شيء ما منعش يكمن في المبادئ الجديدة التي وضعها وزير الدفاع ليبرمان في الموقف من الفلسطينيين في «يهودا» و»السامرة»، أو ما يسمى طريقة الجزر والعصي.
المبدأ صحيح – تشجيع الاخيار والمس بالأعداء، خلافاً للوضع الذي كان سائدا منذ التسعينيات ومنذ اتفاقات اوسلو، حيث كنا نربت بالذات على كتف العدو الاخطر لنا، م.ت.ف، في ظل خلق واقع وهمي وكأنه شريك يحمي أمننا.
هذه هي المرة الاولى التي تبدي فيها حكومة اليمين بوادر نية لمعالجة المبادئ الفاشلة التي وضعتها حكومة اليسار التابعة لرابين وبيريس. لم يتجرأ نتنياهو واقماره السائرة في مداره حتى اليوم على أن يستخلص الاستنتاجات من الفكر الذي روجوا له أنفسهم طوال السنين، ولم يتحدوا وجود السلطة.
والان يطرح وزير الدفاع، حديث العهد، علامة استفهام على حصرية السلطة، في كل ما يتعلق بالعلاقة مع السكان الفلسطينيين في «يهودا» و»السامرة».
ولكن هذا لا يكفي، فقد حان الوقت لمن عارضوا الاتفاقات السائبة، من حذروا وكانوا محقين على مدى الطريق، ليتأزروا بالشجاعة وان يطبقوا الاستنتاجات.
هذا هو الوقت لاصدار شهادة وفاة لوهم الشريك. هذا هو الوقت لتصنيف السلطة وم.ت.ف كعدو يتوجب القضاء عليه. فانهيار السلطة يجب أن يتقرر كهدف استراتيجي أعلى، والى جانبه يجب العمل على اعداد تفاصيل البديل. غير أن محافل شديدة القوة، ضمن امور اخرى في قيادة جهاز الامن، لا تشارك بالتأكيد في هذه النظرة.
فالامر الذي اصدره شمعون بيريس للجيش الاسرائيلي العاق في 1993 – «لتغيير القرص»، نجح اكثر مما كان مقدرا له. فقد اصبحت نظارة اوهام محبي م.ت.ف جزءاً من البرنامج والمادة لكثير من اصحاب الرتب العليا. ويوم الاحد يفترض بخطة ليبرمان الجديدة ان تطرح على البحث في المجلس الوزاري – الكابنت، وبالذات قبيل هذا البحث هناك من يحاول ان يدير مبادئ الخطة في الاتجاه المعاكس - بدلا من اضعاف السلطة التشكيك بقبضتنا. فسلسلة من الاقتراحات الخطيرة، التي يتصدرها منسق اعمال الحكومة في «المناطق»، اللواء فولي مردخاي، ستؤدي – اذا ما اقرت – الى نتائج قاسية جدا.
هكذا مثلا النية لاقامة مستشفى في بيت ساحور، في مكان مهم من ناحية أمنية واستيطانية.
هكذا خطة بناء رواق بري بين رام الله واريحا ومعابر الاردن، رواق يشكل إعداداً عمليا لاقامة دولة فلسطينية واقتلاع القبضة اليهودية. هكذا بالنسبة لتبييض الاف مخالفات البناء الخطيرة للعرب في المناطق ج. وبالفعل، من المهم تشجيع السكان الذين لا يشاركون في طريق التحريض و»الارهاب»، ولكن من المحظور عمل ذلك من خلال المس بالقبضة الاسرائيلية على الارض.
بشكل عام، يجب أن يكون تشجيع الجهات غير المعادية جزءا من خطة شاملة. خطة تشكك عن عمد بالسلطة وبمؤسساتها، والى جانب ذلك تعزز قيادة عربية بديلة والاستيطان اليهودي في «يهودا» و»السامرة».
وعليه فمن المرغوب فيه منح المزيد من تصاريح العمل داخل الخط الاخضر، تحسين المعابر، وابداء مرونة تجاه السكان الهادئين. من المهم ايضا اقامة مستشفيات وملاعب كرة قدم، ولكن ليس على حساب القبضة الاسرائيلية. من لا يحرص على هذه المبادئ سيؤدي إلى نتيجة معاكسة لما يبدو يقصده ليبرمان؛ فهو سيشكك بالاستيطان والامن ويحقق دولة فلسطينية معادية.
بشكل عام كل سياسة جديدة يجب أن تتضمن وقف التمييز ضد المستوطنين في «يهودا» و»السامرة»، لا سيما في مجال التخطيط، البناء والملكية على الارض.
وفقط من يواصل التفكير برأس اوسلو يمكنه أن يعمل على مخططات هيكلية ومدن فلسطينية، وفي الوقت ذاته يواصل تجميد البلدات اليهودية. وعليه فان على ليبرمان والحكومة بأسرها أن يحذروا، كي لا يدفعوا نحو تحقيق خطط بيريس وبيلين عمليا.