ينبغي الاعتراف بالحقيقة: لا يمكن لأحد في جهاز الامن أن يشرح لماذا اندلعت في نهاية الاسبوع الاخير بالذات موجة من خمس عمليات متواصلة في مناطق مختلفة.
ولكننا مرة اخرى تلقينا تذكيراً بحقيقة أن الهدوء في الضفة مؤخرا هو هدوء وهمي، تحته لهيب يعتمل لدى جيل شاب مستعد ليخرج لتنفيذ عمليات.
عمليات الأفراد الأخيرة هي مجرد طرف الجبل الجليدي، وهي ليست التهديد المركزي، المتصاعد، الذي حددته المخابرات في السنة الاخيرة: عمليات بإلهام "داعش"، ولا سيما في منطقة القدس وفي شمال "السامرة".
عشرات الشباب الذين اعتقلتهم المخابرات، هذه السنة، خططوا لتنفيذ عمليات بالأسلوب الذي رأيناه، مؤخراً، في أوروبا، مثل اطلاق النار بلا تمييز في التجمعات السكانية، منفذون انتحاريون، عمليات دهس مثل الشاحنة في نيس في فرنسا.
في السنوات الماضية بحث هؤلاء الشبان عن سبيل للوصول إلى سورية.
في الفترة الاخيرة كانت الطريق إلى سورية مغلقة، وهم يجدون تنفيساً في خطط العمليات داخل اسرائيل. وهم أكثر تزمتا من رجال "حماس".
وهذه لم تعد مواجهة مع الساحة الخلفية للارهاب في "المناطق"، حيث إن "داعش" يأتينا من البوابة الرئيسة.
لا ترتبط أحداث نهاية الاسبوع بـ "داعش"، ولكنها ضوء تحذير يحظر الاستخفاف به. فأحد السيناريوهات المعقولة لانفجار المواجهة المسلحة بين اسرائيل وأعدائها يبدأ بموجة عنف في الضفة أو في القدس، ينتقل إلى قطاع غزة، والى مواجهة عسكرية مع القطاع، ومن هناك تشتعل أيضا جبهة لبنان.
عندما يتحدث قائد الجبهة الداخلية عن سقوط 2300 صاروخ في اليوم على اسرائيل، فان ذاك المنفذ الفرد لعملية في الخليل من شأنه أن يكون – حسب سيناريو التدهور لدى الجيش الاسرائيلي – هو المحفز لسلسلة التفجير.
كان يخيل أن موجة عمليات الافراد، التي بدأت في رأس السنة، في 1 تشرين الاول 2015، توقفت في نيسان الماضي.
في 2015 سجل 2.563 عملية، في 2016 حتى منتصف ايلول سجل 1.030 عملية، ونحو 500 عملية في تشرين الاول في 2015 حتى نحو 80 عملية في آب الماضي.
يبدو أن المخابرات والجيش وجدوا الصيغة. ضمن امور اخرى أدى التطور الدراماتيكي في القدرات للتسلل إلى الشبكات الاجتماعية الى انجاز غير مسبوق: فقد نجحت المخابرات في أن تحدد وتعتقل نحو 70 في المئة من المنفذين الافراد المحتملين للعمليات، ممن أدانوا أنفسهم في البلاغات وفي الثرثرات.
كما أن الجيش غير تقنية العثور على هؤلاء المنفذين على المحاور وفي الحواجز، ما يسمح للجنود بأن يدققوا في التشخيص بين منفذ العملية والمواطن البريء.
هكذا، في النصف الاول من العام 2016 أُحبطت 373 عملية، منها 160 عملية طعن، مقابل 342 احباطا على مدى العام 2015. فالمخابرات والجيش الاسرائيلي يعتقلون نحو 60 فلسطينيا كل اسبوع، ومعظمهم ان لم يكونوا كلهم يرسلون الى التحقيقات والاعتقالات الإدارية. ولا يزال، في كل نقطة زمنية تصل اخطارات عن 50 – 60 منفذا محتملا فردا لعملية. في الضفة تتراكض اليوم نحو 15 خلية محلية نفذت أو توشك على تنفيذ عمليات إطلاق نار.
هذه الخلايا، التي يستند بعضها إلى شبكات "حماس"، هي إمكانية كامنة للعمليات في الأيام والأعياد القريبة القادمة.
صيغة الجيش والمخابرات لن توقف الميدان اذا ما نضجت الظروف السياسية – الاقتصادية – الحزبية الى درجة الانفجار.
فحين تتهم السلطة الفلسطينية اسرائيل اليوم بقتل خمسة منفذين، فان هذا تحريض من شأنه أن يشعل الميدان.
"حماس" هي الأخرى تبذل جهداً لإثارة الميدان، بينما في الخلفية توجد حملة انتخابات فلسطينية داخلية من شأنها هي أيضا أن تتفجر.
ككابح أمام التحريض في الجانب الفلسطيني يوجد حاليا قرار اسرائيلي بعدم المس بالسكان بجموعهم. وبالفعل في اعقاب سلسلة العمليات الاخيرة في منطقة الخليل نفذ الجيش الاسرائيلي اعمالاً فيها حد ادنى من العقاب الجماعي.
فقد فرض الاغلاق فقط على بلدة بني نعيم، حيث خرج منفذا عملية محاولة الدهس.
ووصلت القوات الى منازل المنفذين الاخيرين لغرض التحقيق، ولكن الميدان لم يغرق الا بكتيبة واحدة جاءت لتعزز القوات في منطقة الخليل.