إسرائيل تُسعّر حملتها: «حزب الله» يجنّد فلسطينيين

d0c97cf3cdd2c5c7fe3a1d0f8213f727_w800_h400_cp
حجم الخط

اتّهمت اسرائيل «حزب الله» بتجنيد مجموعات فلسطينية داخل الأراضي المُحتّلة بهدف تنفيذ عمليات ضدّ قوات الاحتلال الإسرائيلي، مشيرة إلى أن هذه المجموعات تنظّمت في الضفة والقطاع، وأنها كانت على صلة مُباشرة بقيادة عمليات «حزب الله» في لبنان. وعمدت إسرائيل بعد الكشف عن هذه المجموعة إلى مُطالبة مجلس الأمن الدولي باتخاذ خطوات ضدّ «حزب الله» وإعلانه «منظمة إرهابية». ومعروف أن إسرائيل تُدير صراعاً ضدّ «حزب الله» وإيران وتسعى إلى نزع الشرعية عنهما في المحافل الدولية.
وهكذا فإنه بعد أيام قليلة من الذكرى العاشرة لانتهاء حرب لبنان الثانية، أعلن جهاز الشاباك الإسرائيلي نجاحه في الكشف عن تنظيم واسع قام «حزب الله» بتجنيده من الفلسطينيين في الضفة والقطاع بهدف تنظيم عمليات ضد الإسرائيليين. ويرمي هذا الإعلان إلى القول بأن «حزب الله»، رغم انشغاله بالحرب الأهلية السورية، إلا أنه لم يغفل عن محاربة إسرائيل وهو يُحاول تعميق تواجده في الضفة الغربية.
ولهذا السبب عمد، وفق الاتهام الإسرائيلي، إلى تجنيد نشطاء في الضفة الغربية عن طريق استخدام موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك». وهذه ليست المرة الأولى التي تتّهم فيها إسرائيل «حزب الله» بتجنيد نشطاء من الضفة والقطاع للعمل ضدّها. وكانت قبل أشهر قليلة قد اتهمت ابن الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله بتجنيد شبّان فلسطينيين عبر استخدام الشبكات الاجتماعية.
وفي كل حال، فإن الاتهام الإسرائيلي هذه المرة، يدور حول نجاح «حزب الله» في تجنيد نشطاء في الضفة والقطاع عبر الاتصالات معهم من لبنان. وتعتبر إسرائيل أن نجاحها في كشف هذه المجوعة منع تنفيذ عمليات في إسرائيل أيضاً ضدّ مدنيين. وقدّم القضاء العسكري الإسرائيلي لوائح اتهام مُشدّدة ضدّ المُعتقلين.

وبحسب ما نُشر في إسرائيل، فإن وحدة «حزب الله» المُتّصلة بهذا النشاط هي «الوحدة 131» التي قامت بمهمة التجنيد بشكل مباشر أو عن طريق ناشط يعمل لحسابها في قطاع غزة. وتدّعي إسرائيل أن طريقة التجنيد تعمّدت أن تُنفّذ المجموعة عمليات تُلهب الوضع الميداني من دون أن تظهر أي صلة لـ «حزب الله» في الأمر.
وأشارت الاتهامات الإسرائيلية إلى أنه في إحدى الحالات تلقّت خليّة من هذه المجموعات من منطقة قلقيلية أوامر بتنفيذ عملية ضدّ دورية عسكرية. وقالت إن من ترأس هذه الخلية كان مصطفى كمال الهندي من مواليد العام 1988، الذي تجنّد في كانون الأول الماضي عبر صفحة «فايسبوك» بعنوان «فلسطين الحرة». وقالت إن التحقيقات معه أظهرت أنه كان على اتصال مع مسؤوله في «حزب الله»، المُلقّب بـ «بلال» عن طريق «فايسبوك»، وبعد ذلك عن طريق بريد الكتروني، تم فتحه بتوجيهات من الخارج وبعدها عبر استخدام برنامج تشفير لضمان السرية.
وطلب «حزب الله» من الهندي تجنيد خليّة وتنفيذ عمليات ضدّ أهداف إسرائيلية، خصوصاً عمليات ضدّ دوريات إسرائيلية في منطقة قلقيلية. وبدأت هذه الخلية تدريبات على إطلاق النار باستخدام بندقية صيد، وتدريبات على عبوات ناسفة منزلية الصنع. وفي مطلع حزيران العام 2016، تمّ اعتقال أفراد الخلية، قبل أن يُنفّذوا أي عملية خطّطوا لها.
وجاء في الاتهامات، أن محمد فايز أبو الجديان، وهو من قطاع غزة، يعمل لصالح «حزب الله»، وأنه قام منفرداً بتنظيم مجموعة من النشطاء أيضاً عن طريق «فايسبوك». وعمد أبو الجديان، وفق الاتهام الإسرائيلي، لتوجيه من جنّدهم إلى تنفيذ عمليات ضدّ الإسرائيليين بعدما أنشأ معهم صناديق بريد الكتروني، وأرسل لهم برنامج تشفير رسائل للتواصل مع «حزب الله».
واعتقلت القوات الإسرائيلية أيضاً أسامة نواف سيد نجم، وهو من سكان قرية قبلان قرب نابلس، الذي تتّهمه بالتجنّد لحساب «حزب الله» وتلقّي أموال وتعليمات بتنفيذ عمليات قدر الإمكان، وخصوصاً تجنيد نشطاء لتنفيذ عمليات انتحارية في حافلات إسرائيلية. وتدّعي إسرائيل أنه في التحقيق مع نجم تبيّن أن أبا الجديان في غزة هو من قام بتجنيده وهو من طلب منه فتح بريد الكتروني سرّي تواصل به مع رجال «حزب الله» في لبنان. ولاحقاً تلقّى هو الآخر برنامج تشفير رسائل لتسهيل التواصل مع مسؤوليه في لبنان.
وتتّهم إسرائيل نجم بأنه قام بتجنيد خليّة وطلب منه تنفيذ عمليات خصوصاً انتحارية، وأنه تلقّى من «حزب الله» مبلغ 900 دولار. وتقول إن التحقيقات معه أظهرت أنه بالاشتراك مع لؤي تيسير علي سلامة، من قطاع غزة، تواصلا مع يوسف محمد يوسف حجاجرة، وهو من نشطاء «الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة» في سوريا، من أجل تنظيم خلية لـ «الجبهة الشعبية» في منطقة نابلس لتنفيذ عمليات. وتمّ اعتقال نجم قبل تنفيذ أي من العمليات المُتّهم فيها.
كذلك هناك اتهام لمؤمن عبد الرحمن نشرتي، وهو من سكان جنين وعمره 22 عاماً، بالتجنّد أيضاً على يد أبي الجديان. وطُلب من نشرتي شراء سلاح وتنفيذ عملية إطلاق نار على القوات الإسرائيلية في منطقة جنين. ومن التحقيق معه، فإنه كان على اتصال هاتفي أيضاً مع أبي الجديان.
وهناك شخص آخر يدعى مصطفى علي محمد بشارات، ويبلغ من العمر 49 عاماً، من قرية طمون شمال شرق نابلس. وتتّهمه إسرائيل بالالتحاق بالخلية التي أنشأها أبو الجديان. وبحسب تقديرات «الشاباك»، فإن «الوحدة 131» من «حزب الله» تُحاول ترسيخ مكانتها في الضفة الغربية وداخل إسرائيل، ولكن جهودها فشلت حتى الآن. وحسب مسؤول في «الشاباك»، فإن «هدف حزب الله هو مواصلة إلهاب الوضع عبر عمليات لا تظهر فيها بصماته».
واتّضح من التفاصيل التي نشرتها إسرائيل، أن الخلايا التي تمّ اعتقالها بين أيار وحزيران الماضيين عملت بطريقة الهواة. ومن الجائز أن إسرائيل تعلم أن هذه ليست طريقة «حزب الله» في تجنيد النشطاء خصوصاً، أن الجميع يعرف أن الانترنت عموماً و «فايسبوك» خصوصاً مخترقان بشكل شبه كلّي من جانب إسرائيل. لذلك على الأغلب أن تل أبيب تُحاول إلصاق التهم بـ «حزب الله» في إطار الحملة المُشتركة على «حزب الله» وإيران لأسباب أخرى.
وربما لهذا السبب سارع مبعوث إسرائيل إلى الأمم المتحدة داني دانون إلى مطالبة مجلس الأمن الدولي بإعلان «حزب الله» مُنظمة إرهابية. وقال إن «إرهابيي حزب الله يعملون كمبعوثين لإيران، ويُهدّدون ليس فقط إسرائيل وإنما الاستقرار في سوريا ولبنان والمنطقة بأسرها». وأضاف أن «على حزب الله أن يعرف أن كل عمل تخريبي ضد إسرائيل سيجني منه ثمناً باهظاً جداً».