سنشهد معركة انتخابية حامية الوطيس مختلفة عن آخر انتخابات محلية جرت عام 2012، لدى نجاح أكثر من نصف القوائم بواسطة التزكية، التي مكنت النساء من تجاوز النسبة المقدرة لهن في قانون الانتخابات المحلية، وهو الأمر الذي نشر بعض الأوهام حول تحولات إيجابية ما قد وقعت على توجهات المجتمع بخصوص انتخاب النساء ومشاركتهن. بينما التطور الطفيف المحرَز لا يمكن إعادته سوى إلى مسألتين: إما أن التوافق الفصائلي والعشائري أعطى فرصة مكّنت النساء من الحصول على حصة أكبر بسبب غياب المنافسة بمقاطعة حركة حماس انتخابات 2012، فالتنافس المحتدم يُقصي النساء عادة، أو بسبب الزُهد الذكوري في تحمل مسؤولية هيئات الحكم المحلي، فمن يريد تحمل مسؤولية مجالس مديونة أو شحيحة الموارد.
وللتذكير أيضا، فقد حمَّلت القوى السياسية النساء، مسؤولية حسم قوائم الإصلاح والتغيير المشكلة من قبل حركة حماس، نتيجة الانتخابات المحلية والتشريعية التي جرت ما بين عامي 2004 و 2006، بشكل عام، حيث حصلت تلك القوائم على أغلبية في انتخابات المجلس التشريعي في النصف الخاص بالدوائر بشكل خاص، كما استأثرت بأكثرية هيئات الحكم المحلي.
ادعاء القوى السياسية المذكور سابقاً لا يمتلك المعطيات العلمية اللازمة لحسم الاستناد عليه، حيث لم يتم تخصيص صناديق خاصة بتصويت النساء تدلل على توجهات النساء ولمن أدلينَ بأصواتهن، وبالتالي يمكن إدراج الحكم في نطاق الانطباعات والتحليلات غير المدققة، شكّلها المشهد الإعلامي يوم الانتخابات وإظهاره قصداً طوابير النساء وهن يضعن شارات ورموز حركة حماس، عصبات ووشاحات، الأمر الذي أعطى الانطباع بأن أصواتهن قد ذهبت إلى قوائم الإصلاح والتغيير.
وبالرجوع إلى سجلات لجنة الانتخابات المركزية يتبين بشكل قطعي أن المسجلات لممارسة حق الانتخاب أقل من المسجلين، كما تشير المعطيات أيضا إلى أن نسبة المقترعات أقل من نسبة المقترعين في جميع الانتخابات التي جرت، 1996 و 2004 و 2005 وفي عام 2012. ما يعني أن الرجال هم من حسم نتائج الانتخابات، دون تبهيت بأن الجميع، رجالاً ونساءً، أبناء البيئة السياسية والاجتماعية، يتأثرون بما حولهم، ويصيغون موقفهم الانتخابي انطلاقاً من المعلومات المتاحة أمامهم وتوجهات وقناعات محددة المعالم، ولا شك أن الأسرة أحد البنى التي تصيغ موقفها الانتخابي.
في الاستعراض السابق، لا أنتقد التوجهات الانتخابية للنساء والرجال، لأنها تعبير عن تعددية الشعب وآرائه إزاء القضايا المعني بها وتؤثر على مصالحه، والناخبات جزء من الشعب وتنوعه وتعدديته وخياراته.
المسألة المُثارة بالنسبة لي وللكثيرين، تتموضع حول توجه النساء إلى انتخاب القوى الأيدولوجية المتعصبة، المتكئة على الدين أو تستخدمه من أجل، تقنين أو تحريم تمتع المرأة بحقوقها الشاملة، وتضع التحفظات والقيود على مشاركتهن في الفضاء العام، باسم الخصوصية الثقافية، الاختلاط وتعريضه النساء لخطر الغواية، وباسم تقسيم العمل انطلاقا من الوظائف البيولوجية.
هل صوت المرأة تابع، إنه السؤال الذي يشغلني في مواسم الانتخابات، بسبب بيانات التحريض والترهيب والتهديد، وتوزيع شهادات دخول الجنة والنار المعهودة في الانتخابات.
سألحظ أن الانتخابات في بلدنا ترف غير متاح دائما؛ وبأن الأغلبية المجتمعية لا تتعامل مع الشأن العام، وأن أغلبية الأغلبية من النساء، مستبعدات أو بعيدات عن العمل العام والسياسي، تصبح الانتخابات قرارا انفعاليا عاطفيا غير مدروس، في اللحظة الانتخابية.
هل نتحدث عن ظاهرة مخفية، تبعية المرأة للرجل في التصويت، وإلى اي مدى تصح هذه المقولة؟ الفكرة العامة أن التركيز على النساء كمخزن أصوات يسهل انقيادهم وإقناعهم واستقطابهم لأنهم أقل دراية ومعرفة، يتأثرن بخطاب العواطف والوعود، تحديدا أن الفكرة الشائعة أن النساء وأصواتهن تابعان حتما للرجال، رغم الحقيقة الواضحة أن كلا من الرجال والنساء لا صوت لهم إلا في مواسم الحصاد الانتخابي.
الرجال والنساء مستبعدون وبعيدون عن المعلومات الحقيقية، يخضعون إلى إعلام منحاز وتحريضي، تتحكم بهما الثقافة العشائرية السائدة، ويُضغط على احتياجاتهم المادية بالتصويت، وبعد كل هذا المشترك، يُحكم فقط على أصوات النساء بأنها تابعة.
وأخيراً، فإن المزيد من الاهتمام المركز على تجربة النساء في المشاركة السياسية الهادف إلى حماية وتحصين التجربة، وضع التجربة والعضوات تحت مجهر النقد والتشريح، وسَلّط الضوء على السلبيات أكثر من الايجابيات، مُعفياً الأعضاء من فحص ملامح تجربتهم، الاستقالات والانقطاعات والخلافات، قد خدم نوعا ما لم نكن نقصده ونستهدفه، وصدق من قال «ومن الحب ما قتل».