أشعلت الإنتخابات المحلية الحماس في صفوف حركة فتح على الأقل كما نلاحظه في قطاع غزة وأظهرت شغف الفتحاويين وإستعدادهم للمشاركة في الإنتخابات المحلية، فهم يعتبرون الإنتخابات بشكل عام مطلب فتحاوي منذ زمن إعتقادا منهم أنها ستخلصهم من حال الإنقسام أو الأصح التخلص من حكم حماس وسيطرتها على قطاع غزة، ويعتبرون السلطة حق لهم وان حركة فتح أم الجماهير وحامية المشروع الوطني ومفجرة الثورة الفلسطينية المعاصرة، وهي الفصيل الاول والاكبر وأم الصبي، وحقها أن تكون الحاكم في غزة والضفة، وهم الذين عانوا ويشعرون بالظلم تحت حكمها، ويتضح أيضاً إيمان كثير من الفتحاويين بالعملية الديمقراطية والإحتكام للانتخابات كوسيلة للتداول السلمي على السلطة.
ينشط الفتحاويين على مواقع التواصل الإجتماعي عبر هشتاقات ومنشورات تعبر عن همة عالية وقدرتهم على خوض الإنتخابات متحدين لتغيير واقعهم بالأساس وليس الواقع القائم. لكن الملاحظ أن هذه الهمة في بعض منها همة شخصية في ظل تناقضات وخوف وعدم ثقة وغياب اليققين عن عدد كبير منهم بعدم جدوى الإنتخابات، وانها لن تحقق لهم ما يريدون وعودة حكم فتح حتى لو كان ذلك الفوز في مجالس الهيئات المحلية وهم يعيشوا واقع فتحاوي منقسم، وما تعيشه غزة وما يعيشه الفتحاويين من تهميش وظلم فتحاوي قبل أن يكون ظلم حكم حماس.
كثير منهم يرى أن فتح تعاني ولم تقم بما هو مطلوب منها بإجراء مراجعات جدية والبحث في واقع حركة فتح ومشكلاتها وازمتها منذ الانتخابات في العام 2006، او بعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة في العام 2007، بل هي تركتهم يواجهوا مصيرهم مع حماس وحدهم، لذا رأى كثير منهم في عضو المجلس التشريعي وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح السابق محمد دحلان المخلص من حالهم البائس وتهميش القيادة الرسمية لهم وتنكرها لحقوقهم خاصة الموظفين، وهم قطاع كبير من المؤيدين لدحلان، وفي الوقت ذاته يقارنوا اهتمام دحلان بغزة وبأنصاره وما يقوم به من مشاريع سواء كانت إنسانية وتبرعات مالية للفتحاويين وغيرهم من المواطنين الذين يلجأون اليه طلبا للمساعدة. وقد تميز سلوك دحلان حتى الان في ما يتعلق بالانتخابات بوحدة الحركة وبالهدوء، ورحب عضو المجلس الثوري لحركة فتح سمير المشهراوي وصديق دحلان وشريكه في مناهضة الرئيس محمود عباس، بيان اللجنة المركزية الأخير الذي يدعو الى وحدة الحركة والنظر في تظلمات الاعضاء المفصولين او الذين وقع ظلم عليهم باتخاذ قرارات مجحفة بحقهم من قبل اللجنة المركزية.
وعلى الرغم من الوحدة الظاهرة التي يعبر عنها الفتحاويين الا أن تحت الجمر نار وخلافات وبعض منهم يتربص بالبعض الأخر، وحول ما يشاع عن انتهاء فتح غزة من إعداد قوائم المرشحين التي انتهت الحركة منها، والخشية من تمرد بعض الفتحاويين لعدم الرضا عنها وأنها ليست الأسماء التي يجب ان تكون وتمثل حركة فتح في المجالس للهيئات المحلية.
تأتي الإنتخابات المحلية وفي أذهان الفتحاويين إنتخابات المجلس التشريعي في العام 2006، وإنتخابات المجالس البلدية التي أجريت في الضفة الغربية في العام 2012، وعبرت عن حال الإنقسام في صفوف فتح خاصة ما جرى في بلدية نابلس وتغليب عدد من الفتحاويين مصالحهم الشخصية على مصالح الحركة.
هل ستكون الإنتخابات المحلية بداية الطريق للملمة الصفوف في حركة فنح؟ وهل تستطيع قيادة حركة فتح استغلال الإنتخابات المحلية للنهوض بالحركة وإستعادة دورها؟ أعتقد أن ازمة فتح كبيرة والخلافات بداخلها اكبر وليس كما نلاحظه من همة على مواقع التواصل الاجتماعي والحماس الكبير لخوض الإنتخابات والفوز بعدد كبير من المجالس المحلية خاصة المدن الكبيرة كغزة او نابلس والخليل.
ويبقى التساؤل أمام قيادة الحركة وأعضاء وأنصار ومحبي حركة فتح، كيف يمكن ان تستغل هذا العمل الديمقراطي في إعادة صفوف الحركة واللحمة الداخلية سواء على مستوى التنظيم او على المستوى الفلسطيني؟ وتجربة التعلم الذاتي من الخطأ يجب على حركة فتح ان تدرك كيفية اتخاذ العبر والمواعظ والحفاظ على الموروث النضالي الثوري والمقاوم، والذي لا يزال يشكل أهم الحاضنات الشعبية المؤثرة في العمل الوطني الفلسطيني برمته.