تـوصـيـات بـشـأن الاتـفـاق الـنـووي مـع إيـران

عاموس يادلين
حجم الخط

تؤكد معالم الاتفاق المستقبلي والشامل بين إيران والدول العظمى الغربية، حسب ما تم نشره من قبل الادارة الاميركية في الاسبوع الماضي، على الاشكاليات الواردة في الاتفاق بين إيران والدول العظمى. 
يفترض في المفاوضات أن تؤدي الى اتفاق نهائي، ما سيقلص بشكل ملموس الخطر الكامن مستقبلا من البرنامج النووي الايراني في ان يتحول الى برنامج عسكري. 
فيما يلي الرؤى، التي توضح المغازي المعقدة لمعالم الاتفاق التي تم نشرها، والتوصيات السياسية بخصوص استمرار المفاوضات مع ايران حول الملف النووي. بيت القصيد هنا يكمن في التأكيد على ضرورة الحاجة الى حوار صادق وموثوق به بين اسرائيل والإدارة الاميركية، الذي من شأنه ان يساعد في تراجع البرنامج النووي الايراني، ولابعادها بعيدا من الوصول الى العتبة النووية، وكذلك لتحقيق التوافقات بين إسرائيل والولايات المتحدة على الرد في حال قيام ايران بخرق الاتفاق.
 مغازي مبادئ الاتفاق من جهة، فإن الحديث لا يدور عن "اتفاق سيئ جدا"، ومن جهة اخرى فانه ليس "انجازا ذا مغزى تاريخي". 
عمليا فإن الحديث يدور عن تسوية، تم فيها تحقيق انجازات للدول العظمى في النواحي التالية: تراجع البرنامج النووي الايراني الى الوراء، فرض قيود هامة على التطور المستقبلي للبرنامج النووي الايراني وكذلك الرقابة غير المسبوقة. ومقابل ذلك، "الاتفاق" اعطى مشروعية لايران كدولة على عتبة النووي، يسمح لها الى حد معين بالتقدم بالابحاث والتطوير ويضع في خدمتها موارد كثيرة للاستمرار في دعم التخريب والارهاب.
التوصية: من اجل التأكد بأن الاتفاق يتطور فعلا الى انجاز يغلق جميع المنافذ امام ايران من اجل الوصول الى القنبلة النووية، حسب تقييم الرئيس اوباما، ولا يشق امامها اي طريق لامتلاك قنبلة، حسب تقييم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، يجب التأكد القيام بالاجراء التالي، وهو يتكون من ثلاث مراحل: أ- بلورة اتفاق لغاية 30 حزيران 2015، يغلق الباب امام اي خرق للاتفاق الحالي.
 ب- تشكيل نظام مراقبة موثوق وشامل، لا يسمح للايرانيين بتحقيق مشروعهم النووي.
 ج- ان يتم التوضيح بشكل قاطع للإيرانيين أن اي محاولة للالتفاف على الاتفاق او لخرق إطاره، سوف يؤدي الى رد عنيف.
نهاية المبادئ التي تم الاتفاق عليها: لا يوجد حتى الان اتفاق موقع. يدور الحديث عن إعلان مبادئ مشترك، غير موقع، يستخدم كأساس لاستمرار النقاشات لحين التوصل الى اتفاق في الـ 30 من حزيران 2015. مع ان الاعلان ترافق مع وثيقة اميركية، تتعلق بمعظم القضايا المهمة بشكل مفصل إلا ان المبدأ الذي ينص على انه "لحين الاتفاق على كل شيء، فلا شئ متفق عليه" ينطبق ايضا على اعلان لوزان. لم تمر 24 ساعة بعد الاعلان الاميركي، الا واتهم وزير الخارجية الايراني ظريف الولايات المتحدة بنشر ورقة الاتفاقات، التي لا تعبر عن "اتفاق". لذا، يجب الانتباه الى الصمت المطبق للمرشد الأعلى بهذا الخصوص، الذي لم يصادق في نهاية العقد السابق على الاتفاق الذي وقعه الرئيس الايراني آنذاك، أحمدي نجاد، مع تركيا والبرازيل بخصوص تقييد البرنامج النووي الإيراني (المتعلق بفرن الابحاث في طهران TRR).
التوصية: يجب فحص ودراسة ردود الايرانيين على الوثيقة الاميركية وموقف المرشد الاعلى تجاهها. ومن المهم الطلب من المرشد الاعلى اسماع صوته بشأن "الفتوى" ضد السلاح النووي – الفتوى التي ذكرها الرئيس اوباما – والتي لم تسمع بعد بصوت خامنئي.
يدور الحديث عن تسوية، تميل الى الجانب الايراني: اجمال الذي تم إنجازه يعبر عن تسوية ذات إشكالية، بين المواضيع المطروحة – تسوية تعكس حماسا اميركيا للتوصل الى اتفاق من خلال خوف علني من عدم التوصل الى اتفاق، من الحرب او من عدم انضمام الدول العظمى لعقوبات إضافية. الايرانيون من جانبهم وصلوا الى طاولة المفاوضات بهدف تحقيق هدف واحد واضح  وهو رفع العقوبات بشكل فوري، والتي الحقت ضررا بالغا في قطاعات الطاقة والمال في ايران. ورغبتهم في رفع العقوبات أجبرتهم على قبول التسويات والتنازل. ومع ذلك لاحظ الايرانيون الرغبة الاميركية بالتوصل الى اتفاق وعدم وجود بديل لانهيار المفاوضات بدون اتفاق. لذا فقد أداروا مفاوضات صعبة اكثر من الدول العظمى.
التوصية: على الولايات المتحدة ان تدرس مجددا الاطر البديلة الشاملة، وتطوير بدائل لعدم التوصل الى اتفاق، تشمل جولة عقوبات إضافية وبدائل دبلوماسية وعسكرية الى حافة الحرب، والاقتناع بصدقها.
نصف الكأس – فارغ ام مليء؟  من الممكن النظر الى التفاهمات التي تم التوصل اليها كـ "نصف الكأس المليان"، او "نصف الكأس الفارغ" هكذا يفعل المؤيدون والمعارضين، على التوالي.
المؤيدين يعرضون ثلاثة انجازات اساسية:  تراجع القدرات الإيرانية القائمة إلى الوراء، ومنع تطوير قدرات اضافية على مدار 10-15 سنة قادمة، بالاضافة الى ذلك، ترتيبات رقابة غير مسبوقة. وفي مسار التخصيب فالحديث يدور عن وقف 13 الف جهاز طرد مركزي، بإخراج او تقليل حوالي 10 طن من المواد المشبعة الموجودة في ايران، والتي تكفي لصنع 7-8 قنابل نووية. ويكون في ايران فقط التخصيب في اجهزة الطرد المركزي من الجيل الاول ولا يكون هناك تخصيب اعلى من 3.67 بالمئة. منشأة بوردو تتحول الى مركز ابحاث بدون مواد نووية. يتم اغلاق مسار البلوتونيوم بواسطة تغيير نواة الفرن في آراك الى نواة لا يمكن فيها انتاج بلوتونيوم للسلاح. تحديد مهم إضافي: عدم بناء افران للمياه الثقيلة او مواقع للتخصيب خلال السنوات العشر القادمة. واخيرا يوضع الايرانيون تحت رقابة وفقا لاتفاق اضافي مع وكالة الطاقة الذرية، يضمن رقابة ذات فعالية اكثر من الماضي، رقابة تشمل للمرة الاولى توريد وتصنيع أجهزة الطرد المركزي.
المعارضون للاتفاق يعرضون وجهة نظر مخالفة: الاتفاق يبقي بأيدي الايرانيين القدرة على تطوير قدرات إضافية، من شأنها تقصير الوقت لخرق "الاتفاق" وخروقات في نظام الرقابة وتقييداتها. نصف الكأس الفارغة هي انه لن يتم إغلاق اي موقع نووي، مع بقاء 6 آلاف جهاز طرد مركزي بأيدي الايرانيين، وما سيتم أخذه منهم لن يتم تدميره بشكل تام بل سيكون من الممكن إعادة اصلاحه بسرعة في حال خرق الاتفاق. اتفاقات المراقبة لم تشمل "جوانب السلاح الممكنة للبرنامج" (PMD)، وما سمح لايران في موضوع استمرار البحث والتطوير لا يقيد قدرتها على الاستمرار في تطوير اجهزة الطرد المركزي المتطورة. 
التوصية : من الواجب مناقشة وتوضيح عدة قضايا غامضة في وثيقة المبادئ والتعبير عنها بصورة افضل في الاتفاق النهائي. بدون هذه الايضاحات لن يتم تحقيق الهدف الذي وضعه رئيس الولايات المتحدة: تراجع فاعل لايران لا يسمح لها بتقصير زمن الاختراق خلال فترة الاتفاق. موضوع الـ (PMD) مصيري. يجب التأكد من عدم توقيع الاتفاق بشكل نهائي بدون ردود ايرانية شاملة وكاملة على اسئلة وكالة الطاقة الذرية حول الموضوع وبدون توسيع الرقابة على المواقع، الاشخاص، الوثائق، والمنظمات ذات العلاقة بنشاطات السلاح الايراني. مواضيع إضافية، يجب ان تطلب لها اجابات، وهي تحييد اجهزة الطرد المركزي التي خرجت من الخدمة، من اجل عدم إعادتها للعمل وتقييد الابحاث المتعلقة باجهزة الطرد المركزي المتطورة.
بين المفاوضات حول الموضوع النووي وبين التخريب، الارهاب، والمس بحقوق الانسان: يجب عدم الاستغراب من ان الاتفاق لم يتناول النشاطات السلبية الاخرى لايران: التخريب الواسع في الشرق الاوسط، نقل الاسلحة، تطوير صواريخ بالستية بعيدة المدى، تشجيع الارهاب والمس المستمر بحقوق الانسان. لقد تم في الاتفاق المؤقت الذي تم توقيعه في كانون الثاني 2014 فصل الموضوع النووي عن باقي المواضيع التي تتعاطى معها ايران، وحظي بافضلية مفترضة. ان مسألة تطوير السلاح النووي هي التهديد الاستراتيجي والخطير اكثر من باقي القضايا ذات الاشكالية في السياسة الخارجية والداخلية لايران.
التوصية: على الولايات المتحدة ان توضح ان الاتفاق الذي يلوح في الافق لا يعطي "الضوء الاخضر" لايران للاستمرار بالتخريب والارهاب، ولتحقيق هذا القول يجب القيام بأفعال قوية وعدائية تجاه ايران في كل جبهة تعمل فيها ايران في منطقة الشرق الاوسط. وعلى الولايات المتحدة ان تبدد المخاوف الثقيلة، التي تسود العالم العربي السني واسرائيل، من التوجه الى حلف استراتيجي مع ايران. وعلى الولايات المتحدة ان تؤكد التزامها تجاه العقوبات المفروضة على إيران بسبب تورطها في الاعمال الارهابية. ونقل السلاح، والمس بحقوق الانسان، وتطوير ونشر الصواريخ.
اسرائيل والولايات المتحدة: بسبب العلاقات المتعكرة، وانعدام الثقة والمواقف المتناقضة حول الموضوع الايراني بين إدارة اوباما وحكومة نتنياهو، فإنه لم يتم حتى الان التوصل الى اتفاقات ثنائية بين البلدين.
التوصية : يجب ان يتم بسرعة استئناف الاتصالات على المستوى المناسب بين الدولتين. من اجل ان تتمكن اسرائيل من توضيح النقاط السيئة في إعلان المبادئ، ولاستخدام ذلك في اجراء تعديل على الاتفاق قبل الـ 30 من حزيران ومن اجل التوصل الى تفاهمات مشتركة ومناسبة لتقليص المخاطر على اسرائيل، والكامنة بالاتفاق، يوصى بالعمل في المجالات التالية: تحسين الاتفاق بحيث لا تستطيع ايران في إطاره الزحف مجددا بإتجاه العتبة النووية وتقصير فترة الخرق، للتأكد من الرقابة الدقيقة والصارمة، ولتشكيل منظومة ثنائية لتشخيص مبكر لاي خروقات، وتعزيز قوة اسرائيل من خلال دعمها بالوسائل القتالية التي تردع ايران عن خرق الاتفاق ولتعميق التفاهمات على الردود القوية على هذه الخروقات. الدولتان مطالبتان بتوضيح كيفية منع العودة الى "نموذج كوريا الشمالية" على الساحة الايرانية.
في كانون الاول 2013، وفور توقيع الاتفاق المؤقت مع ايران، تم سؤال الرئيس اوباما في منتدى صبان من قبل كاتب هذه السطور، ماهي المعالم التي لا يتنازل عنها في الاتفاق المتوقع مع ايران؟ وفي إجابة رئيس الولايات المتحدة تم التأكيد على المبدأ، والذي بموجبه سيظل لدى ايران "برنامج نووي للاغراض السلمية فقط" والتزم الرئيس بذلك، حيث إن منشأة التخصيب في بوردو، وفرن المياه الثقيلة في آراك وتطوير اجهزة الطرد المركزي المتطورة، غير مشمولة في إطار الخطة النووية للاهداف السلمية. ولكن الإصرار الايراني على تضمين هذه العناصر في الاتفاق النهائي، وكذلك موافقة الدول العظمى على ذلك – حتى ولو كانت مشروطة – يدلل على ان تحديد المرشد الاعلى الايراني، بانه سيظل لدى ايران القدرة النووية، هو الذي اثر الى حد كبير في مبادئ الاتفاق.
يوجد مخاوف كبيرة من ان البرنامج الايراني، الخاضع للاتفاق النهائي بينها وبين الدول العظمى، لن يكون سلميا، وعليه، على الادارة الاميركية ان تقتنع بالتمسك بالاهداف التي حددها الرئيس: التزام واضح بإغلاق جميع المنافذ امام ايران من اجل الوصول الى السلاح النووي، ورقابة صارمة غير مسبوقة، وابقاء العقوبات على حالها لحين الوفاء بالالتزامات الايرانية، وفقا لشروط الاتفاق. وعلى اسرائيل من جانبها ان تعمل على تعزيز التنسيق مع الولايات المتحدة واستمرار المفاوضات استعدادا للاتفاق النهائي مع ايران، والتوجه الى حوار مكثف مع الادارة الاميركية بهدف تعديل بعض بنود الاتفاق، التي قد تستغل من قبل ايران للاستمرار في تطوير البرنامج النووي. واخيرا، على اسرائيل والولايات المتحدة التوصل الى اتفاق مفصل بشأن الطريقة التي ستعمل بموجبها الدولتان لوقف الايرانيين، في حال عدم التزامهم بالاتفاق، او أن يقوموا بإلغائه من جانب واحد. 

عن "مباط عليا"
*رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان) بين في الأعوام 2006 - 2010.