قيود أميركية تضرّ بالتفوق العسكري لإسرائيل

d0c97cf3cdd2c5c7fe3a1d0f8213f727_w800_h400_cp
حجم الخط

في الوقت الذي تناقضت فيه وسائل إعلام إسرائيلية حول مآل المفاوضات بشأن المعونة الأميركية العسكرية لإسرائيل للعقد المقبل، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرنوت» أن اتصالات تجري بين حكومة بنيامين نتنياهو وإدارة أوباما لعقد اجتماع قريب بينهما في البيت الأبيض. وتزداد المخاوف في إسرائيل من أن الإدارة الأميركية قررت على ما يبدو التضييق بشكل واسع على الصادرات العسكرية الإسرائيلية، الأمر الذي يؤثّر جدّياً على تسليح الجيش الإسرائيلي.
وأوضحت «يديعوت» أن ديوان رئاسة الحكومة وسفارة إسرائيل في العاصمة الأميركية تفحصان إمكانية إجراء لقاء بين نتنياهو وأوباما. وبحسب التقديرات، فإن اللقاء، إذا ما تم، فسيَحدُثُ أثناء زيارة نتنياهو للولايات المتحدة لإلقاء خطاب في الجمعية العمومية للأمم المتحدة الذي سيلقيه في 22 أيلول الحالي. ويفترض أن يهبط نتنياهو في نيويورك في 21 أيلول، ويلقي خطابه في اليوم التالي، ثم سيجتمع مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ويلتقي بعدد من رؤساء الدول الأوروبية.
وتقوم السفارة الإسرائيلية في واشنطن بفحص مع البيت الأبيض إمكانية أن يطير نتنياهو من نيويورك إلى واشنطن للاجتماع مع أوباما. واثيرت بين خيارات عدة فكرة أن يوقّع نتنياهو أثناء اللقاء على اتفاقية المعونة العسكرية للعقد المقبل. وكان نتنياهو قد أعرب مؤخراً عن اهتمامه بالتوقيع على اتفاق المعونة قبل نهاية ولاية الرئيس أوباما. وسبق لوزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان أن أعلن أن الاتفاق سيوقّع قبل رأس السنة العبرية الذي يحل هذا العام في الثاني من تشرين أول المقبل.
وتجري الاتصالات لعقد اللقاء بين نتنياهو وأوباما في ظل تزايد الانتقادات الأميركية لسياسة الاستيطان الإسرائيلية. وخلافاً للمواقف الإسرائيلية التي تردّ بعنف على كل انتقاد من جانب دول كثيرة في العالم، صارت إسرائيل تتجنب الردّ على الأميركيين. وكان المتحدث بلسان البيت الأبيض جوش أرنست قد انتقد مؤخراً قرار إسرائيل بالمصادقة على إنشاء مئات الوحدات الاستيطانية في الضفة الغربية، معتبراً أن «هذا توسيع جوهري للنشاط الاستيطاني». وأضاف أن «هذا تهديد جدّي لاحتمالات حل الدولتين».
واعتبرت صحف إسرائيلية أن الاتفاق على المعونة الأميركية ينطوي على أفخاخ زرعت سوف تلحق الضرر الشديد بالصناعات العسكرية الإسرائيلية. ولكن ما لا يقل أهمية عن ذلك، أن إصرار أميركا على الوقف التدريجي لإمكانية استخدام أموال المعونة في شراء منتجات وأسلحة إسرائيلية من أجل صرف كل الأموال في الولايات المتحدة على منتجات أميركية يضر بالصناعات العسكرية الإسرائيلية. ومعروف أن إسرائيل كانت تستخدم ما بين ربع إلى ثلث المعونة الأميركية في شراء أسلحة ومعدات إسرائيلية الصنع ما كان يوفر مورداً ثابتاً للصناعات العسكرية. ولكن هذا سوف يتوقف بعد سنوات جراء الإصرار الأميركي على أن أميركا تدعم صناعاتها وليس صناعات إسرائيل.
ويتوقع معلقون إسرائيليون أن صداماً جديداً يلوح في الأفق مع الإدارة الأميركية جراء ما يعتبرونه سياسة جديدة تنتهجها إدارة أوباما لتقييد الصادرات العسكرية الإسرائيلية. ويقول هؤلاء إن واشنطن صارت تفرض قيوداً على الصادرات الإسرائيلية تلقي ظلالاً قوية من الشك حول قدرة الصناعات العسكرية الإسرائيلية على البقاء في المستقبل، وبالتالي على قدرة إسرائيل في الحفاظ على تفوقها النوعي. وينسب هؤلاء ذلك إلى ما نشره مؤخراً موقع «ديفنس نيوز» الأميركي.
وبحسب الموقع، فإن إدارة أوباما شرعت مؤخراً في تنفيذ سياسة جديدة تتشدد فيها في كل ما يتعلق باستخدام الطائرات من دون طيار لأغراض عسكرية. وبين أمور عدة، تسعى واشنطن لإجبار حلفائها على الالتزام بمعايير معينة في استخدام هذه الطائرات في مكافحة الإرهاب، ومن بينها الحرص على عدم المساس بالسكان المدنيين، وأيضاً عدم بيع هذه الطائرات إلا لجهات تلبي شروطاً معينة.
ويقول منتقدون لأوباما إنه عبر هذه السياسة التي يريد تجسيدها قبل خروجه من البيت الأبيض يرسّخ تراثاً جديداً له كرئيس ليبرالي. ويقول مسؤولون إسرائيليون إن سياسة واشنطن الجديدة قد تضر جداً بإسرائيل التي تعتبر الطائرات من دون طيار إحدى أهم السلع التي تصدرها، فضلاً عن استخدامها الواسع لهذه الطائرات. ويشدد الإسرائيليون على أن سياسة أوباما الجديدة هذه مشكوك فيها، ولا يمكن فرضها على الآخرين، لكنها قد تشلّ جانباً هاماً من الصناعات العسكرية الإسرائيلية.
ومعروف أن هناك توتراً يتزايد بين واشنطن وتل أبيب بسبب التقييدات التي صارت أميركا تفرضها على إنفاق أموال المعونة داخل إسرائيل. وكان القائم بأعمال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي يعقوب بنغل قد فاوض طوال الشهر الماضي من أجل زيادة فترة السماح لإسرائيل في استخدام أموال المعونة. وتصر أميركا على ألا تزيد الفترة عن ست سنوات لتأهيل الصناعات العسكرية الإسرائيلية للتخلي عن أموال المعونة الأميركية، وكان القلق في إسرائيل قد تزايد وبدأ التحذير منه يأخذ طابعاً علنياً. وقال مستشار الأمن القومي السابق، الجنرال يعقوب عاميدرور، إن «قدرة الطائرات من دون طيار حيوية في الحرب ضد الإرهاب. ومن وجهة نظر مهنية، مهم أن نفهم أنه لا بديل للطائرات من دون طيار».
وتهدف أميركا حالياً إلى أن تفرض سياستها الجديدة هذه على دول أخرى في العالم تنتج طائرات من دون طيار. ولكن في إسرائيل يقولون إنه من دون تعاون دول مثل الصين وروسيا وإيران، فإن جدوى هذه السياسة ستكون هامشية. وستظل طائرات هجومية من دون طيار تصل إلى «حزب الله» ومنظمات أخرى في حين أن إسرائيل ودول غربية أخرى ستضطر للتنازل عن أسواقها لأن الدول التي تشتري هذه الطائرات ولا تريد الالتزام بالسياسة الأميركية ستتجه للدول الأخرى المنتجة للطائرات والتي لا تشترط عليها الالتزام.
وقال رئيس مركز أبحاث الفضاء في إسرائيل، طال عنبار، إن «القيود التي تفرضها أميركا على نفسها قادت إلى تزايد انتاج الصين للطائرات من دون طيار. في مجال التصدير العسكري عموماً، وتصدير الطائرات من دون طيار خصوصاً».