هذا ما كتبتُه في حينه، آسفاً لعدم التواضع، في كانون الاول 2004: «حقيقة أن ايهود باراك هو الوحيد الذي يعبر عن أمل معين، مخيبة للآمال». بعد ذلك بثلاث سنوات انجررت أكثر: «باراك فقط». وبعد اربع سنوات تملكني الرأي: «باراك يضر أكثر من ليبرمان، وهو خطير أكثر من نتنياهو». وبعد ذلك بعامين: «في منتصف الشتاء سيعود الينا من جديد، الى الطريق ذاتها، الى الصعوبات ذاتها، الى الطريق ذاتها، الى الصعوبات ذاتها، فقط اذا تمت دعوته». الآن تم اغلاق الدائرة: أجد نفسي أكتب من جديد، وهذا لا يُصدق، أكتب ما كتبته قبل دزينة من السنين: ايهود باراك هو الأمل الوحيد، وهذه الحقيقة مُخيبة للآمال. هذه الجملة ما زالت سارية – ما الذي يخيب الآمال (ويبعث على الأمل) أكثر من ذلك؟
رئيس حكومة فاشل شغل منصبا لفترة قصيرة فقط، ساهم في تحطيم معسكر السلام، ونشر كذبة أنه لا يوجد شريك، خان أصدقاءه، أشعل الانتفاضة الثانية – هو ليس الأمل فقط، بل هو الأمل الوحيد. الرجل الذي وعد بفجر يوم جديد في العام 1990 وخيب الآمال، يظهر من جديد كمصدر للأمل.
تشير الامور الى طبيعة السياسة الاسرائيلية أكثر مما تشير الى الكاتب أو الى باراك. في دولة الأقزام، باراك هو مارد. في دولة الثرثارين الصغار، بين كاتس (اسرائيل) وكاتس (حاييم) هو الذي يضيء. عندما يكون الخيار بين نتنياهو ولبيد فان باراك هو الأمل، أمل مع ذقن، لكنه الأمل الوحيد. لذلك هو ملزم بأن يرشح نفسه، مثلما تطلب منه الآن اللافتات في جميع زوايا الشوارع، التي قد يكون هو الذي وضعها. ظهوره مؤخرا في وسائل الاعلام يلفه الغموض، مثل شخصية اسطورية، تظهر وتختفي كما تظهر، صوت من الماضي وتذكير بالحاضر، أين هو وأين الآخرين؟ إنه يُدخل معيارا جديدا: عندما يظهر، يتقلص الآخرون، تخيلوا لبيد، مثل عوديد منشه على سبيل المثال، يذهب من اجل حسم مصيري. والآن تخيلوا باراك، جميع اخطائه التي لا حصر لها، ستصبح بيضاء مثل الثلج أمام المرشحين الآخرين.
نتنياهو، ومن مقابله؟ اسحق هرتسوغ، الذي بدأ يعمل في الآونة الاخيرة كمن يُبلغ عن الازمات المرورية في رمات هحيال وكمن يرسل التعزية للشعوب التي تتعرض للكوارث الطبيعية («تعزية وعناق لشعب ايطاليا»)؟ لبيد ينظم احتفالات المشاهدين من ميدان فالنبرغ في ستوكهولم ويوقع على العرائض الغبية في تشيكوسلوفاكيا؟ غابي اشكنازي؟ ارئيل مرغلبيت، بحق الجحيم؟ عامير بيرتس وشيلي يحيموفيتش، اللذان يستحقان الاحترام، لكن لن يتم انتخابهما؟ يحتمل أن باراك لن ينتخب أيضا، ولكن خلافا للآخرين، فان انتخابه قد يبشر بخطوة جريئة لن يتجرأ أحد على اتخاذها أبدا.
هذا هو سر قوته. الشخص الذي فهم أنه لا يمكن اجتياز الهاوية بأكثر من قفزة واحدة، قد يحاول القفز مرة اخرى، ولو من اجل ابقاء بصمة. لقد حاول ذات مرة، وليس واضحا ما هي الدوافع، لكن باستثناء الانسحاب الدراماتيكي من لبنان فقد كانت النتائج مدمرة. أسلافه وورثته حتى لم يحاولوا . حاول صنع السلام مع سورية وتراجع، حاول صنع السلام مع الفلسطينيين وقام باحراق النادي، لكنه حاول ويمكن أن يحاول مجددا.
إنه لامع بالطبع وخائن ومتشدد، لم يبق له حلفاء في الساحة السياسية، وهذا بفضله. عودته، وهو في جيل الـ 74، تبدو غير محتملة، لكن غير المحتمل أكثر هو الاستمرار في المراوحة اليائسة في الطريق الى لامكان أو الى الكارثة.
اسحق رابين كان رئيسا جيدا للحكومة أكثر في ولايته الثانية. ويمكن أن يكون باراك كذلك. لقد كانت 15 سنة بين ولايتي رابين، ومرت 15 سنة منذ ولاية باراك الاولى. حان الوقت للعودة، إنه الأمل الوحيد، ومن غيره؟ هذا مخيب للآمال. وها أنا أكتب ذلك مرة اخرى.