وطن واحد .. شعب واحد

e3c774f6-0639-4e9d-8839-471247b0969e
حجم الخط
 

الشعب العربي الفلسطيني منذ تبلورت هويته الوطنية في خضم الدفاع عن الذات الجامعة، وعن الارض والجغرافيا الموحدة لكيانيتة امام الحملات الاستعمارية المتعاقبة على مدار حقب التاريخ وحتى يوم الدنيا هذا، التي اسهمت في تكوين وتجسيد الشخصية الوطنية، والملامح الثقافية الخاصة، وهو يعكس وحدة نسيج ابنائه من مختلف الاديان السماوية والطوائف والمذاهب والفرق والمدارس الفكرية والسياسية. وفشلت كل المحاولات في تفتيت وحدة الارض والشعب، رغم الاستعمار الاسرائيلي والانقلاب الحمساوي. ولا يمكن لاي مراقب بما في ذلك داخل اوساط الاعداء الاسرائيليين، الحديث عن الشعب الفلسطيني دون الاقرار بوحدة ابنائه من اتباع الديانات والطوائف والفرق الوضعية المختلفة. مع ان إسرائيل وقواها السياسية والامنية والثقافية ما فتئت تعمل على تفتيت وشرذمة الشعب الفلسطيني، واستخدمت مبدأ "فرق تسد"، ولم تنجح. وحتى قوى الانقلاب الاسلاموية والجماعات التكفيرية، التي أنشبت مخالبها في جسد الشعب، ونجحت في إنقلابها الاسود على مدار السنوات العشر الماضية، إلآ انها فشلت في تحقيق المآرب القهرية الرجعية. مع انها قامت بعد الانقلاب في قطاع غزة اواسط حزيران 2007 بقتل العديد من اتباع الديانة المسيحية، منهم الشهيد رامي عياد وغيره، وحرق جمعية الشبان المسيحية، وقصف دير ومدرسة اللاتين الكاثوليك في حارة الزيتون، وأجبرت إمرأة وبناتها على تبني الدين الاسلامي ... إلخ من الجرائم، ومع ذلك لم تنجح في تحقيق ما ترمي اليه لا هي ولا التنظيم الدولي للاخوان المسلمين ولا إسرائيل الاستعمارية واميركا راعية الارهاب الدولاني المنظم.

ولا يمكن رؤية التكوين الديمغرافي للشعب العربي الفلسطيني دون وجود ابناء الشعب من اتباع الديانة المسيحية. وكما قال الرئيس محمود عباس"المسيحيون الفلسطينيون، هم ملح الارض". وكما قال المرء  في العديد المقالات ذات الصلة، كان السيد المسيح، عيسى ابن مريم عليه السلام، الشهيد الفلسطيني الاول، الذي صلبه اليهود او شُّبه لهم بانهم صلبوه. وهو ولد لام فلسطينية، وترعرع في فلسطين، ونشر اول ما نشر تعاليم دعوته لديانته المسيحية (العهد الجديد) في فلسطين، واقيمت اهم واعظم كنائس الارض المسيحية في الناصرة البشارة، وفي بيت لحم المهد، وفي القدس القيامة وغيرها من الكنائس ذات القيمة والمكانة التاريخية. بالتالي لا يمكن الحديث عن فلسطين، دون الحديث عن المسيحية والمسيحيين. ولا تكون فلسطين دون كنائسها ومسيحييها. وهذا لا ينتقص من الدين الاسلامي ومكانة المسلمين ولا من مكانة اليهود السمرة واتباع الفرق والمدارس الوضعية الاخرى. ففلسطين كانت، وتكون دائما اجمل واروع واكثر متانة وقوة بوحدة ابنائها ونسيجهم الاجتماعي والوطني والثقافي.

ولا مجال لكائن من كان الانتقاص من قيمة ومكانة ابناء الشعب الفلسطيني من المسيحيين. ويخطىء من يحاول التلاعب على الالفاض لتمرير مواقف لا تمت للواقع وللوطنية الفلسطينية بصلة. وعلى من ارتكب الخطأ او الخطيئة الاعتراف بذلك. والاعتذار عما بدر منه. ولا يجوز الانتظار طويلا. لان لا احد يستهدف هنا التصيد لاحد. ولكن على اي قائد ان يفكر الف مرة قبل ان ينطق بكل كلمة. لان الكلمة ذات دلالات ومعاني وانعكاسات اجتماعية وسياسية، فإن خرجت لا تعود. وحتى الاعتذار احيانا لا يغفر لصاحبه الهفوة او الافراط في استسهال القاء الكلام على عواهنه. الكلمة مسؤولية. والكلمة موقف. والشعب الفلسطيني كان وسيبقي واحدا وموحدا بكل مكوناته الدينية والسياسية الفكرية. كما ستبقى الارض الفلسطينية واحدة، تحمل روايتها من جيل إلى جيل لتعمق وتجذر عملية الانتماء لها وللشعب الفلسطيني العربي. فهل يدرك المعنيون اهمية الاعتذار قبل فوات الاوان؟