الانتخابات البلدية يمكن أن تشكل رافعة وطنية ديمقراطية بالغة الاهمية في ظروف التراجع وفي مواجهة محاولات التيئيس والاحباط التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني. وعندما تجري في التاسع من تشرين أول ستكون أول انتخابات في تاريخ الشعب الفلسطيني تجري في موعدها مرتين ، ولذلك أهمية قصوى من حيث تكريس تقاليد ديمقراطية تحمي حق الشعب في اختيار من يمثله ويقوده ويدير شؤونه الحياتية.
ونجاحها في الضفة وقطاع غزة يعني فتح الطريق لاجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وللمجلس الوطني والتي استحق موعدها منذ ست سنوات.
وسيكون اجراؤها في نفس الوقت تأكيدا لوحدة الضفة و القطاع رغم الانقسام القائم.
ويمكن أن يمثل نجاح الانتخابات فرصة لشق طريق انهاء الانقسام واستعادة الوحدة على أساس حق الشعب في الاختيار الديمقراطي واحترام قراره.
غير ان للانتخابات وظيفة اخرى لا تقل اهمية، تتمثل في احباط محاولات دس متواطئين مع الاحتلال وتأكيد وظيفة المجالس المحلية والتزامها بحقوق شعبها وبنضاله من اجل الحرية والاستقلال وانهاء نظام التمييز والفصل العنصري.
وفي مواجهة حقائق الأمر الواقع التي تحاول حكومة نتنياهو فرضها عبر الاستيطان والتهويد، وخاصة في القدس، يمكن أن تكون الانتخابات الديمقراطية وسيلة لفرض حقائق فلسطينية مضادة على الارض، بجعل هذه الانتخابات وسيلة كفاح ومقاومة.
ويمكن ،بل يجب في هذا الاطار ، تنفيذ ما اقترحه العديد من المفكرين مؤخرا باجراء انتخابات لمجلس أمانة عاصمة فلسطين القدس العربية. وفرضه كأمر واقع في مواجهة محاولات بلدية الاحتلال ادعاء تمثيل المقدسيين رغم مقاطعتهم لانتخاباتها.
وحيث أن الاحتلال سيحاول جاهدا منع اجراء هذه الانتخابات في القدس، فمن الممكن الاتفاق على قائمة موحدة تضم كافة القوى والاتجاهات وبحضور شخصيات وطنية ديمقراطية مؤثرة، حتى تنتخب بالتوافق او بأصوات كل من يستطيع المشاركة .
الأمر الواقع لا يفرض فقط في مؤسسات الامم المتحدة بل على الأرض أيضا، وبقرارات جريئة، مقدامة ،شجاعة، ومبتكرة.
واذا صار للمقدسيين أمانة أو مجلس لمدينتهم، تجرى انتخاباته في نفس موعد اجراء انتخابات المجالس البلدية في كل انحاء الضفة والقطاع فسيشكل ذلك نجاحا سياسيا هاما يؤكد وحدة كل اراضي الدولة الفلسطينية شاء المحتلون أم أبوا.
هناك في الحكومة الفلسطينية وزير لشؤون القدس ومحافظ للقدس، فلماذا لا يكون للقدس مجلس بلدي او أمانة عامة شعبية تمثل الناس وتتواصل معهم، وتحمل همومهم وتدافع عن احتياجات صمودهم، وتضع مقومات الصمود في القدس على رأس أولوياتها ،وتساهم في حماية مقدساتنا وتاريخنا وضمان مستقبلنا.
عندما جرت الانتخابات الرئاسية والتشريعية بذلنا كل ما في وسعنا للوصول للقدس وأهلها رغم المنع والاعتقال المتكرر، ومثل ذلك بالاضافة الى مشاركة أهل القدس في الانتخابات ، وسيلة مقاومة هامة لتاكيد الارتباط بالقدس وبعروبتها. وذلك ما يجب ان يتكرر خلال هذه الانتخابات البلدية.