الرؤية الأمريكية للقضية الفلسطينية يسودها الانحياز الكامل للاحتلال الإسرائيلي، وبين اليسار واليمين الإسرائيلي تتمايل الانتخابات الأمريكية بما يرافقها من زخم في التصريحات والمواقف، سواء من جانب البرنامج الجمهوري أو الديمقراطي، فكل منهما يرتكز على مصالحه في حشد الأصوات "اليهودية"، ولا أجد فرقا كبيرا بين البرنامجين، فالأول الجمهوري لا يعترف بوجود فلسطين على خارطة الكون، ويعتبر القدس العاصمة الأبدية لــ"اسرائيل"، ويتطرف باتجاه معاقبة كل فلسطيني بل كل دولة في العالم اتجهت نحو الاعتراف بالوجود الفلسطيني، وبالجانب الأخر وفي مسألة القدس يرفض الاعتراف بها عاصمة للدولة الفلسطينية، وفي نفس الوقت لا يطلق عبارة الجمهوريين، بل يعتبرها "محل نزاع قائم يحل بالمفاوضات النهائية"، ولكنه يعتبرها عاصمة للدولة الإسرائيلية "فقط".
بكل تأكيد أن العالم غرق في تفاصيل شيطانية زرعت في الشرق الأوسط، بحيث أصبح يعاني من تهديد مصالحه الاستيراتيجية والحيوية، وبالتالي فإن استمرار الإدارة الأمريكية بلعب دور "القوة الكونية المطلقة" يعني وصول المنطقة كاملة خلال سنوات قليلة الى وضع كارثي واستمرار الصراع الذي سرعان ما يتحول الى ايدلوجي وعنيف.
ان السياسات الدولية عامة والأمريكية خاصة عملت منذ اكثر من عشرين عاما على تفتيت النظام العربي الرسمي وأحدث شروخات واضحة بين الدول العربية، وبل مزقت النسيج الكامل لدول الجوار، ودخلت دول الإقليم كقوة عظمي امام الدول العربية التي كانت قوية بما يحدث توازن في المنطقة " العراق مثالا"، وهذا كله أدى الى الضرر الكامل بقوة القضية الفلسطينية ومدى التضامن العربي الرسمي والشعبي مع القضية والواقع الفلسطيني، الذي تم إخضاعه الى الحصار المستمر واستمرار العدوان العسكري وإنهاك قدرة المواطن الفلسطيني وتدمير كل مقومات التنمية والنهوض المجتمعي.
وينظر اليوم الى إمكانية عودة "روسيا" لكي تلعب دورا محوريا وقويا في إيجاد مخرج آمن للقضية الفلسطينية، واستثمار الفرصة المواتية لإعادة صياغة أوضاع المنطقة، ووضع آليات مغايرة لما تفرضه أمريكا على القيادة الفلسطينية، وهذا يساعد في عودة مكانتها ودورها على الصعيد الدولي.
ملاحظة: خطاب الرئيس محمود عباس الأخير حدد معالم القرار الفلسطيني المستقل، وطبيعة المرحلة القادمة.