العرب والمصالحة الفتحاوية

e3c774f6-0639-4e9d-8839-471247b0969e
حجم الخط
 

كتبت عشرات المقالات عن تجربة حركة فتح مناقشا دورها ومكانتها واهميتها في قيادة المشروع الوطني، رغم ازماتها والمشاكل، التي

تعاني منها او تثقل كاهل قياداتها. وعالجت وطالبت مرات ومرات بضرورة تجديد الشرعيات فيها، وشرعيتها في النطاق الوطني إن كان

في إطار منظمة التحرير او في نطاق السلطة الوطنية. غير اني لم اقبل الدخول يوما، ولن اتدخل في الخلافات الداخلية، التي عصفت

وتعصف با لحركة. لان هذا شأنا داخليا يعني الهيئات القيادية، بغض النظر إن اعجبني او لم يعجبني ذلك. فقط في حالة واحدة ساتخذ

الموقف المطلوب، عندما يتعرض المشروع الوطني للخطر. عندئذ لن اجامل، ولن اهادن كل من يرتكب خطيئة بحق فلسطين وتحررها

وانعتاقها من الاحتلال الاسرائيلي والانقلاب الحمساوي كائنا من كان.

مع ذلك حركة فتح، قائدة النضال الوطني التحرري ليست ملك ابناؤها. فالاستقلالية نسبية، لان مصير الشعب العربي الفلسطيني مرهون

بكيفية ادارتها للصراع مع العدو الخارجي والداخلي. الامر الذي يسمح للقوى السياسية والشخصيات المستقلة واصحاب الرأي في الساحة

بالتدخل في السياسات وبرامج واليات العمل، التي تشتقها لبلوغ الاهداف الوطنية بالقدر المتاح ودون تجاوز الخطوط المسموح بها لحماية

المشروع الوطني والانجازات الفلسطينية ووحدة الشعب والممثل الشرعي والوحيد للشعب، منظمة التحرير الفلسطينية والنظام السياسي

التعددي. وبذات القدر، وكوننا جزء لايتجزء من الامة العربية، فإن الشراكة السياسية مع الدول الشقيقة امر في غاية الاهمية، لاسيما واننا

الاحرص على تعزيز البعد القومي، لان ذلك يصب في مصالح شعبنا وامتنا العليا. 

هذه الشراكة تسمح للاشقاء بالتدخل الايجابي في طرح الاجتهادات لتعزيز عوامل القوة والوحدة في صفوف منظمة التحرير الفلسطينية

والفصيل الاكبر، حركة فتح وايضا العمل على تحقيق المصالحة الوطنية، واعادة الاعتبار لوحدة الشعب واهدافه الوطنية وقضيته. لان ما

يهم فلسطين، يهم الاشقاء العرب. والقضية الفلسطينية، كانت ومازالت قضية العرب المركزية. واذا كانت كذلك، فإن على الاشقاء العرب

المساهمة في رأب الصدع داخل الاوساط الفلسطينية، دون ان يعني ذلك فرض إملاءات او تجاوز حدود التدخل الاخوي الايجابي.

وهذا ما عكسه البيان الصادر عن لقاء القمة بين الملك عبد الله الثاني والرئيس عبدالفتاح السيسي الاسبوع الماضي في القاهرة 24 آب

الماضي، والذي توقف امام بيان اللجنة المركزية لحركة قبل الاخير، الداعي لتعزيز وحدة ابناء الحركة، والنهوض بدورها، عكس الاهتمام

العربي الرسمي بالقضية الفلسطينية، وبدور الفصيل الاكبر (فتح) لما لذلك من اهمية وطنية وقومية. وتلا ذلك اللقاء الذي جمع وفد قيادي

من اعضاء اللجنة المركزية مكون من خمسة اعضاء، هم الاخوة: عزام  الاحمد، صخر بسيسو، توفيق الطيراوي، جبريل الرجوب

والدكتور محمد اشتية في القاهرة مطلع الاسبوع الحالي مع وفد من الرباعية العربية (مصر، الاردن، السعودية والامارات) وبغض النظر

عن مستوى التمثيل الضعيف لبعض الاشقاء العرب، فإن اللقاء هدف إلى وقوف الاشقاء على اليات العمل لترتيب البيت الفتحاوي اولا،

وتعزيز المشروع الوطني ثانيا، وتطوير الشراكة الفلسطينية العربية في المرحلة المقبلة ثالثا ومحاربة الارهاب الاسلاموي. وبالتالي تشكيل

لوبي عربي لمواجهة تحديات المرحلة الراهنة والقادمة. 

مما لاشك فيه، يعتبرعقد الاجتماع  بحد ذاته يعتبر خطوة بالاتجاه الصحيح، حتى لو سجلت بعض التحفظات هنا او هناك. لان مجرد

الاهتمام بالقضية الفلسطينية، وإيلائها الثقل، الذي تستحق، يعكس مدى الاهتمام العربي. كما ان اللقاء كسر بعض الجمود بين القيادة

الفلسطينية وبعض الاشقاء العرب، وحرك المياة الراكدة داخل حركة فتح، عبر تشكيل اللجنة القيادية لمناقشة طلبات عدد من القياديين

المفصولين للبت بها (عددهم 17). وهو ما يشير إلى الانتقال من حالة الرفض المطلقة إلى حالة جديدة أكثر مرونة واستجابة لمطالب

الاشقاء. غير ان موضوع محمد دحلان لم يطرح لا من قريب او بعيد لا داخل الاجتماع العربي الفلسطيني المشترك، ولا في داخل

إجتماعات اللجنة المركزية. رغم ان ظله موجود، بغض النظر عن رغبات الاعضاء والهيئة عموما.  

  وجرى في اللقاء تبادل المشورة حول العديد من القضايا، التي تهم الساحة الفلسطينية والعلاقات المشتركة العربية العربية. مع ذلك نسي

بعض الاشقاء الفرق بين مستويين من التدخل نتاج الخلط بين التدخل الايجابي لدعم الوحدة الفتحاوية الداخلية وبين طرح رؤى فوقية،

عكست روحا سلبية، لا تستقيم مع الهدف المحدد، الذي عقد الاجتماع من اجله. مع ذلك يفترض التأكيد على البعد الايجابي للاجتماع.

والعمل على المراكمة عليه لتعزيز العلاقات الفلسطينية العربية.