سيفعلون ذلك من خلال الانتخابات، واذا بقي الاطار الديمقراطي مجرد اطار، بلا ديمقراطية، فانهم سيفعلون ذلك من خلال الانقلاب التالي. وقد بدأت الاستعدادات له غداة فشل سابقه.
اما التفكير بان الجماهير المجمدة والمقالة هذه ستصبح مؤيدة موالية للحاكم، وتقدم مساعدتها لمواصلة هذا النظام، الذي تدهور من الديمقراطية السلطوية الى الدكتاتورية ذات الغلاف الديمقراطي الزائف! أفليس واضحا لاردوغان بانه يؤسس جيش الانقلاب التالي؟ هل يؤمن بان هذه النخب لن تخلق فيما بينها العلاقات المتوقعة؟ الا تبحث عن مؤيدين شجعان؟ الا تكرس زمنها كي تعثر على نقاط ضعفه، ان توافق على أن تغسل الغسيل القذر في البيت، والا تستعين بالاتراك الذي يعيشون في العالم ويحرصون على مصير بلادهم وآخرين يخافون من التدهور؟
والتفكير بان من تبقوا في القيادة العسكرية، في الاعلام المكتوب والالكتروني، في الجهاز القضائي، في جهاز النيابة العامة، في المدارس، في الجامعات – كلهم سيرون وسيخافون؟ فيسلموا بالمس بالمتزايد بحقوق الانسان ويخافوا أن يفتحوا افواههم خوفا على أنفسهم؟ وان احدا لن يكتب شيئا ما في الشبكات الاجتماعية واحدا لن يتظاهر والكل سيطأطيء الرأس امام زعيم الشعب ويقبل كل اخطائه كأمر مسلم به؟
لا يمكن للسجون ابدا ان تحوي كل من يشتبه الحاكم المجنون بالاضطهاد به. ودوما سيبقى اناس في الخارج، دوما ستبقى مراكز الاشتعال، دوما سيبقى من لن يوافق على أن يكون تابعا وإمعة، ودوما سيكون من لا يستطيع ان ينظر في المرآة الى أن يفعل شيئا ما. فبعد كل شيء، كان فتح الله غولن احد الاشخاص الاقرب من اردوغان، ولم تكن لاردوغان أي مشكلة في السماح له ولمنظمته الواسعة السيطرة على جهاز التعليم في الدولة. الى أن شعر غولن بانه لا يمكنه ان ينتقد الزعيم. عبدالله غول، الرئيس التركي الـ 11 كان رجل الثقة الابرز لاردوغان. وعندما انتصر حزب العدالة والتنمية في الانتخابات في 2002، واضطر زعيمه، رجب طيب اردوغان (الذي حظرت المحكمة عليه أن يتولى منصبا عاما في أعقاب حبسه بسبب التحريض المناهض للعلمانية) اضطر لان يجد له بديلا لا يدير له ظهر المجن في المستقبل، كان غول هو الذي تولى منصب رئيس الوزراء. وبالفعل، عندما تغير القانون في البرلمان وسمح لاردوغان بان يتولى المنصب، تراجع غول الى منصب وزير الخارجية ونائب رئيس الوزراء، وعين اردوغان رئيسا للوزراء. ظاهرا، كان غول نوعا من القفاز ليد اردوغان، ولكن عندما انتخب غول رئيسا ظهرت التوترات بينهم، وتبين ان غول بعيد عن التأثر بخطوات زميله لتغير طبيعة النظام.
وهو الحال بالنسبة للبروفيسور احمد داود اوغلو، الذي كان المستشار السياسي لاردوغان، وبعد ذلك وزير خارجيته، الذي اوصى بسياسة صفر احتكاك مع دول المنطقة (الى أن نفذت سياسة معاكسة لذلك). وفي وقت لاحق وجد نفسه رئيسا للوزراء، الى أن اضطر الى الاستقالة، قبل عشرة اسابيع، وذلك على خلفية معارضته تغيير الدستور وعلى خلفية سياسة اردوغان تجاه الاقلية الكردية.
قادة من سيثور على اردوغان في الجولة الثانية سيكونون من دائرة الموالين السابقين، الاشخاص الذين اعتمد عليهم بعيون مغمضة، والذين ذهلوا من الطريقة التي قرر السير فيها.
عقوبة الموت التي يسعى الى اعادتها الى #تركيا لن تردع الناس الشجعان والفخورين. في القسم الثاني من القرن العشرين توصل العالم الحر الى الاعتراف بان عقوبة الموت ليست مناسبة. نقطة. ولا يمكن لاي دولة توجد فيها مثل هذه العقوبة ان تكون عضوا في الاتحاد الاوروبي، مثلا. وفقط اليابان وولايات معينة في الولايات المتحدة لا تزال لم تلغي العقوبة، واعادتها الى تركيا ستبعد فقط الدولة عن النادي الديمقراطي.
يمكن اسكات معظم الاشخاص في بعض الوقت، يمكن اسكات بعض الاشخاص في معظم الوقت، ولكن لا يمكن اسكات كل الاشخاص في كل الوقت، وعليه فان محاولة الاطاحة التالية باردوغان توجد منذ الان في طور الاعداد.
اسرائيل اليوم