أقسم تعالى في سورة الطارق قسماً غليظاً بالسماء وبنجم إسمه الطارق “والسماء والطارق” ليخبرنا أن كل نفس عليها حافظ يكتب اعمالنا وتسلّم الينا يوم الحساب على شكل كتاب إما بيميننا أو من وراء ظهرنا، فقال تعالى { وَٱلسَّمَآءِ وَٱلطَّارِقِ } ثم يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: وما أشعرك يا محمد ما الطارق الذي أقسمت به { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلطَّارِقُ }؟ ثم بين ذلك جلّ ثناؤه، فقال: هو النجم الثاقب { ٱلنَّجْمُ ٱلثَّاقِبُ }، أراد الله عزّ من قائل: أن يقسم بالنجم الثاقب تعظيماً له، لما عرف فيه من عجيب القدرة ولطيف الحكمة – تفسير الزمخشري 538 هـ.
الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، تفسير { وَٱلسَّمَآءِ وَٱلطَّارِقِ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلطَّارِقُ } * { ٱلنَّجْمُ ٱلثَّاقِبُ }.
النجم الثاقب الذي تطرّقت له سورة الطارق له ميزتان، الأولى أنه قادر على الطرق والثانية على أنّه قادر على احداث تُقب بما عُطف عليه، وحيث أن الطارق عُطِف على السماء، فإن هذا النجم يجب أن يكون قادراً على إحداث ثقب في السماء! ولكن كيف يستطيع النجم أن يثقب السماء؟ فالثَّقْبُ اسم لما نفَذ (لسان العرب)، وهو الخَرْقُ النَّافِذُ (القاموس المحيط).
قسّم النجوم علمياً إلى أنواع حسب طيفها (لونها) وبالتالي حرارتها وحجمها، وتقع شمسنا ضمن التصنيف G. تدخل النجوم في اطوار مختلفة، حيث تولد من تكثف غاز الهايدروجين أو من مخلفات انفجارات عنيفة لنجوم عملاقة سابقة، والتي بدورها تضيء وتسطع الى فترة معينة (أجل) ثم يحدث انهيار بالنجم يتبعه انفجار هائل يموت فيه النجم وبعنف شديد.
تتخذ بقايا النجم شكلاً جديداً يعتمد على حجمه الأصلي، فإنفجار نجم بحجم شمسنا يُحوِّلها إلى عملاق أحمر تضمحل تدريجياً لتصبح قزماً أبيضاً كما بيّنا في مقالتنا ” كيف استطاع أن يرى الوردة؟ “، أما عند انفجار النجم من نوع B، فإن النجم يقوم بقذف قشرته الخارجية ومن ثم يتكوّر ويتقلّص حجمه ليصبح قطره ما يقارب 24 كيلومتر بينما تبلغ كتلته كتلة الشمس أو ضعفها، أي بحجم مدينة ويسمى بالنجم النيوتروني Neutron Star لأنه يتكون كلياً من النيوترونات وتبلغ كتلة ملعقة صغيرة منه كتلة إهرامات الجيزة 900 ضعف. يُحدث النجم النيوتروني Pulsar أمواج كهرومغناطيسيية تلتقطها محطات أستقبال الموجات الراديوية على شكل طرقات متتالية تستمر لعدة ملايين من السنين ثم تتلاشى عظمة هذا النجم ويصبح صامتاً. النجم النيوروني لا يستطيع احداث ثقب في السماء.
أما نهاية النوع O من النجوم، فإنه يَحدث انهيار في النجم ويصبح حجمه قريب من الصفر مما يعني أن كثافته تقارب اللانهاية، ثم يُصدر النجم حزمة من أشعة جاما من أقطابه تستمر لعدة ثوان تُسمع كأنها طرقة واحدة. وهنا يتشكل الثقب الأسود ذا قوة الجذب الهائلة بحيث إذا دخل الضوء نقطة “الـ لا عوده”، فإنه لا يخرج منها، بصيغة أخرى، فإن الثقب الأسود لا تمكن رؤيته بشكل مباشر لأنه يمتص الضوء ويبدو للناظر وكأنه أحدث تقباً في السماء، وله أثر جانبي يعمل عمل العدسة لأن قوة جاذبيته تستطيع كسر الضوء المار بقربه كما هو مبين في هذه المحاكاة التشبيهية.