يُحذِّر علماءٌ من أنَّ نجاح فيروس نزلات البرد في الانتشار بأنحاء العالم يعكس إمكانية تحول فيروس كورونا القاتل إلى وباء، والذي أُصيب به البشر من الجمال أيضاً.
فطبقاً لدراسة جديدة، اكتشف العلماء أنَّ أول إنسانٍ أُصيب بنزلة بردٍ أصابته عدوى مصدرها جمل، وهذا يعني أنَّ مصدر نزلة البرد العادية يأتي من نفس الحيوان الذي جاءت منه متلازمة الشرق الأوسط التنفسية المعروفة بكورونا.
فبينما كان باحثون في مستشفى بون الجامعي بألمانيا يقومون بإجراء أبحاث حول فيروس كورونا، وصلوا لاكتشاف غير متوقع.
يقول بروفيسور كريستيان دروستين، أحد أعضاء الفريق، "أثناء أبحاثنا حول فيروس كورونا، قمنا بفحص 1000 جمل بحثاً عن الفيروس وفوجئنا بوجود مسببات المرض المرتبطة بـ(HCoV-229E) والذي يُعرف بفيروس نزلة البرد في 6% من الحالات".
وقام العلماء بأخذ عينات من فيروس البرد من الجمال واكتشفوا امكانية انتقال العدوى للإنسان طبقاً لدورية علمية منشورة في محاضر الأكاديمية الوطنية للعلوم. لكنَّ الاختبارات أظهرت غياب الخطر من انتشار وباء نزلة برد لأن نظامنا المناعي اكتسب مناعة من النسخة البشرية من المرض.
ويُعتقد أنَّ عديداً من الأمراض التي تصيب الإنسان جاءت أساساً من حيوانات أخرى قبل تحورها جينياً بالصدفة بشكل أعطاها خصائص تمكنها من إصابة البشر.
فعلى سبيل المثال، يُعتقد أنَّ مرض الأنفلوانزا استطاع تحقيق قفزة من الطيور إلى البشر عدة مرات في الماضي، ويمكن لتفشي العدوى الأولى أن يكون شديداً لأن البشر قد لا يملكون أي مناعة أمامه، فما يُعرف بوباء الأنفلونزا الإسبانية فتك عام 1918 بما يقدر بثلاثة إلى خمسة في المائة من سكان العالم.
وعلى أية حال، تختفي معظم الفيروسات الفتاكة بمرور الوقت لأنها تقتل عوائلها بسرعة شديدة، مما يُشكل قوة ضاغطة في تطور الفيروسات الأكثر اعتدالًا التي تصيب الناس وتُبقيهم أحياءً بشكل يُمكن الفيروس من إصابة آخرين.
ويُسبب فيروس الكورونا، والذي اكتشف بين البشر لأول مرة عام 2012، عدوى حادة تكون قاتلة في المعتاد، لكن على أية حال، لم تتطور إلى شكلٍ يمكنه الانتشار بسهولة بين البشر.
قال بروفيسور دروستين، "تُعد عدوى فيروس كورونا غريبة، فهي أصغر حجماً، ومحدودة النطاق، فمثلاً تتكرر العدوى في المستشفيات، ولحسن الحظ، لم يتكيف الفيروس بشكل كافٍ عند البشر، ولم يتمكن من الانتشار بشكل عالمي حتى الآن".
لكنه أضاف أنَّ انتشار فيروس نزلات البرد يُظهر أنَّ كورونا قد يتحول إلى مشكلة عالمية يوماً ما.
إذ يقول بروفيسور دروستين، "تُعطينا دراستنا الحالية علامة إنذار حول خطورة وباء كورونا، لأن فيروس كورونا يفعل نفس ما يفعله HCoV-229E".
ويمكن للبشر أن ينقلوا العدوى إلى أصناف أخرى، إذ يُعتقد أننا نقلنا عدوى بكتيرية إلى القرود أثناء إطعامها الفول السوداني وأمراض أخرى أثناء الاحتكاك بها في غامبيا.