القضية الفلسطينية، وملامح شرق أوسط جديد !

سميح شبيب
حجم الخط

لا تزال القضية الفلسطينية، قضية ماثلة في الشؤون الدولية والإقليمية، على حد سواء.
هي قضية عالقة ـ إن جاز التعبير ـ رغم ما سبق لمجلس الأمن، والجمعية العامة للأمم المتحدة ان اصدرته من قرارات متنوعة، عامة ومختصة على حد سواء. عدم تحديد إسرائيل للحدود، وعدم إقرارها بما يقرره مجلس الأمن، بل ونكرانها للشعب الفلسطيني وحقوقه خلال الأعوام 1948 ـ 1993. والتمنّع عن الاستجابة للرأي العام العالمي ومقررات الشرعية الدولية، وقواعد القانون الدولي. الاحتكام للقانون الدولي، والمرجعيات الدولية في هذه الحالة، ومن الناحية العملية، لا يعني إذعان إسرائيل للإرادة الدولية.
المصالح هنا تلعب دوراً أساسياً، وبالتالي فإن إسرائيل لن تذعن للإرادة الدولية، في حال تعارض مصالحها مع تلك الإرادة.
الولايات المتحدة، وأوروبا، قادرتان على الضغط عملياً على إسرائيل، وخلق التناقض اللازم، بين المصلحة الإسرائيلية من جهة، ومن جهة أخرى مخالفة الإرادة الدولية، وهذه القدرة عملياً، ظهرت أميركياً، عبر تاريخ الصراع العربي ـ الإسرائيلي، ثلاث مرات، أولاها عند مشاركة إسرائيل في العدوان الثلاثي، وثانيها، عندما قام النظام العراقي زمن صدام حسين، بقصف تل أبيب بالصواريخ، والضغط الأميركي على إسرائيل بعدم الرد، وثالثها عند عقد مؤتمر مدريد للسلام.
الولايات المتحدة، قادرة على الضغط على إسرائيل، إن هي أرادت ذلك، وأوروبا قادرة أيضاً على ممارسة الضغط على إسرائيل إن هي أرادت ذلك وتجرّأت عليه.
هنالك تغيرات دولية ذات طابع استراتيجي مهم وبارز، باتت تطل برأسها على مشهد الحدث السياسي، معظمها يرتبط، بما يسمى «الربيع العربي»، وما أفرزته الأحداث المرتبطة به، خاصة على الجانب السوري، وما أفرزه من متغيرات بارزة.
هناك تحرك دولي قائم الآن، ويتمثل بالمبادرة الفرنسية، وما ترمي إليه، وباللقاء المزمع عقده، في موسكو، برعاية الرئيس بوتين، ما بين الرئيس محمود عباس (أبو مازن) ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وللحدثين أهمية خاصة وفائقة، لاعتبارات استثنائية كون المبادرة الفرنسية، تحمل في طياتها دعوة لعقد مؤتمر دولي للسلام، ولكون اللقاء في موسكو، يأتي في سياقات الدور الروسي الجديد في الشرق الأوسط.
لا تتوقع الأوساط السياسية، من إسرائيل استجابة واضحة، قد تحمل في ثناياها، متغيرات بالموقف الإسرائيلي، خاصة على صعيد وقف الاستيطان، وحلّ الدولتين، ولعلّ ما يفسر ذلك، ازدياد حدة التصريحات الإسرائيلية، خاصة من ليبرمان، فيما يتعلق برسم أي آفاق لحلول قادمة. لكن هذه التصريحات الإسرائيلية، فيما إذا قمنا بوضعها في سياق ومجريات الأحداث في الشرق الأوسط، فإنه ليس صعباً على الإطلاق، أن نرى بريق زيفها، وبعدها الدعاوي، وليس الحقيقي ـ الجوهري في الأمر.
هنالك قضايا دولية، فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، باتت واضحة أشدّ الوضوح، وأبرزها الاستيطان، وتبني حكومة نتنياهو لسياسات الاستيطان، بل وتبنيها، وهذا الأمر، لم يعد مقبولاً لا دولياً ولا إقليمياً، بل انه بات غير قابلٍ للاستمرار على أي حال.
إضافة إلى ذلك، وبعدما وصلت الأمور التفاوضية بين إسرائيل و م.ت.ف إلى طريق مسدود، بات ما هو قائم غير قابل للاستمرار على أي حال.
هنالك وقائع جديدة في الشرق الأوسط، خاصة وأن صيغ التحالفات باتت مختلفة، وبالتالي فلا بد من تغيير فيما هو قائم على ضوء ما ستنتهي إليه الأزمة السورية من نتائج، وآفاقها باتت واضحة، سيتم إرساء قواعد جديدة في الشرق الأوسط، وعلى الأغلب والمتوقع فإن تخوم وآفاق تلك القواعد الجديدة، سترسم في ملامحها الأولية في لقاء موسكو، ما بين الرئيس محمود عباس (أبو مازن) ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو!