ميزانية نتنياهو لا تعجب قطاع الاقتصاد: تغشّون الناخبين!

d0c97cf3cdd2c5c7fe3a1d0f8213f727_w800_h400_cp
حجم الخط

تتعرض ميزانية العامين 2017-2018 التي أقرّتها الحكومة الإسرائيلية، وينتظر عرضها قريباً على الكنيست، لانتقادات حادة، ليس فقط من جانب قادة المعارضة، وإنما أيضاً من جانب قادة الاقتصاد الإسرائيلي. واعتبر بعضهم أن السياسة الاقتصادية التي تنتهجها حكومة بنيامين نتنياهو تعرض إسرائيل للخطر، وتجعل «مكانة الصناعة فيها في الدرك الأسفل وتوقف النمو». ومع ذلك، فإن الإشارات الحديثة من «مكتب الإحصاء المركزي» تظهر أن نسبة النمو السنوية، كما تبدت في الربع الأخير، تفوق التوقعات، وتزيد عن ثلاثة في المئة.
وأشارت وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى أن مؤتمراً عقده قادة المنظمات الاقتصادية الرئيسية في الدولة العبرية قبل يومين حمل بشدةٍ لم يسبق لها مثيل على وزير المالية موشي كحلون، وعلى ميزانية الدولة التي أقرّت مؤخراً في الحكومة.
وقال رئيس «المجلس الاقتصادي الإسرائيلي» سابقاً، يوجين كاندل، في المؤتمر الذي عقد بعيداً عن وسائل الإعلام، إن «رجال السياسة في إسرائيل غير معنيين بالنمو وبخلق أماكن عمل، خلافاً لمعظم الأماكن الأخرى في العالم، لأن هذا ليس موضوعاً يتم انتخابهم بسببه». وأضاف أن «الناخب حالياً يأخذ انطباعا من وسائل الإعلام بأن أماكن العمل تنمو هنا على الأشجار. وبحسب رأيي، فإن الوضع سوف يتغير بعد أزمة شديدة، حينما تتخطى البطالة في إسرائيل سقف الثماني في المئة، ويبدأ الناخب الإسرائيلي في الاهتمام بالمسألة».
أما رئيس شركة «أوسم» الغذائية، دان بروبر، فقال بشكل حازم إن «السيل بلغ الزبى. ومكانة الصناعة في الدرك الأسفل. تحولنا من أبطال الطلائعية لدولة إسرائيل إلى هدفٍ لتلقي السهام. لا أحد يهتم بالانتاجية. لا أحد يفهم أن رفع مستوى الحياة يرتبط برفع مستوى الانتاجية. النمو توقف، والبطالة لا ترتفع فقط بسبب أن القطاع العام وقطاع الخدمات يستوعب فائض العمال. وللأسف، زيادة الأنظمة في البلاد تبعد المستثمرين، والشاهد هو أن الاستثمارات الأجنبية في إسرائيل تتراجع بشكل حاد».
أما رئيس اتحاد الصناعيين شرجا بروش فأعلن بشكل يائس: «نحن عاجزون بشأن الوجهة التي يتخذها الاقتصاد. حالياً لا تقام تقريباً مصانع جديدة في إسرائيل، والوجهة الاقتصادية هي نقل النشاطات الانتاجية إلى الخارج. نحن الحل، ولسنا المشكلة».
ويرى اقتصاديون آخرون أن ميزانية العامين 2017-2018 تعرض الاقتصاد الإسرائيلي مستقبلاً لأزمة حادة. ويقول هؤلاء إن الأزمة قادمة حتى لو كانت المؤشرات السلبية محدودة. وتتعلق الانتقادات أساساً في حقيقة أن الميزانية الجديدة تحاول تعزيز النمو عبر زيادة الانفاق الحكومي بحوالي خمسة في المئة في العام 2017 وزيادة العجز في الميزانية إلى 2.9 في المئة من الناتج القومي، فضلاً عن الاعتماد في التمويل على مؤسسات من التي يجري فيها الدخل لمرة واحدة كاليانصيب وسلطة الأراضي وسلطة المطارات.
وفي نظر خبراء اقتصاديين، فإن الاعتماد على مثل هذه المؤسسات للتمويل يعتبر إشكالياً، لأن هذه مصادر مؤقتة، مقابل الزيادة في النفقات أو تقليص الضرائب، وهي مسألة يصعب التراجع عنها لاحقاً.
ويقول البروفيسور كاتس مليدر إن الزيادة في الإنفاق إشكالية لأنه «رغم التسريع في إنفاق الموازنة، لا توجد فعليا زيادة في الانفاق على التعليم ولا استثمارات، وهما أمران يسهمان في زيادة الانتاجية مستقبلا. فاقتصاد يشتغل بالكامل، وهو يتواجد في مرحلة تسريع دورة الأعمال، لا يفترض أن ينتهج سياسة مالية موسعة، وإنما العكس. وحال دخول الاقتصاد مرحلة ركود، لن تتوفر لديه الأدوات المالية لدعم النشاطات. فضلاً عن ذلك، فإن ركودا أشد سيؤدي إلى زيادة العجز في الميزانية وإلى المس بالصدقية».
أما البروفيسور ألكس جابجينسكي فيرى أن «الخطوات التي خططت لها الحكومة في الميزانية الجديدة تزيد المخاطر المالية. وتجربة الماضي تعلمنا أن المخاطرة لا تتجلى في سوق سندات الخزينة الحكومية بشكل متدرج. وأنه في مرحلة معينة، لا أحد يشعر تقريبا بالتدهور المالي، ولكن الأزمة إذا انفجرت فإنها تكبر بسرعة. فالعجز قد يرتفع بسرعة إلى مستويات أكبر نتيجة زيادة البطالة وتراجع المداخيل من المصادر الدورية». ويضيف أنه في «حالة كهذه، فإن التناسب بين الدين والناتج القومي يرتفع بسرعة أكبر. وإذا ساءت الظروف المالية في إسرائيل، فإن التعامل معها من جانب المستثمرين، خصوصاً الأجانب، لن يكون كما في الدول الكبرى، وإنما سيكون أقرب إلى التعامل مع الدول النامية التي تورطت».
في كل حال، فإن «مكتب الإحصاء المركزي» الإسرائيلي أعلن بالأمس أن المعطيات تدل على أن النمو في النصف الأول من هذ العام بلغ 2.9 في المئة، وأن قاطرة النمو في الاقتصاد الإسرائيلي في العامين الماضيين كانت الاستهلاك الفردي. ورأى البعض في إعلان مكتب الاحصاء المركزي رفضاً للتقديرات المتشائمة التي تحدثت عن نسبة نمو سلبي جراء ركود الاقتصاد الإسرائيلي.